التوريث بمفهوم «فاشرون كونستانتين».. خبرة وحماية للمستقبل

تؤسس ناديا نخبويا يضم 250 شركة لا يقل عمرها عن 250 عاما

TT

أخيرا أصبح للصناعات والحرف العريقة ناد خاص جدا لا يدخله إلا المتمكنون والمتمرسون في مجالاتهم. والأهم من هذا، الحرف التي لا يقل عمرها عن الـ250 عاما. هذا النادي وليد أفكار دار «فاشرون كونستانتين» المعروفة بساعاتها المتميزة وإحدى أهم العلامات السويسرية. فهي أيضا يتعدى عمرها الـ250 عاما، ولم تجد أنسب من الاحتفال بالخبرة التي اكتسبتها طوال هذه السنوات بتأسيس اتحاد سمته «Cercle 250» يضم أصحاب شركات يمارسون نشاطا باسمهم منذ أكثر من 250 عاما على نحو متواصل. الهدف منه أن يكون منتدى عاما للقاءات الاستثنائية وتبادل التجارب الإبداعية والعمل على صون التراث المادي وغير المادي بشكل مستمر. الاهتمام بالحرفية والمهارات اليدوية ليس جديدا على دار «فاشرون كونستانتين»، فاهتمامها بها لا يضاهيه سوى إيمانها بضرورة الحفاظ عليها لتتناقل من جيل لآخر، منذ أن تأسست، بمعنى أن الأمر يدخل في صميم جيناتها الوراثية. فمن بين أهم الخطوات الأولية التي قام بها المؤسس جان مارك فاشرون في سنة 1755 أنه وظف أول متدرب له لكي ينقل إليه مهاراته في صنع الساعات.

ومنذ ذلك التاريخ والدار تثبت احترامها للماضي بكل حرفيته ومهنيته، من دون أن تنسى أن تتطلع إلى المستقبل من خلال الابتكار في كل المجالات المتعلقة بفن الساعات وعلمها. ولضمان مكانتها في الصدارة على مدى الأزمنة، كان لا بد من الحفاظ على حرفيتها وتوريثها إلى أجيال مقبلة، وأيضا الاحتفال بحرفية الغير وعراقتهم. من هذه الفكرة انطلقت شرارة اتحاد «Cercle 250» الذي من أولوياته دعم الخبرة وتسليط الضوء على انتقال الحرف الفنية بكل تقنياتها الاستثنائية.

فكل أعضاء الاتحاد يتميزون في مجالاتهم الخاصة والمختلفة، إذ هناك مثلا حوالي 150 شركة تعمل في فنون أدوات المائدة، طرق العيش، فن حسن الأكل والملابس، وهناك أيضا أحد منتجي الحرير الفرنسي، وأقدم مصنع للورق في العالم موجود في إيطاليا، وشركة سكاكين يابانية تعود إلى القرن السابع عشر، وأحد صانعي العطور الحصرية في بريطانيا منذ القرن الثامن عشر، وهلم جرا. ولا تكتفي «فاشرون كونستانتين» وباقي أعضاء الاتحاد بحماية تراثهم وتوريثها، إذ إن أبرز النشاطات التي ستقوم بها «المشروع السنوي» الذي ستحتفل به بأحد الفنانين الأساتذة في مجال تخصصهم، من باب النهوض بـ«التراث الثقافي المادي أو غير المادي»، منطلقة من قناعة بأن المهارات التي يستخدمها الحرفي الأستاذ التي يمكن نقلها إلى المتدرب في جو من الثقة والعطاء السخي، يمكن جمعها تحت عنوان «التراث غير المادي»، بهدف إحياء أو تجديد عمل ما – كغرض نادر أو أثر باق مثلا - في شكله الأكثر مادية. وبالتالي.. «مشروع 2012» ويحمل عنوان الانتقال بالذاكرة إلى المستقبل، سيكون باكورة هذه المشاريع وسيسلط الضوء على مؤسسة «بودمير» Bodmer Foundation المتخصصة في المحافظة على المخطوطات القديمة وترميمها، وستتحمل دار «فاشرون كونستانتين» رعايته بالكامل، ومن المتوقع أن يعقب هذه الخطوة مبادرات أخرى بدعم من كل الأعضاء.