حضارة دلمون من كتب التاريخ إلى أصابع النساء

شاب سعودي وفنانة تشكيلية يغوصان في أعماق حضارة منسية ليعيدا صياغة فنونها

TT

«بقايا تهرملون» بضم التاء، هو الاسم الذي أطلقه تهامي عربي على مجموعته، لتكون على وزن دلمون. وشرح تهامي عربي أن هذا الاسم مشتق من أول حرفين من تهامي، وأول حرفين من الفنانة التشكيلية رملاء الحلال التي تشاركه التصاميم, ومن خلال هذا الاسم ابتكرا أسلوبا فنيا مميزا نقلا من خلاله الواقع المعاصر بمنتجاته إلى حضارات ما قبل الميلاد.

الدلمون حضارة عريقة تركت كثيرا من الآثار التي تدل على رقيها، خصوصا أنها عرفت قبل التاريخ بأرض الفردوس وأرض الحياة، علما أن مركزها كان، قبل خمسة آلاف سنة تقريبا، في جزر البحرين وجزيرة تاروت في القطيف. واشتهرت هذه الحضارة بصناعة الفخار، بأشكال ورسومات تختلف عن رسومات فخار الحضارات المجاورة. كما اشتهرت بصناعة الأختام الدلمونية الدائرية التي كانت تستعمل لإثبات الملكية وصناعة التماثيل والأواني الخزفية والنحاسية. من هذه الحضارة الغنية، استلهم تهامي عربي، أحد الشباب السعوديين، فكرة مشروعه في تصميم الحلي. وعن البداية يوضح أن الفكرة جاءت نتيجة نقاش دار بينه وبين بعض أصدقائه في أحد الأيام عن الحضارات السابقة، حين تحدث أحدهم عن حضارة دلمون، التي تعتبر من حضارات ما قبل الميلاد، وعلى الرغم من أنها كانت توجد في الجزيرة العربية، فإن الكثيرين لا يعلمون عنها شيئا.

يتابع تهامي عربي: «بعد نقاش طويل بيننا، فتحت شهيتي لمعرفة المزيد، وما إن وصلت إلى منزلي حتى بدأت البحث في كتاب قديم تعرض للإهمال لسنوات، وكان يتناول حضارة دلمون وأختامها. منذ ذلك الحين والفكرة تراودني، وعندما تحدثت مع الفنانة التشكيلية رملاء الحلال، وجدت قبولا لديها، وبدأنا في تصميم أول مجموعة لنا، على الرغم من أننا بدأنا بالفعل في تصميم مجموعة أخرى من الإكسسوارات المستلهمة من الروحانيات الصوفية، لكن موضوع دلمون أثار حماسنا وجعلنا نتوقف ونبدأ في مجموعة دلمون، واستغرق العمل فيها شهرين تقريبا».

ويضيف: «ما قمنا به أننا حاولنا نقل واقعنا المعاصر بأسلوب يقترب من الفانتازيا، من خلال الانتقال إلى الحقبة الدلمونية، فقد حورنا بعض شعارات المنتجات الاستهلاكية التي يدمنها الناس في عصرنا الحالي، كالمشروبات، والأجهزة الإلكترونية، لتكون عملا فنيا بأسلوب دلموني، وكأنها من نسيج ذلك العصر. كما حولنا الأختام إلى حلي، لنوضح أن لهذه المنتجات قيمة تفوق أو تقترب من قيمة الحلي الثمينة عند المستهلكين».

من جهتها، أكدت رملاء الحلال، الفنانة التشكيلية، أن كل شيء يحيط بنا يثير الاهتمام ويوحي للفنان بتصاميم جديدة، موضحة أن المواد المستخدمة متنوعة، قد تكون من الألماس أحيانا، والأحجار الكريمة أحيانا أخرى، فضلا عن الفضة والنحاس. وأشارت رملاء إلى أن الطبقة فوق المتوسطة هي الفئة المستهدفة من هذه المجموعة، نظرا لتميزها وتفرد كل قطعة فيها. وعلى الرغم من أنهما انطلقا من مقولة إن إرضاء الناس غاية لا تدرك، فإن رملاء الحلال تؤكد أن نسبة الإعجاب والإقبال كانت أكبر مما توقعا.