دار «دانهيل».. عالم رجالي خاص جدا

خارجها يشي بالأرستقراطية وداخلها يتنفس الأناقة النخبوية

TT

لم يكذب الكاتب الإنجليزي الكبير، صامويل جونسون، عندما قال: «إذا تعبت من لندن، فقد تعبت من الحياة»؛ لأنها تضج بالحيوية التي تنتقل عدواها إليك من دون أن تحس، كل شارع فيها يتفرع ليكشف عن وجه آخر خفي، لا يعرف به سوى قلة تتمنى لو تبقيه سرا حتى لا يزاحمها فيه أحد. وجه قد يكون عبارة عن مجموعة محلات جديدة، تحتضن بين جوانبها تحفا مصنوعة من المعادن النفيسة والماس والأحجار، أو منسوجة بأقمشة مترفة، وليس أدل على هذا من منطقة مايفير، التي اكتسبت سمعة طيبة في فترة قصيرة كوجهة للتسوق. «مايفير» الراقية لا تبعد عن منطقة الـ«بيكاديلي» وأكاديمية الفنون إلا بدقائق، ولا عن شارع «أوكسفورد ستريت» المكتظ دائما بالمتسوقين الباحثين عن قطع أنيقة، أو صرعات مجنونة بأسعار معقولة، أو عن «بوند ستريت»، بشقيه، القديم والجديد (أولد بوند ستريت ونيو بوند ستريت) وما يضمه من محلات أنيقة ومجوهرات ثمينة. لكن الجهة الثانية من منطقة «مايفير» هي التي بدأت تتسلل منذ سنوات للواجهة؛ لتضمن لها مكانة لم يعد يمكن تجاهلها، فهي أيضا تتمتع بشوارع أخطبوطية متفرعة لا بد من استكشافها، فهنا يقع شارع «ماونت ستريت» الذي يضم أسماء عالمية، مثل «كريستيان لوبوتان» و«بالنسياغا» و«أنيك غوتال»، و«مارك جايكوبس»، وهنا أيضا يقع «ساوث أودلي ستريت» بمحلاته الأنيقة، و«البيمارل» بمعارضه الفنية وغيرهما، لكن الأهم من كل هذا أن الجولة في هذه الجهة، لا بد أن تأخذك إلى «ديفيز ستريت»، وهنا في ركن مميز لا بد أن تستوقفك بناية كل ما فيها ينبض بأرستقراطية أيام زمان، لكن بأسلوب عصري، هذه البناية هي «ميزون ألفريد دانهيل» التي لا يزال البعض يطلق عليها اسم «بوردون هاوس»، لأنها التسمية التي كانت تعرف بها عندما كان يقطنها دوق ويستمنستر سابقا. المبنى الجيورجي يبدو كأي مبنى أرستقراطي من الخارج، بحديقته الصغيرة، التي تدعوك لدخوله، وما إن تفعل حتى تتفاجأ بعالم خاص جدا، يزخر بكل ما يتوق له الرجل الأنيق من تصاميم وتسلية وخدمات، فالفكرة التي يقوم عليها أن لا يشي الخارج بما في الداخل، فهو يخاطب شرائح النخبة فقط، وبالتالي يريد أن يحافظ على خصوصيته، صحيح أن المحلات هنا مفتوحة للجميع، سواء ممن يريدون شراء موضة جاهزة وهدايا، أو تفصيل قطع على المقاس، إلا أن الحصول على عضوية فيه يحتاج إلى خطوات كثيرة ولا بأس من تزكية، لكن حتى إذا لم تكن سيدي الرجل عضوا، فإن الدار بمساحتها التي تقدر بـ18000 قدم مربع، وطوابقها المتعددة، ستفتح لك أبوابها طوال الأسبوع لتدخل عالم الترف ولو لساعات. أول ما يواجهك عند الدخول، قسم الأزياء الرجالية، وإكسسوارات الجلود، والأجهزة التقنية، والأقلام النادرة التي يمكن أن تكون هدايا رائعة. من هنا، تؤدي السلالم إلى الطابق الأسفل، حيث يوجد المطعم، وقاعة سينما تسع 12 شخصا يعرض فيها آخر الأفلام، كما يمكن فيها متابعة مباريات رياضية مختلفة، وتعتبر بمثابة واحة لأعضاء الدار ممن يريدون الراحة بعيدا عن ضوضاء الخارج. في نفس الطابق يوجد المطعم المفتوح طوال اليوم ليلبي رغبات زبائنه ككل. أما إذا أخذت السلم إلى الطابق الثاني، فستجد قسم التفصيل، هنا كل شيء يمكن أن يفصل على المقاس وحسب الذوق الخاص، سواء تعلق الأمر ببذلة أو بحقيبة سفر أو محفظة صغيرة. يوجد بهذا الطابق أيضا حلاق «تقليدي»، ومنتجع صحي، يمكن أن يكون الوحيد الذي يخاطب المرأة بخدماته المتنوعة، حيث يمكنها أن تلجأ له في الوقت الذي يكون فيه الزوج منشغلا بالتفصيل أو إجراء قياسات، لكن يبقى هذا البيت رجاليا بنسبة 99 في المائة، يحصل فيه الرجل على كل ما يمكن أن تهفو إليه نفسه، بدءا من لقاء أعضاء وأصدقاء يتسامرون وهم يدخنون أجود أنواع السيجار، إلى تفصيل أكثر البذلات والحقائب أناقة، لأن كل شيء مصمم وهو نصب العين، تماشيا مع تاريخ الدار الأرستقراطي، الذي يخاطب الرجل الـ«جنتلمان» والأنيق.

«بلايزر» كامديبو.. لكل المواسم والمناسبات

* في وقت أصبح فيه الرجل العارف يريد قطعا أقرب إلى الاستثمار منها إلى الموضة، فإن التصميم وحده لا يكفي، بل يجب الأخذ بعين الاعتبار نوعية القماش، وهذا ما انتبهت له دار «دانهيل» من خلال قطعة أيقونة ترتبط بها، وهي سترة (بلايزر) كامديبو المصنوعة من أجود أنواع الموهير. والحق أنه إذا كان للمرأة فستانها الأسود الناعم الذي لا يمكن أن تستغني عنه؛ لأنه ينقذها في كل المناسبات، فإن الرجل يمكنه بسهولة أن يتبنى هذه السترة، كقطعة أيقونة لكل المواسم والمناسبات، فهو سيتميز بها في المناسبات الخاصة أو في نهاية الإجازات مع بنطلون جينز، كما في المناسبات الكبيرة مع ربطة عنق من الحرير، بل يمكن أن تكون أيضا رفيقة دربه وأسفاره من دون أن تخذله ولا مرة، فهي لا تتجعد ولا تفقد شكلها ولا لونها، كما تمتص الرطوبة بحيث تنعش في الصيف وتدفئ في الشتاء، والفضل في هذا كله يعود إلى مطاطيتها ومرونتها التي تستمدها من قماش الموهير، الذي يوجد في منطقة كامديبو الواقعة بجنوب أفريقيا النادر والمترف. جماله يكمن في نعومته وقوته، على حد سواء، وندرته تتمثل في أنه يقص من أول وبر ينمو لدى طفل الماعز.

إلى جانب التصميم الكلاسيكي العصري، فإن هذا البلايزر يتمتع بمزايا عدة منها:

- يمكن أن يتمدد موهير كامديبو بنحو 30 في المائة وفي كل مرة يعود إلى شكله الأصلي من دون أن يتأثر.

- يقاوم التجعد والترهل الذي يمكن أن ينتج في الحالات العادية من الاستعمال المستمر.

- في السفر، يمكن طيه بسهولة أو لفه على شكل إيشارب أو كرة صغيرة، من دون أن يأخذ أي مساحة تذكر من الحقيبة، وعلى الرغم من ذلك فهو لن يحتاج إلى أي كي عند إخراجه منها؛ لأنه مقاوم للتجعد، وهذا ما يجعله رائعا لرجال الأعمال الذين ليس لديهم الوقت لتغيير ملابسهم، ويضطرون للتوجه إلى لقاء عمل مباشرة بعد أن تحط بهم الطائرة.

- قماش قوي يمكن أن يدوم لمدى الحياة؛ لأنه أقوى من الحديد من نفس القطر.

- يمتص الرطوبة ويتنفس، في الوقت ذاته، متخلصا من أي روائح يمكن أن تعلق به بسبب الحرارة أو غيرها من المؤثرات.

- دافئ في الشتاء ومنعش في الصيف.

- يمكن أن يضيف إليها الزبون لمساته الخاصة، حسب أسلوب حياته وذوقه، بدءا من طلب تصميمها بزر واحد أو بصفي أزرار، بياقة رفيعة أو بياقة واسعة، وغيرها من التفاصيل التي تشمل اختيار الأزرار أيضا، فهناك من يفضلها من الذهب، وهناك من يفضلها من الفضة، وهلم جرا.