جاسبر كونران و«مالبوري» يتوجهان إلى امرأة أرستقراطية

«إيسا».. مصممة كيت ميدلتون المفضلة تقدم تشكيلة زادتها مجوهرات نور فارس بريقا

TT

منذ اليوم الأول لانطلاقة أسبوع لندن وماكينة التأويلات والتوقعات لا تتوقف، وكان أغلبها يدور حول تأثير كيت ميدلتون، خطيبة الأمير ويليام، على هذا الموسم، وتحديدا حول ماذا ستقدمه مصممتها المفضلة دانييلا إيسا هيلايل من جديد. الأمر كان طبيعيا، بحكم أن حفل زفافها على الأبواب، وبحكم أن الموضة تتعلق دائما بأيقونة تشعل حماسها، وهذا ما وجدته في كيت، ابنة الشعب التي ستتزوج أميرا. وطبعا زاد الحديث عن هذا الموضوع يوم السبت، لأنه اليوم الذي شهد عرض المصممة دانييلا هيلايل، مؤسسة ماركة «إيسا» التي ظهرت كيت ميدلتون في فستان أزرق من تصميمها يوم خطبتها. للدلالة على أهمية العرض هذا الموسم، كان الحصول على بطاقة دعوة أصعب من أي وقت مضى، واحتاج إلى الكثير من الدبلوماسية والتدخلات. ويقال إن حجم الطلبات على دعوات لحضور عرضها هذه المرة كان أكبر من حجم الطلبات على عرض كريستوفر كاين، و«بيربيري» التي ظلت لموسمين الطفل المدلل للأسبوع. وليس ببعيد أن حضور مشترين من متاجر أميركية كبيرة مثل «نيمان آند ماركوس» و«بيرغدوف» لأول مرة، مرده هوس الأميركيين عموما بالأميرة الآتية، وهذا يعني اهتماما أكبر بعرض «إيسا» وماذا يمكن أن تختار كيت منه. من جهتها تعترف دانييلا بأن مبيعاتها شهدت ارتفاعا بنسبة 45% منذ ظهور كيت بفستانها الأزرق، الأمر الذي أدى إلى نفاد الفستان، واستدعى تقليده من قبل محلات أرخص لتلبية رغبات فتيات صغيرات لهن إمكانيات صغيرة وأحلام كبيرة.

والمثير أن «إيسا» لم تكن نكرة من قبل، حيث تعرفها المخمليات ونجمات السينما ويتعاملن معها باستمرار، وعلى رأسهن النجمة مادونا، إلا أنها كانت تحتاج إلى دفعة تضعها في الواجهة بشكل عالمي، وهذا ما حققته لها كيت ميدلتون بين ليلة وضحاها، بمجرد ظهورها بذلك الفستان الأزرق وهي تتأبط ذراع الأمير الوسيم. فقد تغيرت الصورة تماما، بحيث ارتفعت أسهم كيت بشكل صاروخي كأيقونة موضة جديدة، ورفعت معها أسهم مصممتها المفضلة دانييلا.

التشكيلة التي قدمتها كانت تحمل كل بصماتها التي تخاطب امرأة عصرية تريد أن تنتقل من مناسبات النهار إلى المساء بخفة ومن دون تعقيدات. أما هي فقالت إنها غاصت في أرشيفها وعادت إليه، مما يفسر ثورة الألوان ونقوشات الطواويس التي طبعت تصاميم أنثوية محددة من الجيرسيه أصبحت ماركتها المسجلة. ويبدو أيضا تأثير مسقط رأسها، البرازيل، واضحا هنا، على الأقل من حيث الألوان، التي غلبت عليها درجات العنبر والأحمر والأخضر الأمازوني والمعادن المتنوعة، التي تراقصت على نغمات الديسكو من السبعينات. لكن اللافت أيضا في العرض كان المجوهرات، التي لعبت دورا كبيرا، وكادت تنافسها بريقا وجمالا. فسواء كانت الفساتين قصيرة أو طويلة، بياقات عالية أو مفتوحة عند الصدر أو الظهر، بأكمام طويلة أو من دونها، فإن المجوهرات كانت حاضرة بقوة لتزين الآذان من خلال أقراط كبيرة، أو العنق أو الظهر أو معاصم اليد، بل وتم استعمال بعضها كأحزمة أيضا. وليس غريبا أن تستعملها «إيسا» بهذا الكم، فهي مبتكرة أضافت الكثير من الرقي على عرضها، ليس لأنها تلمع بل لأن تصاميمها مبتكرة وحديثة، من إبداع مصممة شابة لا تقل إبداعا، هي اللبنانية نور فارس. ولا شك أن التناغم بين الأزياء والمجوهرات كان كبيرا، إلى حد أنه لا يمكن تصور الأولى من دون الثانية في الكثير من الحالات.

درست دانييلا في مسقط رأسها بريو دي جانيرو قبل أن تنتقل إلى نيويورك للتدريب في مجال الموضة. وفي عام 2000 وصلت إلى لندن لتطلق خطها «إيسا»، وأول عرض لها كان في عام 2003. ورغم أنها أثارت إعجاب الطبقات المخملية وفتيات المجتمع البريطانيات، مثل ابنتي دوق يورك، الأميرتين بياتريس وأوجيني، وغيرهما من نجمات السينما، فإن ضربة الحظ كانت مع ابنة الشعب كيت ميدلتون التي تحولت إلى سندريلا العصر بزواجها بالأمير الوسيم. ودانييلا نفسها تعتبر فتاة مجتمع، إن صح القول، فهي تعيش في منطقة تشيلسي الراقية، ولها علاقات كثيرة مع فتيات المجتمع اللائي يحضرن حفلاتها وتحضر حفلاتهن، الأمر الذي ساعد في دفعها إلى الواجهة بسرعة، رغم أن أسلوبها لا يعبر عن أسلوب لندن المعروف بجنونه وجرأته وشطحاته. فأسلوبها في المقابل يركز على فساتين أنيقة وأنثوية تراعي جسم المرأة وتعمل على إخفاء عيوبه. وهي نفسها اعترفت في إحدى المقابلات بأنها تصمم أزياء لامرأة مثلها «امرأة تعتقد أنها بدينة. فمن السهل تصميم أزياء لعارضات نحيفات ورشيقات، لكني أفضل أن أصمم لامرأة بمقاييس عادية». وفعلا فالأمر ليس مجرد كلام بالنسبة لها، بدليل أنها أرسلت يوم السبت العارضة الأربعينية ياسمين لوبون (46 عاما)، التي بدا واضحا أنها اكتسبت الكثير من الكيلوغرامات، كما استعانت بالعارضة البرازيلية المخضرمة أندريا ديلاييل، لتقول إن أزياءها لا تعترف بسن أو مقاس.

لكن لا يضر طبعا أن تقبل عليها نساء غير عاديات مثل مادونا التي طلبت من المصممة مجموعة أزياء لفيلمها القادم الذي ستلعب فيه دور «سيمبسون».

وعلى نغمات أغنية شهيرة لنينا سيمون بعنوان «حبيبي لا يهتم سوى بي» (ماي بيبي تجاست كايرز فور مي)، بدأ عرض «هاوس أوف هنري هولاند» بعد عرض «إيسا» مباشرة، لكنه كان في مستوى التحدي والمقارنة، لأنه أخذنا إلى أجواء مختلفة خاطب فيها أيضا زبونة مختلفة. وجهته كانت حقبة الخمسينات من القرن الماضي، بألوان ساطعة يتحدى بها كآبة الشتاء، وإن لم ينس أن المرأة تحتاج إلى بعض الدفء، الأمر الذي لباه بخلطه التويد مع الصوف. أما من حيث التصاميم فهي تخاطب فتاة شابة تريد أن تلهو وتلعب بالموضة أكثر من أي شيء آخر، بحيث جمعت الشقاوة بالقوة، خصوصا في مزج الخامات المتناقضة والألوان المتضاربة مثل الوردي مع البرتقالي.

في صباح يوم أمس أقامت دار «مالبوري» البريطانية عرضها في فندق الكلاريدجيز، في دلالة واضحة على أن هذه الدار التي تأسست وشبت على صناعة الجلديات واشتهرت أكثر بحقائبها، بدأت تولي اهتماما أكبر لخط الأزياء، ولا تريد أن تتأخر عن الركب، خصوصا أن مصممتها إيما هيل، تعرف ما تريده المرأة. وبالفعل فقد نجحت إلى حد كبير في تقديم تشكيلة مستوحاة من الريف الإنجليزي، وقد تكون موجهة للمرأة الأرستقراطية، إلا أنها تداعب خيال أي امرأة أينما كانت، بمعاطفها المتنوعة الموجهة لكل أنواع الطقس، حسب كلمات الأغنية التي كانت تصدح على خلفية العرض. ورغم أناقة التشكيلة، تصاميم وألوانا، فإن الدار لم تتنكر لجذورها، وأرسلت مجموعة من الحقائب الكبيرة الحجم، حتى لا تستطيع العين تجاهلها، رغم أنها لم تكن تحتاج إلى الحجم لكي تثير الإعجاب. فقد أكدت فيها الدار براعتها وقدرتها على إبقاء حلم الحقيبة حيا.

من جهته، قدم جاسبر كونران تشكيلة تعبر عن التفرد والتميز، حسبما قال، لعب فيها على مفهوم الذكورة والأنوثة بجرعات خفيفة لا تصدم العين. ألوان الأبيض والأسود غلبت على المجموعة الأولى التي جاءت مطبوعة بنقوشات هندسية ومكعبات، لتتوالى بعدها قطع أخرى تلونت بدرجات النيلي والبني، بما فيه ألوان بهارات مثل القرفة والكمون، مما أضفى عليها دفئا، خصوصا في ما يتعلق بالفساتين ذات الأطوال القصيرة نوعا ما. تجدر الإشارة إلى أن هذا الطول كان نادرا في باقي العروض التي كان فيها الـ«ماكسي» قويا. لكنه تفادى أن يكون نشازا باستعماله جوارب سميكة معها، الأمر الذي كان شبه مفاجأة ستسر بعض من تعودن على هذه التصاميم والجوارب، خصوصا أن الكثيرات خرجن من عرض «مالبوري» يغلبهن شعور بأن الوقت قد حان لوداع الجوارب السميكة بعد أن انتفت الحاجة إليها في ظل اختفاء الـ«ميني»، وأن الجوارب التي تغطي الساق فقط ستحل محلها، لكن جاسبر كونران أعادها إلينا مشكورا. فقد ظهرت الجوارب السميكة، مع فساتين منسابة على شكل «ترابيز» توحي بالانطلاق والحرية طرز بعضها بالخرز والترتر، كما مع فساتين من الصوف محددة على الجسم مشدودة بحزام يزينها من تحت الخصر، في إيحاءات مستلهمة من الستينات. أما للمساء، فكانت هناك فساتين أنيقة جدا، أكدت قدرته على التفصيل والابتكار في الوقت ذاته، وتخاطب طبقات مخملية بالدرجة الأولى.. طبقات لا تتمتع بالمال فحسب، بل أيضا بالذوق والثقة.. فكيت ميدلتون على ما يبدو تؤثر على هذا الموسم ولو بشكل غير مباشر.