العُرس لم يعد مجرد طاولة وكرسي.. بل استعراض مصغر

المصمم طوني بريس: حفل الزفاف بالنسبة للشباب أهم من البيت

الأماكن المفتوحة هي الأفضل في الصيف، وفيها يتم التركيز بالدرجة الأولى على الإضاءة بسبب خصوصية المكان الرحب والمفتوح على الفضاء، وبالدرجة الثانية على زينة الورود بحيث تملأ المساحات بطريقة فنية جميلة
TT

البذخ وحب التميز لم يعدا يقتصران على الهند، بدليل ابتعاد الناس في الكثير من العالم عن حفلات الأعراس العفوية، وميلهم لحفلات منظمة بشكل لا يتحمل الخطأ وتتولاها شركات ووكالات خاصة. الفكرة هي أن هذه المناسبة لا تتكرر والحفل الناجح يتطلب عناصر كثيرة وضرورية لتكتمل الفرحة، منها اختيار «موضوع العرس» وتحديد المكان والديكور والزينة، وانتقاء الزفة ورقصاتها، وتصميم بطاقات الدعوة، والموسيقى، والألعاب النارية، وغير ذلك من الأمور. كل هذا يعني متخصصين في هذا المجال يؤدون المهمة على أحسن وجه ويخففون من الضغوط التي يمكن أن يعاني منها الأهل في حالة تولوا هذه المهمة.

ولأن تنظيم حفلات الأعراس تحول إلى صنعة قائمة بحد ذاتها، هجر المهندس طوني بريس عمله الأساسي كمندس ديكور واتجه إلى تنظيم الحفلات الكبرى والأعراس. يقول: «أفضل هذا المجال لأن فيه الكثير من التجدد. في كل مرة أنظم حفل زفاف أشعر بسعادة كبيرة لأنني أساعد في ولادة فرحة جديدة لأناس جدد، ولقد أشرفت على تنظيم الكثير من حفلات الأعراس في أوروبا والدول العربية ولبنان»، مضيفا أن إتمام «عرس ضخم يحتاج إلى تصميم وفكرة جديدة». ويشرح قائلا «العرس لم يعد مجرد طاولة وكرسي، بل أصبح مناسبة لها متطلباتها، بدءا من زفة العروس ونوعية الطعام الذي يقدم، إلى الديكور وكل التفاصيل الأخرى. فالمنافسة بين الناس أصبحت كبيرة جدا وكل عروسين يريدان حفل زفاف أجمل وأكثر إبهارا من أي حفل سبقه. بالنسبة للكثير منهم تعتبر هذه المناسبة الأهم في حياتهما، وأحيانا أهم من المنزل». ويتابع: «من خلال تجربتي، أستطيع القول إنهما يفكران أولا بتفاصيل حفل فرحهما قبل بيتهما، ليس حبا بالمظاهر، بل لأن حفل الزفاف، يحصل مرة في الحياة، بينما يمكنهما أن يبدلا البيت أكثر من مرة ويغيرا أثاثه في كل موسم إن تطلب الأمر، وأن يسافرا عشرات المرات».

وعن تحول بعض حفلات الأعراس إلى مناسبات للبذخ والاستعراض، يدافع قائلا: «ليس بالضرورة، يمكن التبذير أيضا في فستان الزفاف والمجوهرات. لكن مع ذلك أعترف بأن العائلات الراقية تبحث عن النوعية، ونوعية حفلات الزفاف التي أقدمها تتطلب مالا، على مستوى الفكرة، التنظيم، الديكور والابتكار. وهذه التفاصيل هي التي تميز حفل زفاف راقيا عن آخر عادي. هناك أناس يبحثون عن الجمال في كل شيء، ويريدون الأفضل في كل شيء، والمسألة لا تتعلق بالمال بحد ذاته، بل بكيفية صرفه. عندما يقصدني العروس والعريس، نناقش نوعية العرس الذي يرغبان فيه، ومنه ننتقل إلى الأمور المادية، لأن همي الأول أن أنفذ حفل زفاف مميزا، ويأتي المال في المرتبة الثانية».

ويرى بريس أن العروس تنطلق من صورة معينة رسمتها في خيالها، حيث قال: «هي تريد أن تحقق حلما داعب خيالها منذ الطفولة، بينما يدفعني دوري كمصمم أن أنصحها بالأنسب وأن أقدم لها النتيجة الأفضل. فقد يكون للعروس تصور خاص من الدقيقة الأولى للحفل، بينما يكون لدي تصور عن كل التفاصيل بحكم أنني أكثر موضوعية منها. وأرى أن كل حفل يعبر عن شخصية صاحبيه، لذلك قبل أن أخطط لأي حفل زفاف أقابل العريسين، خصوصا العروس، لأنني أؤمن بأن حفل زفافها يجب أن يعكس شخصيتها. وهذه الشخصية هي التي تفرض نفسها كل شيء بدءا من الألوان، الديكور، هندسة وشكل الطاولات والصالة، إلى (المزاج العام) للحفل. ويمكن القول إن دوري كمصمم هو خلق هذا (المزاج الخاص). إذا كانت العروس جريئة أو قوية، أختار لها اللون الأسود المطعم بغصن بسيط، وطاولات مستطيلة الشكل وورود وإكسسوارات تنسجم مع طباعها، وإذا كانت هادئة، أختار لها الألوان الهادئة، كاللون الأبيض مع الفضي أو اللون الزهري أو الليلكي، كذلك أدخل في زينة الطاولات والكراسي ورودا مشغولة بطريقة ناعمة وأبتعد تماما عن اللونين الأحمر والأسود».

وعن مقومات حفل الزفاف الناجح يقول بريس: «بعد الديكور يأتي التنفيذ والتنظيم ثم عنصر الإبهار، لكن من دون مواكبة خطوط الموضة العالمية بشكل أعمى، إذ لا بد من ابتكار أفكار من دون فرضها على الزبائن إذا كانت لا تناسبهم. من المعروف، مثلا، أن الأصفر لون الموضة، ولكنني لم أستعمله بمفرده، بل أضيف إليه اللونين الأبيض والأسود، كما استخدمت في حفل زفاف آخر، الأسود والأحمر والأبيض، وفي حفل ثالث ركزت على الديكور الشفاف، فبدا وكأنه يطير في الجو، وحاليا أعمل على تصميم حفل زفاف يتميز بطابع الأرابيسك ولكنني لن أنفذه كما يتوقع الناس باللونين البوردو والأخضر، بل سوف أقدمه بألوان جديدة مع المحافظة على روح الأرابيسك. ولكن يبقى الفضي والذهبي لونين أساسيين يجب أن يكونا موجدين في أي فرح، لأنهما يعكسان لمعانا مطلوبا في مثل هذه المناسبة، وأحيانا يمكن أن تفي شوك باللون الفضي بهذا الغرض».

ولأن الزفة عنصر أساسي في الحفلات، لا بد من الاستعانة بمصمم رقصات يتمحور دوره في تصميم استعراضات خاصة جدا. أي عليه أن ينطلق في عمله من فكرة الحفل وألوانه وموضوعه وأجوائه حتى يأتي ما يصممه عبارة عن استعراض مصغر أكثر مما هو زفة عادية.

في المقابل، ينفي بريس أن تكون الورود من الإكسسوارات الضرورية في أي حفل زفاف، قائلا «إنه بالإمكان استعمال أي نوع من الزينة سواء كان وردا أو شمعا أو (لمبات). الحالة التي لا يمكن الاستغناء عنها أبدا هي عندما تريد العروس جوا رومانسيا».