«فوجورا».. أسطورة امرأة تتمرد على القيود

ماركة تعتمد على المشغولات اليدوية والتراث الشرقي وروح المغامرة

TT

يبدو أن كسر المألوف سيظل لصيقا بالكثير من خطوط الموضة المثيرة للانتباه. وعلى هذا الأساس، وفي محاولة للتمرد على نمط الموضة الأوروبية والعودة للجذور الشرقية سواء في الأزياء أو الديكور، ابتدع الفنان المصري عباس أبو الحسن خط «فوجورا»، كرمز للتحرر من المعايير والأنماط التقليدية، سواء في الأزياء، أو قطع الإكسسوارات مثل أقراط الأذن والقلادات ذات الطابع البدوي أو الأوشحة الملونة والمطرزة ذات الطابع الشرقي التي استوحى بعضها من الزي الفلاحي. وألحق أبو الحسن بهذا التمرد الوشاح الفلسطيني بلونيه الأبيض والأسود والذي شاع ارتداؤه بين الشباب في الوطن العربي كما في بعض الدول الغربية.

يؤكد أبو الحسن أن «فوجورا» ترمز إلى اتجاه خاص في الملابس يمثل ثورة على سيطرة الموضة الأوروبية والطابع الغربي على الأزياء، وتستهدف ثقة الذوق العربي في منتجه الجديد. كما يريد من خلالها التحرر من استعمار الطراز الأوروبي للهوية الشرقية في الملبس، ورغم أنه لا ينكر انصهار الطابع الشرقي في كثير من خطوط الموضة الغربية فإنه يوضح أنه يسعى إلى خلق خطوط موضة مصرية تعكس تراث ثقافات متعددة مرت على مصر، مع استيراد الأسلوب الأوروبي في هذا الطابع من الشرق بشكل خفيف جدا. يقول أبو الحسن لـ«الشرق الأوسط»: «تقوم فكرتي على تصميم ملابس متجردة من حدود الزمن والموضة وغير مرتبطة بمناسبات وغير مقيدة وأن تعكس الهوية الذاتية للشخص، بعيدا عن الموضة الأوروبية التي تفرض أنماطا من أذواق مستهلكة ومعادة». ففكرة «فوجورا» ظهرت لتسد فجوة الذوق بين حداثة الأزياء المستوحاة من التراث، ولتستهدف المرأة المستقلة، الواثقة من نفسها المحبة للمغامرة لا المرأة المقيدة بأبعاد وإملاءات تفرضها الطبقية الاجتماعية. وهذا ما يعكسه اسم «فوجورا» أساسا. فهو اسم محاربة اسمها «فوجورا» تقول الأسطورة إنها في العصور السحيقة كانت تمضي حياتها ممتطية ظهر حصانها تتنقل بين القبائل والأودية وفي رحلاتها، وكانت تجمع روح ثقافة كل مكان تذهب إليه. كانت أيضا تحارب بشراسة للدفاع عن حريتها في وقت كانت فيه حرية النساء مقيدة. ووجدت جثة «فوجورا» وقد اخترق سهم صدرها وفي مكان دمها المسفوك نمت شجرة مزهرة بورود ملونة غاية في الروعة، ومنذ ذلك الحين واسم «فوجورا» يرمز لتمرد المرأة وتوقها لحريتها، فضلا عن الجمال الذي تخلفه أينما ذهبت.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الفترة تشهد ظهور الكثير من المصممين المصريين الذين يحاولون إعادة الروح الريادية للحرف اليدوية وفن التطريز الذي كانت مصر تشتهر به. ويعتمد المبدعون في هذا المجال، من هواة ومحترفين، على المعارض للترويج لمنتجاتهم. وفي هذا الشأن يقول أبو الحسن: «كانت مصر مشهورة بالتطريز اليدوي والإبرة والنصف ميكني باستخدام البفتة والحرير الفلاحي والغزول التي بها عقد وعيوب طبيعية ويضاف إليها التطريز بالنحاس والعملات والأحجار والرسم اليدوي، ومعظم تصاميمنا تعتمد على هذا الأسلوب وتحاول إحياءه». وبالفعل تجد بعض القطع مشغولة بكتابات من الحروف العربية مثل تنورة قصيرة رسمت عليها 3 أدوار بالحروف العربية بشكل مبتكر مما أعطاها تأثيرا قويا، فيما غلب طابع التمرد على بعضها الآخر من دون أن يجردها هذا التمرد من جمالياتها واحترامها لبيئتها وجذورها التي لم تلمسها المدنية والحداثة.

ورغم البساطة التي تظهر على الكثير من القطع فإن الحرفية التي نفذت بها والتطريز بالعقد والأحجار والعملات يضفي عليها أناقة خاصة، مثل أحزمة الخصر المشغولة بالأحجار والحقائب المطرزة أو المشغولة بالجلد والفرو والفساتين والتنورات التي جمعت بين التراث والحداثة كذلك السراويل المستوحاة من العصور القديمة.