ابنة برادا الصغيرة «ميو ميو» تنضج و«باكو رابان» يتألق

أسبوع باريس لخريف وشتاء 2012 ـ 2013.. أزياء دافئة لطقس بارد

TT

كان الجو الممطر خلفية رائعة لعرض «ميو ميو» الذي بدت فيه العارضات مستعدات لهذا الطقس بأزيائهن واكسسواراتهن على حد سواء. فقد أرسلت المصممة ميوتشا برادا في بداية العرض مجموعة من التايورات المستوحاة من خزانة الرجل نسقتها مع قمصان بياقات تربط حول العنق أو ربطات عنق عريضة، وأحذية تتحدى المطر بشكلها الذكوري على الرغم من كعوبها العالية. لم يكن هناك جزء من الجسم مكشوف للبرد. القطعة التي جذبت الانتباه أكثر، إلى جانب التايور المفصل ببساطة متعمدة حتى لا يتضارب التصميم مع نوعية الأقمشة والنقوشات، كانت البنطلون المستقيم الذي يجلس فوق الكاحل ببضع سنتيمترات، والذي تكرر في العديد من العروض مثل «برادا» في ميلانو و«شانيل» و«لوي فويتون» في باريس، مما يشير إلى أنه علينا معانقته، شئنا أم أبينا. كل ما في العرض كان يعكس فلسفة ميوتشا برادا عندما طرحت خط «ميو ميو» والتي تتلخص في مخاطبة شريحة الفتيات الصغيرات حتى تطلق العنان للفتاة الساكنة بداخلها أن تبدع أزياء تجمع الشقاوة بالتوازن، وهذا ما نجحت فيه رغم الماكياج المبالغ فيه.

ومع ذلك، فإن كل إطلالة، كانت تقوي الإحساس بأن ابنة برادا الصغيرة «ميو ميو» نضجت وتريد أن تعكس هذا النضج من خلال تصاميم تشي بالقوة والثقة تفصيلا وتفاصيل، ومن هنا أخذت التايورات بشتى الألوان والأقمشة، مع قمصان تعقد على شكل ربطات حول العنق، الصدارة لتبقى هي العالقة في الذهن بعد العرض. ولا شك أن الفضل في إضفاء الحيوية والحداثة عليها يعود إلى نقوشاتها التي يبدو أن المصممة استوحتها من الديكورات المنزلية، حيث تداخلت فيها الخطوط المستقيمة والمربعات وما شابهها من أشكال تمازجت فيها ألوان المستردي بالبنفسجي والأزرق والأخضر الزمردي والأحمر الداكن. ولأن أشكال هذه النقوشات وألوانها قد لا تخاطب ذائقة جميع الزبونات نظرا لتطرفها وعدم معانقتها الحل الوسط، ولو بهدف تسهيل تسويقها، فإن حقائب اليد الـ«ريترو» لا شك ستجد طريقها إلى كل نساء العالم، لأنها مشهية، لونا وتصميما. توالت الإطلالات وعبق السبعينات يفوح من ثناياها، مخاطبة فتاة واثقة لا تعتبر إبراز أنوثتها من أولوياتها بقدر ما تحرص على إبراز شخصيتها. فبعد المجموعة الأولى التي غلبت عليها التايورات، أرسلت المصممة مجموعة من فساتين قصيرة بأقمشة البروكار زينتها بأحجار زجاجية ضخمة، ربما تكون أكثر عملية من التايورات لأنه يمكن تطويعها لتناسب كل الأحجام والأذواق، عدا أنها تكتسب لمسة ميوتشا برادا التي تحول العادي إلى فوق العادي، في كل الأحوال مما يؤجج الرغبة فيها أكثر.

مانيش أرورا، المصمم الفني لدار «باكو رابان» عاد أيضا إلى السبعينات، كما إلى أرشيف السيد باكو رابان ليستقي منه أفكارا لتشكيلته الجاهزة والمستقبلية.

لم يأخذ منه فقط الخامات الغريبة والأشكال الاسطوانية التي ظهرت في بعض الفساتين والاكسسوارات، بل أيضا خطوط تصاميم خص بها المؤسس المغنية الفرنسية فرانسواز هاردي والنجمة بريجيت باردو في تلك الحقبة، وأعاد المصمم الحالي صياغتها لتناسب فتاة من هذا الزمن. مفردات كثيرة لعب عليها مانيش، من أهمها محاولته تطويع الخامات الصعبة، مثل المعادن التي ظهرت في تفاصيل صغيرة، بما في ذلك حقائب اليد، أو استعمال الدرجات المعدنية القوية. ما يحسب لمانيش أنه فهم بسرعة إرث الدار وشخصيتها، رغم أن هذه ثاني تشكيلة له فقط. فالمؤسس بدأ كمصمم مجوهرات قبل أن يتوجه إلى الأزياء مما أثر كثيرا على تصاميمه، وهذا ما التقطه مانيش في هذه التشكيلة المتوهجة لخريف وشتاء 2012 - 2013، والتي لمع جزء كبير منها من دون أن تخلق الإحساس بالمبالغة، سواء في فساتين ناعمة تنسدل على الجسم من دون أن تلامس الخصر، أو تنورات بلون المعادن أو بنطلونات خفف من بريقها بتنسيقها مع خامات أخرى، مثل الصوف. لكن أكثر ما شد الأنفاس فساتين بطبقتين. الطبقة الأولى جاءت مثل ستائر مخرمة بلون الذهب الساطع، والطبقة الثانية باللون الأبيض السكري مفتوحة من الجوانب والظهر لتفسح المجال لبريق الذهب أن يشع. رغم فنيتها وخاماتها، تبقى التشكيلة ككل تجارية ومن السهل جدا تسويقها لأنيقات العالم اللواتي يرغبن في التميز.

بدورها، قدمت المصممة الاسترالية الأصل، كوليت دينيغان، تشكيلة تخاطب الشتاء. فهي كما قالت استلهمتها من قصة ملكة الثلج للكاتب هانز كريستيان أندرسون، مضيفة أن تأثرها بها بدأ وهي تقرأها لطفلتها قبل نومها. حينها ارتسمت في مخيلتها صورة لملكة الثلج وهي تجلس في قصرها البارد بلباس أسود مرصع بأحجار الكريستال، مما يفسر كون أحجار الكريستال والتطريزات عنصرا مهما من هذه التشكيلة إلى جانب التصاميم ذات الخطوط القاسية التي زادت الأحزمة من تحديدها وإعطائها لمسة «روك أند رول» عصرية في الوقت ذاته. اللافت في هذه التشكيلة انها رغم قتامة ألوانها، تتمتع بخطوط قوية، أضفى عليها الأبيض الذي ظهر في بعض القطع، خاصة في تنورات مستقيمة أو فساتين بثنيات ناعمة، بعدا حالما يتماشى مع قصص الأساطير. لكن يبقى أقوى ما في التشكيلة قدرتها على تطويع الدانتيل، ليس في فساتين أنيقة فحسب، بل أيضا في جوارب تصل إلى الركبة.

* أهم اقتراحات باريس لخريف وشتاء 2012 ـ 2013 - كان هناك شبه اتفاق بين المصممين على عدم كشف مفاتن الجسد، ومن هنا كانت الياقات العالية التي تسلط الضوء على الوجه عوض الصدر، فيما كانت الأقمشة الشفافة نادرة واقتصرت على عروض قليلة جدا. وحتى في هذه الحالة تم تنسيقها مع بنطلونات، كما هو الحال في عرض «شانيل» حيث تناغمت التنورات الشفافة مع بنطلونات مستقيمة تصل إلى الكاحل.

- الفرو من الخامات القوية في الموسمين المقبلين، وإذا لم تسمح لك الإمكانات باقتناء فرو الثعلب أو المنك أو ما شابههما، فهناك فرو الأرنب، الذي لا يقل أناقة كما اقترحته دار «كارفن» والمصممة إيزابيل مارون.

- البنطلون قطعة قوية في الموسمين المقبلين، إذ يمكن ارتداؤه ضيقا مع قميص يربط حول العنق وجاكيت مفصل، أو مع كنزة من الكشمير، أو مستقيما يكاد يلامس الكاحل فوق تنورة أو فستان. الإطلالة الأولى ظهرت في الكثير من العروض مثل عرض آن فاليري هاش، والأخيرة ظهرت في عروض مثل «شانيل» و«ميوميو» واكتسبت فخامة في عرض «لوي فويتون».

- التأثير الشرقي كان قويا، سواء على شكل طبعات ورود يابانية طرزت على قمصان من الشيفون في دار «ليونارد» أو تصاميم مستوحاة من الكيمونو كما في عرضي كل من «ميزون مارتن مارجيلا» أو «دريز فان نوتن» وغيرهما.

- الخامة المفضلة في باريس لموسمي الخريف والشتاء المقبلين، إلى جانب الفرو، هي الجلد دون منازع. فقد ظهر بكل أنواعه في العديد من العروض، من «إيف سان لوران»، «جيفنشي»، «ديور» إلى «لويفي»، «هيرميس»، هاكان وغيرهم.

- الألوان غلب عليها الأسود والدرجات الداكنة، إلى جانب البرتقالي، كما في عرض الثنائي «فكتور أند رولف» وألوان النيون، التي ظهرت حتى في الفرو، كما في عرض «جون بول غوتييه» فضلا عن ألوان المعادن التي ظهرت في أغلب العرض. الأخضر أيضا سطع في عرض شانيل وحضر بقوة في معاطف من «هيرميس» وإيلي صعب و«لانفان»، إلى حد أنه يمكن القول إنه كان لون باريس فيما كان البرتقالي لون ميلانو.

- طبعا لا يكتمل الأسبوع دون بريق، وهذه المرة لم يكتف المصممون بترصيع الفساتين أو الاكسسوارات، بل تجرأوا على الوجه أيضا، من خلال الماكياج. دار «شانيل» مثلا استعانت بدار «لوساج» لترصيع دانتيل تم لصقه على الحواجب. بالنسبة للأزياء، فقد أسهب كارل لاغرفيلد في استعمال أحجار زجاجية وكريستالية على بعض القطع، كذلك الأمر بالنسبة لفيفيان ويستوود، من خلال قمصان وكنزات سرقت الأضواء من باقي الأزياء. من جهتها لم تبخل دار «لوي فويتون» على كل قطعة ببروشات، أو أحجار شواروفكسي. في دار «بألمان» استعمل المصمم الكريستال وأحجار اللؤلؤ على أساس أن خزينة الراحلة إليزابيث تايلور من المجوهرات كانت مصدر إلهامه. - عندما شبع المصممون من البريق، فإنهم اتجهوا إلى استعمال الريش كما هو الحال بالنسبة لسارة بيرتون، مصممة دار «الكسندر ماكوين» وأندرو جين الذي طرح قمصانا من الدانتيل مزينة بالريش.