مصممو الأحذية يتنازلون عن غلوهم وليس علوهم

استعاضوا عن التصاميم السريالية بالتفاصيل المبتكرة

TT

كل ما تطلبه المرأة في حذائها أن يمنح مشيتها أنوثة وثقة، وأن تجد ذلك الحذاء الذي راوغها طويلا. حذاء يمكن أن ينقلها من مناسبات النهار إلى مناسبات المساء والسهرة دون عناء ودون أن تتأثر إطلالتها. بيد أن تجربة السنوات الماضية علمتها أنه ليس هناك حل وسط، فإما أن تختار الفني والدرامي أو العملي المريح، مما دفعها إلى معانقة حذاء الباليرينا، الذي عرف عزه في نفس الوقت الذي كان يستعرض فيه المصممون فنيتهم العالية. التجربة أيضا علمتها أنها عندما تمشي وهي منحنية الظهر، أو بأصابع ظاهرة ومتنافرة تحاول أن تتشبث بالأرض حتى تحقق توازنها، يكون مظهرها بعيدا عن الأناقة، هذا عدا أن الألم الذي تشعر به ينعكس على وجهها ومزاجها بشكل أو بآخر. ومهما حاولت إقناع نفسها بأن الكعب العالي وما يسببه من آلام يوازي الآلام التي يمكن أن تترتب على قيامها برياضة للسيقان تكسبها عضلات تغني عن التمارين الرياضية في ناد، وبأنه لا جمال من دون ألم، تبقى الحقيقة أنها عندما تكون غير مرتاحة فإن مشيتها ومظهرها ككل يتأثران بشكل سلبي.

لكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن عند متابعة عروض الموضة العالمية الأخيرة هو ما إذا كانت الأزمة المالية العالمية قد أنهت هوس المصممين بتصاميم الأحذية العالية والسريالية، التي أتحفونا بها لعدة مواسم؟. صحيح أنها لن تختفي تماما، إلا أن رغبتهم في خض التابوهات، وتسجيل السبق في هذا المجال تراجع لحساب تسويق بضاعتهم. والنتيجة أن معظم الأحذية التي رأينا على المنصات جاءت بتصاميم وارتفاع يحترم قانون الجاذبية من كل الجوانب، فيما اقتصرت الفنية على التفاصيل والإضافات التي أدخلوها عليها، من إبزيمات وفرو وألوان وخامات متنوعة أحيانا في الحذاء الواحد وهكذا. فالكعوب رغم ارتفاعها تبدو معقولة ومقدورا عليها، وعلى الأقل لم تسجل أي أحداث خطيرة تتمثل في سقوط العارضات كما حصل في المواسم الماضية. الفضل في هذا التوجه الجديد لا يعود فقط إلى الأزمة المالية، بل أيضا إلى المرأة، وإن بطريقة غير مباشرة. فأرقام المبيعات أكدت لهم أنها تطالبهم بالنزول إلى الأرض بعض الشيء، والتخفيف من غلوهم وعلو الكعوب التي يتفننون فيها والتي تعدت الـ12 إنشا في الكثير من الأحيان. ثم إنها لا تطلب المستحيل أو تريد قمع إبداعهم، بقدر ما تطالبهم فقط بتصاميم أنيقة ومريحة في الوقت ذاته، حتى ينتهي بحثها الدائم عن ذلك الحذاء الحلم، وآلامها في الوقت نفسه. فما قدموه لها سابقا كان انعكاسا لرغباتهم وليس رغباتها. فكون معظمهم من الرجال، يجعلهم ينظرون إلى جماليات التصميم وفنيته بشكل مختلف. فللحذاء في المخيلة الذكورية، إيحاءات حسية قوية، يلعبون عليها من خلال كعوب بأشكال غريبة. ولا يقتصر الأمر على المصممين، فالعديد من الرجال ينظرون إلى أحذية المرأة على أنها مثيرة، إلى درجة أن البعض يراها أكثر ما يجذب ويثير فيها، مثل الشاعر الألماني الشهير غوته، الذي كان معروفا بولعه بالأحذية النسائية إلى جانب ألفيس بريسلي وكازانوفا وغيرهم كثيرون. وفي الوقت الذي لا تمانع فيه المرأة أن يطلقوا العنان لمخيلتهم، إلا أنها لا ترحب دائما بابتكارات لا تخدمها، وليس أدل على هذا من التصاميم التي قدمها مانيش أرورا مصمم دار «باكو رابان» لهذا الموسم، والتي ظهرت فيها العارضات بصنادل عالية ومفتوحة عند الأصابع، بشكل لا يمت للأنوثة بصلة، عدا أنها لا تبدو مريحة على الإطلاق.