العريس الهندي يتجمل بالألوان والتطريزات

لم يعد يكتفي بالألوان الداكنة والتصميمات التقليدية

سترة طويلة وسروال ضيق من تحت من المصمم مانيش مالهوترا
TT

حفلات الزفاف على الأبواب وأجراسها تسمع عاليا في مجموع الهند، سواء في الأسواق الشعبية أو في معامل المصممين المعروفين الذين يتلقون الطلبات من كل حدب وصوب. واللافت بالنسبة لهؤلاء أن الرجل بدأ يهتم بهذه المناسبة مثل المرأة تماما، فعريس اليوم حريص على ما سيرتديه حتى يكون في مستوى العروس وأناقتها وألوانها، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن حفلات الزفاف الهندية تتميز بغنى الألوان والتطريزات. وكان هذا التحول ملموسا في أحدث معارض «زفاف آسيا»، السنوي الذي تعرض فيه كل ما يتعلق بأزياء العرائس وإكسسواراتها، حيث لم تعد حكرا على الجنس اللطيف فحسب، فقد شهد المعرض لعام 2011 مشاركة ما يقرب من 100 مصمم أزياء، 40% منهم استهدفوا العرسان، وكل ما يحتاجه، بداية من الحفل الغنائي الراقص، وحفل توديع العزوبية إلى حفل الزفاف الرئيسي والاستقبال، وانتهاء بشهر العسل، آخذين بعين الاعتبار الأماكن التي يمكن أن يقصدها العروسان، وبالتالي جاءت متنوعة.

لكن التغير يبدو أكثر وضوحا في تصميمات العريس نفسها، فهي أكثر جرأة في مزجها بين الأسلوب الهندي التقليدي والغربي العصري، وكذلك في ألوانها. فحتى عهد قريب لم تكن الألوان تلعب دورا مهما في الأزياء الخاصة بالعريس، وكان يطبعها في العادة إما الأسود أو الأزرق الداكن أو الرمادي. لكن تغير الوضع والذوق، الأمر الذي لباه المصممون بإضافتهم الكثير من الألوان على مجموعاتهم الأخيرة، من درجات الأخضر والأحمر إلى الأزرق والبرتقالي والأصفر. التصميم أيضا طالته موجة التغيير، حيث تراجعت التصميمات الهندية التقليدية أمام الأزياء التي تجمع بين الطرازين الهندي والغربي. على سبيل المثال ظهرت البدلة المكونة من سترة الاشكن الهندية ومعها السراويل الضيقة بدلا من البنطلونات التي تأخذ طابع البيجاما الواسعة.

ويتفق المصممون أن العريس في الوقت الحالي أصبح أكثر جرأة ورغبة في معانقة الموضة وآخر خطوطها. يقول براديب هيراني، المدير الإداري لـ«كيمايا» بيت الأزياء الراقي: «هناك جانب من المغامرة في اختيارات العريس حاليا، تمثلت في ميله إلى الزخرفة والتطريز والأوشحة والشالات ذات الألوان المتناقضة. الملاحظ أيضا أنه بدأ يميل لألوان جديدة مثل اللون الأخضر الفسفوري والأقمشة اللامعة مثل المخمل أو الحرير أو التي تجمع بين الصوف والحرير». المصممون أيضا لم يتأخروا عن ركوب هذه الموجة، وأظهروا اهتماما أكبر بالأزياء الرجالية في الفترة الأخيرة تجسد في طرحهم مجموعات أرادوا منها جس السوق. فهناك تعديل كامل لملابس العريس، بداية من سترة الشيرواني الأصلية الفاخرة المصنوعة من خامات مثل الحرير والمزخرفة بشتى التطريزات، إلى القرطق والأشكن والجودبوري وسراويل دوتي (وهو نوع يشبه السراويل الحريمي). ويأتي هذا الاهتمام بناء على رغبة الشباب في الحصول على زي متكامل وبمواصفات هندية عصرية، من تطريز الياقة إلى لون أزرار القميص وربطة العنق. كما ازداد التركيز على التنسيق بين ملابس العريس وملابس العروس. المصممان شانتانو ونيخيل من المصممين الذي ركبوا موجة التغيير ووضعوا أزياء الرجل تحت الأضواء، حيث حققت السترات التي تحمل نقوشات الـ«بيزلي» التقليدية والمطرزة بالأزهار الذهبية، التي طرحاها، رواجا لدى العرسان. كما أضافت سترات الشيرواني التقليدية المطرزة باللون الذهبي لمسة جذابة عليها. يشرح المصممان شانتانو ونيخيل توجههما الجديد بقولهما إن «الرغبة في زخرفة الأزياء لم تعد تقتصر على المرأة وحدها، فالرجل أيضا أصبح يميل إليها ويريد بعض التفاصيل التي يمكن أن تضيف إلى زيه بهاء، خصوصا زي الأشكن». ويتميز هذا الزي، الخاص بالعرسان، بأنه يتكون من معطف أو سترة طويلة ذات أكمام أيضا طويلة، وتزينه أزرار من الأمام تمنحه مظهرا أنيقا. وعادة ما يفضل تنسيقه مع سراويل ضيقة تكون بطيات حول الكاحل. وترجع بداية ظهور زي الأشكن التقليدي إلى العصر الملكي، إذ ارتداه ملوك وأمراء الهند القديمة في الكثير من المناسبات، ولم يتحول إلى زي خاص بمناسبات الزفاف سوى في القرن الثامن عشر. ومنذ ذلك العهد وهو يحافظ على مكانته كأكثر أزياء الزفاف انتشارا، إلى جانب ال«جودبوري».

مبرمج الكومبيوتر ساهيل ماهاغان الذي يعمل في شركة عالمية كبرى، اختار ليوم زفافه بدلة مكونة من سترة «جودبوري» من الحرير بلون العاج مع سروال جودبوري متناسق معها، وهو نوع من السراويل الفضفاضة عند الخصر والورك، والضيقة من الركبة إلى الكاحل. ويمكن ارتداء بدلة «جودبوري» مع قميص القرطق. وجاءت سترته، كما قال، على طراز «باندغالا»، لامعة برونزية اللون من الحرير فيما اختار اللون الأخضر الزيتوني ليبرز الجيوب والأطراف ويتناسق مع اللونين الوردي والأخضر الموجودين في تنورة العروس التقليدية الطويلة التي تسمى «ليهانغا». وتتميز بدلات جودبوري بأنها تجمع بين الزي الهندي التقليدي وبين التصميمات الغربية. فهي أقرب إلى معطف مفتوح من الأمام بياقة مفتوحة أو تشبه ياقة نهرو، يمكن ارتداء قميص تحتها.

وتجدر الإشارة إلى أن ياقة نهرو حصلت على اسمها وشهرتها من أول رئيس وزراء للهند، جواهر لال نهرو، الذي كان يلبسها دائما، وتصنع من الكشمير أو الصوف أو الكادي، ويصل طولها حتى الوركين، وعرفت أوجها كموضة في نهاية الستينات وحتى مطلع السبعينات، لدرجة أن فريق «البيتلز» ارتداها في حفله الشهير الذي أقيم في ملعب شيا في عام 1965. وفي عام 2002، صمم «ارمينجلدو زيجنا» بدلة «غورو» التي تتكون من سترة نهرو. وفي عام 2009، ظهر جون ماير في حفل جوائز «غرامي» وهو يرتدي بدلة مستوحاة من الزي العسكري من تصميم جيورجيو أرماني بياقة نهرو.

يشير المصمم أرجون خانا إلى أن هذه السترة خضعت لبعض التغيير مما يجعل ارتداءها مع بنطلونات رسمية سهلا. أما فيما يتعلق بتطريز ملابس العريس، فهو يتنوع ما بين خيوط الساري الذهبية والخرز أو اللؤلؤ أو الترتر، أو إضافة لمحات تجميلية متباينة من القماش مثل الستان أو المخمل أو الحرير الخام، ففي تصميماته الأخيرة، ابتعد أرجون خانا عن الأفكار التقليدية وفضل وضع شارات على الأكمام ومونوغرام على قرطق ارتداه العريس زبير خان. ولأن هذا الأخير مسلم، فقد أضفى المصمم مظهرا إسلاميا على زيه على شكل سروال واسع يسمى «بايثاني سالوار»، وقرطق طويل يعطي لمسة معاصرة على الزي مع الاحتفاظ بالحس الإسلامي التقليدي. وفي حفل الاستقبال، ارتدى زبير سترة «شيرواني» أنيقة وبسيطة من الساتان باللون الأسود تشبه التوكسيدو، تجمع بين الطرازين التقليدي والمعاصر في الأزياء.

من جهته يقول راندهير، الذي سيتزوج في غضون أسابيع قليلة، إنه كان يريد قرطقا ورديا ليرتديه في إحدى الحفلات التي سيقيمها بمناسبة زفافه، مشيرا إلى أن «المجموعات المتوفرة كانت جد متنوعة مما أصابني بالحيرة، ولكني حصلت على ما أرغب فيه وكان عبارة عن قرطق وردي مطرز بالكوندان».

كذلك ظهرت تصميمات أزياء مستوحاة من حفل الزفاف وتيمته الرئيسية. على سبيل المثال، صمم بيت أزياء «كيمايا» ملابس زفاف في ولاية غوا كانت الفكرة الرئيسية منها هي «المرح» – لذا جاءت الملابس مطبوعة بالألوان الذهبية والفضية ومرصعة بالكريستال. كما أن هناك أفكارا جديدة لمجموعات أزياء ما بعد الزفاف، مثل مجموعات خاصة بالرحلات البحرية والمنتجعات من أجل مظهر أنيق خلال شهر العسل. واستكمالا لحالة الاحتفالات المصاحبة للحدث، بدأ بعض الرجال في التزين بارتداء المجوهرات أيضا، وهذا ما تم تقديمه في معرض «زفاف آسيا» من خلال الكثير من السلاسل المصنوعة من الزمرد والألماس لكن بتصميمات ذكورية، علما بأن عملية تصميم مجوهرات رجالية تحتاج إلى الكثير من الدقة والدراية، حتى تحافظ على طابعها الذكوري الأنيق. فعريس اليوم لم يعد يكتفي بالساعات الفخمة، وأصبح يميل إلى قلادات أو أساور، بل وأصبح بعضهم يطبق طقوسا قديمة مثل رسم اليد بالحناء.

يقول هاريش بهات، المدير التنفيذي في «تيتان إنداستريز» لصناعة الساعات، إن هناك اتجاها متناميا بين الرجال نحو الإكسسوارات في حفلات الزفاف، وتعد الساعات أحد أهم تلك الإكسسوارات. وفي حين يفضل الأغلبية، إن لم نقل الكل، ارتداء ساعات ذهبية في حفلات زفافهم، إلا أن الساعة المطلية بالذهب تحظى بشعبية كبيرة نظرا لأنها في متناول يد معظم الطبقات الاقتصادية. وأوضح بهات أن الساعات المطلية بالذهب تشكل نسبة 50% من حجم مبيعات ساعات الرجال، أما الدافع الرئيسي لاقتنائها فهو ارتداؤها في حفلات الزفاف.