منتجات جمال للشرب والأكل.. بين الرفض والقبول

تعتمد على المشاهير لترويجها وتعد بالشباب والرشاقة

ارتبط اسم ديمي مور مؤخرا باسم خبير الجمال فينسنت بوربا.. ويقال إنها عرفت به من خلال منتجاته و الممثلة ميلا كونيس من اللواتي شوهدن بعصائر من فينسنت بوربا، خبير الجمال المعروف في هوليوود
TT

تشتهر سو ديفيت، كأخصائية ماكياج معروفة بظلال الجفون وكريمات الأساس المستخلصة من الأعشاب البحرية إلى جانب كونها من سيدات الأعمال التي تتعامل مع نجمات من حجم سارة جيسيكا باركر، جينيفر لوبيز، كيرا نايتلي وغيرهن. ديفيت، بحسها التجاري، قررت أن تستغل قدرتها على إنتاج مستحضرات ناجحة وتعاونت مع تانيا زوكربروت، أخصائية التغذية الرسمية لمنظمة ملكة جمال الكون، لهذا الغرض. وتم بالفعل تقديم المنتج الجديد على قناة «كيو في سي» العالمية، بسعر 38 دولارا. المنتج، الذي يعرف في السوق باسم «بيوتي بوستر»، لا يوزع على البشرة أو يدلك على الجسم بل يتم تناوله عبر الفم. وهو عبارة عن سائل بني اللون يأتي في زجاجة كبيرة تبدو أشبه بزجاجات طلاء الأظافر مزودة بقطارة ومعبأة بمضادات أكسدة ومعادن كثيرة. تقول ديفيت إن الفكرة جاءتها عندما لاحظت أن بشرتها اكتسبت نضارة أكثر بعد تناولها فواكه التوت والتوت البري والتوت الأسود بمزرعة أحد أصدقائها. بعدها تساءلت لماذا لا نتناول الفاكهة الطبيعية أو نشرب عصيرها مركزا ما دام تأثيرها كبيرا بهذا الشكل؟. وتعقب زوكربروت بأنه في الوقت الذي تأتي فيه العصائر غنية بالسعرات الحرارية فإن منتجهما خالٍ من السكر والسعرات الحرارية، مضيفة: «من الذي يرغب في التضحية برشاقة جسمه مقابل نضارة بشرته؟».

ولا يعتبر هذا المنتج الأول ولن يكون الأخير في سلسلة منتجات الجمال التي تؤمن أن البداية يجب أن تكون من المعدة، بقضمها أو شربها أو إضافتها للأرز إلى حد قد يأتي يوم سيبدو فيه استخدام الكريمات خبرا من الماضي. فقد ابتكر العلماء، مثلا، كابسولات «إمدين تان أوبتمايزر» للمساعدة على الوقاية من حروق الشمس، وبالفعل نفدت من الأسواق في الولايات المتحدة مباشرة بعد طرحها. في البرازيل، أيضا هناك حبوب «سانلوفر» التي تساعد من يتناولها على اكتساب سمرة، بالإضافة إلى قالب الغرانولا الذي يبدو قديما مقارنة بقالب «نيمبل» الذي يعتبر أول قالب غذائي مخصص لتجديد البشرة. كما قد يصبح رش الكولونيا من خبر كان بعد طرح حلوى «ديو بيرفيوم» من بلغاريا والتي صممت لكي تفوح رائحة الزهور عبر مسام جلد من يتناولها.

ويقول صناع هذه المنتجات إنها تساعد على تحسين حالة الشعر، والجلد، والأظافر لاحتوائها على الكولاجين، والآكاي، واللوتين، والتوت البري، والشاي الأخضر، والفيتامينات، وغيرها من المكونات، التي كانت موجودة دائما في الـ«سوبرماركت» ومتاجر الأطعمة الغذائية، إلا أنها اليوم أصبحت متوافرة على أرفف محلات التجزئة، الفاخرة والمتخصصة مثل سيفورا، نوردستورم، الصيدليات، وركن الأطعمة المعلبة. وعلى الرغم من أن هذا النوع من المنتجات الذي أدرجته صناعة مواد الجمال، تحت فئة منتجات التغذية الجمالية و«الأطعمة الوظيفية»، تأثر بالركود الاقتصادي، فما زال من المتوقع أن يتزايد الطلب عليه بنسبة 6 في المائة سنويا وصولا إلى 8.5 مليار دولار بحلول 2015 وفقا لشركة أبحاث التسويق «فريدونيا». ويقول المحللون بشركة «زينيث إنترناشيونال»، وهي شركة استشارات الطعام والمشروبات، إن النمو يأتي متأثرا بثقافة المشاهير والمستهلكين المثقفين الذين يسعون وراء طرق دقيقة للتغلب على التقدم في السن.

منتج «نمبل» الذي يحمل نكهة الشوكولاته، مثلا، تم خلطه بالبرتقال بالزبادي وزبد الفول السوداني لتحسين مرونة الجلد ورطوبته، فيما قدمت شركة «فروتيلز» منتجا مقاوما للحبوب يعتمد على الشوكولاته التي كانت من قبل عدو البشرة. ويمكن تناول تلك الحلوى مع أي من مشروبات الجمال، مثل مشروب «سناب دراغون» لفوتر فو، أو «سكين إيسانشيال» لكريستال لايت، أو «بيوتي درينك» لهرباسواي. وقد قدم فنسنت بوربا، خبير الجمال بهوليوود والذي اشتهر مؤخرا بعلاقته بالفنانة ديمي مور خطا إنتاجيا جديدا لمنتجات الجمال يتضمن سوائل لتوازن الجلد، وأخرى لمقاومة علامات تقدم السن، أو لشد البشرة وتنقيتها وتجديدها.

ولكن هل تفلح تلك المنتجات؟ يقول العديد من الأطباء أنها لا تحقق النتائج التي تعد بها، رغم أن هناك البعض منهم مثل خبير الأمراض الجلدية الدكتور فردريك براند، والدكتور هوارد مراد والدكتور نيكولاس بيركون يعتبرون تلك المنتجات جزءا من النظام الغذائي الذي يصفونه لمرضاهم. المنتقدون يقولون إن البشرة الجيدة لا تعتمد على المشروبات والأطعمة التي يتم بيعها بغرض الجمال، ولكنها تأتي من خلال تناول الخضراوات والأطعمة الكاملة والمياه النقية. تقول الدكتورة وهيدة كارمالي، مديرة قسم التغذية بمعهد إرفينغ للأبحاث العيادية بكولومبيا: «إذا كنت تشرب مياها بالقدر الكافي، سوف تبدو بشرتك رطبة وصحية، لأن المياه تحمل العناصر الغذائية من الطعام إلى أنسجة الجسم وأعضائه للحفاظ على حالتها الصحية».

وقد أبدت الدكتورة كارمالي شكوكها في الأبحاث التي أجريت حول العديد من منتجات الجمال الغذائية والمشروبات، مؤكدة أنها تحتوي على مستخلصات يمكن أن تثير الحساسية عند بعض الناس. وأضافت أن البعض يستخدم الصمغ لكي يجعل منتجاته تبدو لزجة ولكي يبدو لون عصائر الفواكه متماسكا. وقد كتبت في رسالة إلكترونية حول مياه تجديد البشرة المضاف لها مستخلص من شجر الهلام لبوربا: «إذا كنت بحاجة لتجديد بشرتك عليك بشرب المياه النقية أو إضافة شرائح من الليمون لها»، كما وصفت شجرة الهلام بأنها «لذيذة ولكنها ليست سحرية» فيما يحتوي قالب «نيمبل» على دهون مشبعة.

تجدر الإشارة إلى أن إدارة الغذاء والدواء، لا تفحص سلامة منتجات الجمال ومكوناتها قبل تسويقها للمستهلكين، حيث تقع المسؤولية على شركات التجميل، إذ لا يطلب من المصنعين أن يقدموا بيانات حول المكونات أو تقريرا بالأعراض الجانبية المرتبطة بمنتجاتهم إلى إدارة الغذاء والدواء، رغم أنهم يشجعون على ذلك.

ولا تزال تلك المنتجات غير رائجة في الولايات المتحدة مقارنة برواجها في اليابان، حيث يوحي تشريع «الطعام للاستخدامات الصحية المحددة» إلى المستهلكين أن مثل تلك المنتجات تمت الموافقة عليها، وفقا لمحللين بشركة الأبحاث «يورومونيتور إنترناشيونال». عدد كبير من الصينيين أيضا يعانقون مواد الجمال الغذائية، ويعتبرونها جزءا من الدواء الصيني. ولكن على الرغم من أن المستهلكين الأميركيين قد تقبلوا فكرة الفيتامينات، على الأقل حتى الآن حيث أكدت دراستان علميتان أن تناول كمية زائدة من الفيتامينات يمكنه أن يضر بالصحة، فإنهم متشككون بشأن تناول الأطعمة التي تعمل على تقليل التجاعيد.

فسوق الولايات المتحدة تمثل ما نسبته 5 في المائة من حجم السوق اليابانية، وفقا لمحللين بيورومونيتور. وقد عجزت بعض الماركات الشهيرة مثل «مارس» و«نستله» لحد الآن عن الترويج لمنتجات الجمال هنا. فقد قدمت شركة «نستله» لبن «غلوويل» في زجاجة بسعر 7 دولارات في 2008، سحبتها من الأسواق خلال العام الجاري، ولا يعرف ما إذا كانت ستعيد تقديمه مرة أخرى. هذه النسبة لم تزعج منتجي قالب «نيمبل» الذي يأتي بحجم راحة اليد ويقدر سعره بـ1.69 دولار. فهو كما يزعمون يحتوي على 120 سعرا حراريا ويحمل فوائد لكل من البشرة والقيمة الغذائية. تقول إرين ليفيسو، مديرة التسويق إن «هذا أول قالب يحتوي على فوائد جمالية». ويؤكد بيتر ويلسون، الرئيس التنفيذي لـ«بلانس بار»، أنه قالب «يمكن حمله ببساطة في الحقيبة» مما يمكن المرأة من الاستمتاع به قبل أن تتوجه لدعوة غداء أو عشاء مثلا «ومن ثم لا تفرط في تناول الطعام بالخارج».

نفس الثقة يعبر عنها السيد بوربا، الرائد بمواد الجمال الغذائية الذي ظهرت كل من ميلا كونيس، باريس هيلتون، أدريان غرينير، وغيرهن من الأسماء الشهيرة بمشروباته للجمال، والآن تتضمن إمبراطوريته من المواد الغذائية لبان الشوكولاته الذي يساعد على النحافة بسعر 19.99 دولار، وكابسولات تنقية البشرة بـ19.99 دولار، بالإضافة إلى لبن مضاد للأكسدة، ومنتج يحمل اسم «غومي» يعد بتوازن الجلد وببشرة متماسكة وقادرة على مقاومة عوامل التقدم في السن.

الدكتورة كارمالي التي لا توافق هذه الموجة تقول: «أفضل أن أتناول سلطة الطماطم مع حبوب اللوز وكوب منعش من الشاي المثلج». وتوافقها الرأي المصممة نورما كامالي، وهي مصممة أزياء تبلغ الستين من العمر، وما زالت تحتفظ بشبابها، قائلة إن منتجات الجمال القائمة على التغذية أبسط من ذلك: «لقد كنت أستخدم زيت الزيتون طوال حياتي، بحكم أن أمي كانت لبنانية، وأبي من الباسك. كان زيت الزيتون جزءا من حياتنا وليس فقط على الطاولة. فقد كانت أمي تدرك أن له العديد من الفوائد ومن ثم فقد تعرفت عليه مبكرا». وتبيع السيدة كمالي التي يرتدي تصميماتها العديد من المشاهير من مثيلات لايدي غاغا، زيت الزيتون، الذي تطلق عليه «الذهب السائل» مقابل 45 دولارا لكل 200 ميلليتر في متجرها الخاص، إلى جانب الأزياء وملابس السباحة، كما أنها تنظم حفلات لتذوق أنواعه. وتشرح السيدة كمالي أنها تتناول زيت الزيتون وتستخدمه كدهان نظرا لاحتوائه على العديد من الفوائد، فهو ملائم للمساج، ويساعد على التخلص من التوتر كما يمكن أن تدعكه على أسنانك مع القرفة للتنظيف وإزالة البكتريا، عدا عن استخدامه كمرهم لعلاج الحساسية والحروق. وتقول إن تناول ملعقة أو أكثر منه يوميا يحافظ على النشاط، لأن «الجسم مثل ماكينة يجب تزييتها جيدا».

* خدمة «نيويورك تايمز»