موقع مساحة.. يعيد الاعتبار للطبيعة ويجعل للأزهار لسانا تعبر به

حملا الدكتوراه في الفلسفة وعلم النفس وتخصصا في تصميم الأزهار

أصناف من الورود يعلوها التفاح الأحمر والأرضي شوكي و عازف الأورغ المصنوع من زهور الـ«غرين بيس»
TT

«لا ترموا أحلامكم.. نحن نترجمها بالزهور»، شعار يحمله موقع مساحة الذي يهدف إلى خلق فسحة خاصة بالأشخاص، الذين يعشقون الابتكارات المميزة في مناسباتهم الخاصة وخاصة الأعراس. فالخروج من الإطار التقليدي في تزيين الأعراس هو الأسلوب الذي تبناه صاحبا الموقع، الشابان سماح داغر ومارون أبو خير. وتنبع الفكرة من مفهوم أن للعروسين حق اختيار الألوان والأشكال لحفل زفافها على شرط أن يكون المصدر هو الطبيعة دائما.

ويقول داغر في حوار لـ«الشرق الأوسط»: «المقصود ليس وضع باقة من الزهور على الطاولة بل طريقة تقديمها، حيث بتنا نراها كوحدة متكاملة من الزهور والفواكه والخضار، وهذه إحدى التقنيات الجديدة التي ابتكرناها في عالم تزيين الأعراس والحفلات لم يعتد عليه الناس عليه من قبل».

البداية كانت منذ 11 عاما، عندما قرر داغر وأبو خير العودة إلى لبنان، بعد أن حمل الأول دكتوراه في الفلسفة، والثاني دكتوراه في علم النفس من إحدى جامعات فرنسا، وشهادة تخصص في «الفلورا» من باريس، حيث درسا لمدة أربع سنوات. وهو اختصاص غير متوافر في الشرق الأوسط، يتضمن مبادئ في فنون الهندسة، والنحت، والرسم، كذلك شتى تصاميم التزيين في عالم الزهور. ويقوم الثنائي، بـ«مشوار في الطبيعة» لاستلهام أفكار جديدة من الزهور والنباتات والأشجار التي تنمو بأسلوب لافت، بمعدل يوم كل أسبوع. بعدها تأتي مرحلة ترجمة الفكرة وجمع أدواتها، وفي ذلك يوضح أبو خير: «نحن نحاول نقل المشهد الأساسي من الطبيعة، عبر إعادة صياغته بقالب جديد إن كان في عرس أو في حفلات الميلاد ورأس السنة، أو في الأعياد والحفلات الخاصة. معظم الأشياء التي لا يوليها الناس اهتماما أو انتباها، كالأحجار الصغيرة، والأخشاب المهملة، إلى جانب بعض الأشياء الصناعية كالحديد، والبراغي والمسامير وغيرها من الأمور التي قد لا تخطر على بال مزيني الزهور، تشكل مواد نعتمد عليها في التصميم».

ويتابع: «الزهرة ليست هي الأساس بقدر ما هي وسيلة للتعبير عن الفكرة، من خلال نمط معين ومحاولة خلق مساحة خاصة لدى الزبائن، فكما الملحن يحتاج إلى الكلمات لصياغتها كلحن لتصبح أغنية، فإن الزهرة بالنسبة إلينا كالكلمة نخضعها لصياغتنا الخاصة، نضيف إليها ما يقارب 10 عناصر خاصة، تتناسق جميعها مع الديكور داخليا كان أم خارجيا».

من الأعراس التي قام الثنائي اللبناني بتزيينها، عرس المخرجة نادين لبكي، وجاء ديكوره بسيطا وعفويا وقريبا من الطبيعة بكل تفاصيله. أما في عرس هيفاء وهبي، فكان لون «الفوشيا» هو الغالب وكانت الأواني بمعظمها شفافة بناء على طلبها. أما في حفل زفاف ابنة رئيس مجلس النواب نبيه بري، فكانت التصاميم ضخمة، بحيث ظهر الناس صغارا عند مرورهم أو وقوفهم بجانبها. وينطلق الاثنان من فلسفتهما في الحياة مثل «أنا أفكر إذن أنا موجود» وهو مبدأ أبو خير في العمل، يقابله مبدأ داغر: «لكي تنتقل من الإنسان العادي إلى الإنسان الحقيقي عليك أن تمر بالإنسان المجنون، لكن الفارق بينك وبين المجنون أن الأخير يدخل هذا العالم ويبقى ماكثا فيه، بينما الفنان يدخله ويعرف كيف يخرج منه».

نشاط داغر وأبو خير لا يقتصر على حفلات الزفاف أو الحفلات الخاصة، بل يشمل أيضا إقامة ورش عمل تلقى إقبالا كبيرة من قبل شرائح كبيرة من الناس، إلى جانب إقامتهما بعض المعارض، التي يؤكد أبو خير أنهما يحاولان من خلالها «إعادة الاعتبار إلى الطبيعة» مشيرا إلى العديد من اللبنانيين لا يعرفون أن بعض الزهور المستوردة أصلها لبناني وموجودة في الطبيعة اللبنانية مثل الأوركيد. ويضيف أنهما يوليان اهتماما خاصا في الوقت الحالي للزهور التي تعيش بين الصخور والأعشاب، كزهرة البازيلا، والجيلبيرا، وعصا الراعي، نظرا لجمالياتها. فمن خلال إعادة إحياء هذه الأنواع من الزهور يعملان على تقريب الناس إلى الطبيعة، وتثقيفهم بواسطة النظر، فضلا عن إحداث صلة وصل بين النحت، والرسم، والديكور، والهندسة الداخلية والخارجية. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الخطوة كانت كفيلة بأن تجعل «مساحة» حاضرة، منذ 4 سنوات وحتى اليوم، في ورشات العمل والمعارض العالمية، التي يكون الهدف منها هو تبادل الخبرات والابتكارات في عالم التزيين.