الهوية الهندية ببهارات عصرية

أسبوع «لاكمي» لعام 2012.. نظرة إلى المستقبل واحتفال بالجيل الصاعد

TT

كان «أسبوع لاكمي للموضة» هذا العام ناجحا بكل المقاييس، فقد شهد مشاركة 86 مصمما، أي أكثر من العدد الذي شوهد في الدورة الأولى لهذه الفعالية في أغسطس (آب) 2000 بثلاثة أمثال على الرغم من غياب أسماء لامعة مثل سابياسكتشي موكيرجي، وناريندرا كومار، وروهنت بال، وروكي وفيكرام فادنيس ومانيش مالهوترا. كما حضره 175 مشتريا محليا و45 مشتريا دوليا. وافتتح أسبوع الموضة أعماله بمواهب صاعدة، من خلال برنامج «غينيريشن نيكست»؛ حيث قدم مصممو مجموعة «أساثا سيثي آند سيدهارث أرورا» ومجموعة «دارك أينجلز» و«أرتي فيغاي» من «غاتين فيرما» مجموعات بخطوط بسيطة لكن ببطانات وأكتاف بارزة. المثير في هذه الأكتاف المزخرفة أنها تأتي ثابتة أو يمكن فصلها والاستغناء عنها. فالجيل الجديد من المصممين أجمعوا أن الأزياء يجب أن تكون عملية للاستعمال اليومي الذي يجمع السهل بالأنيق. وهذا ما انتهجه كل من أتيثي غوبتا وبيرنيا كوريشي ونيشكا لولا، مثلا؛ حيث عرضوا مجموعات جمعت بين الإبداع والعملية مما يجعل ارتداء الملابس أمرا ممكنا. وقالت غوبتا: «أعتقد أن الناس أصبحت تدرك مدى الإبداع والجهد والوقت الذي يستغرقه الخروج بهذه المجموعة. نحن لا نبدع الأزياء حتى نضعها في متحف أو نضعها في المخازن. في النهاية أعتقد أن الجميع يريد جني أرباح وأعتقد أن أحدهم بحاجة إلى إحداث التغيير».

وتعتقد بريا تانا، رئيسة تحرير «فوغ إنديا»، أن أفضل مكان يبدأ به المصممون حياتهم المهنية هو أسبوع «لاكمي» للموضة؛ حيث يمثل فرصة للمبتدئين في هذا المجال للالتقاء بالمشترين ووسائل الإعلام والعملاء تحت سقف واحد وهو أمر ضروري ومهم لهم. كذلك أعلن أسبوع «لاكمي» فوز غورانج شاه بجائزة التراث وهي عبارة عن مائة ألف روبية تمنح لأفضل مصمم يستخدم الأقمشة الهندية في مجموعته.

وتمثل هذه الفعالية بفضل مكانتها البارزة في التجارة والأزياء مساحة لانطلاق المواهب الجديدة، ووصلت بشكل أكبر إلى المشترين من مختلف أنحاء البلاد من أجل الترويج للصناعات الهندية وتسهيل التجارة على المصممين. واستفاد مهرجان شتاء 2012 من قوة التجارة عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وبذلك اختتمت دورة أخرى لأسبوع «لاكمي» للموضة بنجاح.

وعلى العموم، كانت التصاميم التي زخر بها الأسبوع تتسم بالحيوية وتداخل الألوان والطبقات، كذلك الألوان الزاهية الدافئة والنقوشات، هي الاتجاه السائد في الدورة الثالثة عشرة من الأسبوع الهندي، وإن كان اللافت تلك البنطلونات التي جاءت شفافة وضيقة. على الرغم من جرأتها غلب عليها حس الأناقة من دون مغالاة أو تكلف. والحقيقة أنه لم يخل عرض تقريبا من القماش الشفاف؛ حيث عززت البلوزات الشفافة المطعمة بحجر الألماس الزائف (الراين) تصميمات الساري البسيطة، بينما استفادت فساتين السهرة من القماش الشفاف في تصميم «الديكولتيه».

وتماشيا مع فصل الشتاء الذي يتوجه له الأسبوع، تم تقديم ملابس طويلة بما في ذلك التنورات الهندية (لهينغا) والأناركالي للمساء والسهرة. تميزت الفساتين الطويلة بقصات بسيطة مثل تلك التي عرضها خط «فيزيون» أو بتطريزات غنية وشرائط حتى تزيد من الحس الدرامي.

تجدر الإشارة إلى أن هذا الحدث الذي يقام كل عامين يركز على الأزياء الهندية ويتضمن مناقشات وحفلات وعروض أزياء مثل أي أسبوع موضة تقليدي، لكن في الوقت الذي يعد الغرض الأساسي له هو دراسة ومناقشة وتقديم ملابس محلية، هناك غرض آخر يتمثل في إثبات أن التصميمات الهندية لها مكان على ساحة الأزياء العالمية.

ولا شك أن التفاصيل التي نجدها في التقنيات والأقمشة والمواد بما في ذلك النسيج، هي ما تمنح التصاميم الهندية تفردها وتميزها بالإضافة إلى التطريزات والألوان. فالألوان تباينت هذه المرة بين ألوان الخريف القاتمة ودرجات الأزرق والرسوم الهندسية أو ذات الطابع القبلي. واحتفت مجموعة بوب باتولا من «ديبيكا غوفيند» بطريقة النسيج التي تتميز بها ولاية غوجارت الهندية من خلال مجموعة متنوعة من الألوان الزاهية. ومع اقتراب فصل الشتاء، أصبحت السترة قطعة لا غنى عنها مما شجع المصممين في أسبوع «لاكمي» للموضة على طرح كم كبير من السترات العملية المستوحاة من فترة الثمانينات ببطانات الكتف العريضة المبالغ بها وأناقتها مع كثير من التألق والبريق.

كما جاء المزج بين الجلد والفراء والحرير واضحا في هذه السترات، كما هو الحال في مجموعة أتيثي غوبتا التي اقترحت سترات تحتفي بالطابع الأنثوي. تقول ريتشا أغاروال عن السترات الغريبة، التي تجمع بين الجينز وقماش الكانفا وبلوزات المزارعين المبطنة بأقمشة مطبوعة، إنها كانت تتخيل شخصا يسافر حول العالم ويفتخر بارتداء ملابس البلد المقبل منه.

التوجه الآخر الذي ظهر خلال الأسبوع موضة الطبقات المتعددة، كما هو الحال في عرض أنينا دونغري التي ظهرت في عرضها مثلا، سترة وردية اللون تحتها «توب» أرغواني اللون مع تنورة مطبوعة. وستكون الفساتين الطويلة الناعمة الانسيابية وأطقم «غامب سوت» أيضا موضة رائجة في الهند في موسمين الخريف والشتاء المقبلين؛ حيث شوهدت في مجموعة ويندل رودريكس وكالول داتا وغيرهما. هذا واهتم كثير من المصممين أيضا بتطويل الملابس القصيرة جدا إلى الركبة، من بينهم نيميش شاه، وغاتين فارما كومال سود، وبيا باورو، وبيرنيا كوريشي.

وتعد الملابس القصيرة من الأمام والطويلة من الخلف اتجاها أنيقا ظهر في متاجر «زارا» و«مانغو» في الموسم الماضي، لكن المصممين الهنود التقطوها وقدموها بترجمات جديدة مثل أنيتا دونغر وشيفان آند ناريش.

ويعترف نيميش شاه، الذي دشن علامته التجارية «شيفت» العام الماضي، بأن الفساتين التي رآها خلال إجازته في لندن كانت مصدر إلهامه، خصوصا «الملابس التي يصل طولها إلى الركبة.. فهي أنثوية جدا». هذا التأثر على ما يبدو ظهر أيضا في الألوان التي تباينت بين الأصفر الليموني الزاهي والبرتقالي والأرجواني الداكن ودرجات الأزرق. فقد استحضرت أسلوب وألوان «كريستوفر كين» و«برادا» و«مارني» باللون الأرغواني الذي ظهر في مجموعة الشتاء.

فقد احتفى كومال سود وكريشنا ميهتا وغاتين فارما وأبهيشيك دوتا ومصممون جدد مثل شردا موراركا ونينون باليس بدرجاته الملوكية، التي تناسب درجات البشرة الهندية مثل الأرغواني والأسود والأزرق السماوي في ليلة مقمرة على حساب الألوان الباهتة. ويقول دوتا: «إضافة إلى ذلك، أنه موسم الحفلات».

لكن هذا لا يعني غياب ألوان أخرى، فقد ظهر الأبيض والأسود في عدة عروض منها عرض كالول دوتا لـ«غراند فينال»، بينما تلونت تصميمات الساري بالأبيض والكريمي حينا وطرزت بالأحمر والذهبي والفضي حينا آخر. وقام بعض المصممين بتغيير قواعد اللعبة بتصميمات ساري مختلفة، حيث جعلوا الجزء الأعلى من الساري يلتف حول الرقبة مثل الكوفية، كما ظهر الساري البكيني المتوقع من «شيفان آند ناريش» ليلقى عاصفة من التصفيق.

وكانت النقوش الجريئة في كل مكان؛ حيث قدمها المصمم يوغيش تشودهاري مع تصميمات الساري المنقوشة ذات الحواف التي تحمل زهورا، بينما قدمتها ديبيكا غوفيند في أزياء ضيقة حملت رسوم سيارات.

وقدمت أرتيفيغاي غوبتا، تشكيلة بعنوان «أحب كتاب مادودل»، غلبت عليها رسومات هندسية غريبة.

تقول أرتيفيغاي، وهي خريجة المعهد القومي لتكنولوجيا الأزياء من مومباي، «عادة ما نرى رسوم مثل زهور وأوراق شجر على الساري بحواف غير محببة. لقد أردت أن أكسر الرتابة وكانت رسوم أحد زملائي هي مصدر إلهامي».

ولا يكتمل أسبوع الموضة في الهند من دون أزياء العروس؛ حيث أذهل المصممان شيامال وبهوميكا الحضور بتطريزهم الدقيق والمتداخل في الألوان والمخمل الثقيل وبدرجات الأزرق الداكن والبني الضارب إلى الحمرة والذهبي.

يخرج الحضور من هذه العروض وهو يشعر بأن المصممين متشبثون بتراثهم الهندي من خلال استلهامهم قطعا عصرية من الساري ومزجهم الفساتين العصرية بالملابس القبلية وتنورات «لهينغا» ذات الألوان المتداخلة والمطبوعة بنقوشات رقمية. ففي بلد بذل جهودا كبيرة في وقت ما من أجل الوصول إلى ساحة الأزياء العالمية، كان الاعتزاز المتجدد بالأصول والجذور يتهادى فوق ممشى العرض، حسب قول محرر الموضة سوجاتا أسومول سيبي: «لقد أدرك الناس أن الأزياء الهندية تتمسك بهويتها».

المصمم سيدهارتا أريان، مثلا، اعتمد على الأزياء الهندية التقليدية مثل الساري واللهينغا وبلوزة الـ«كولي» وابتكر تصميمات بحرير مطبوع بطريقة رقمية بدلا من كتل التطريز. وقال سيدهارتا البالغ من العمر 30 عاما: «لا حاجة للعروس أن ترتدي 25 كيلو في يوم زفافها.. المفترض أن تستمتع بالحدث وليس العكس».

«سلوار كاميز»، الذي يتكون من قميص طويل وبنطال فضفاض، أيضا شهد إقبالا أكثر من الساري، في هذه العروض، بالإضافة إلى القميص الرجالي الكلاسيكي والياقات المبتكرة.

الإكسسوارات أيضا كان لها نصيب كبير في هذه العروض، خاصة القلادات المستوحاة من قبائل إثنية. مصمم الحلي، سانام تشوبرا، مثلا ركز على القلادات المعدنية الضخمة التي استخدم بها وحدات من «سواروفسكي»، فضلا عن الأقراط المعدنية، التي تتخذ شكل الشرابات وأوراق الشجر.

أحذية الرجال الكلاسيكية أو الأحذية التي تصلح للجنسين كانت بمثابة نخب العروض؛ حيث قدمت بريادارشيني راو حذاء الـ«بروغز» الاسكوتلندي ذا اللون الأرغواني المائل إلى الزرقة والفيروزي ضمن مجموعتها الهندية - الغربية. وقدمت المصممة سنيها أرورا ضمن برنامج «جينيريشن نيكست» والمصمم كين فيرنيس، أحذية الرجال التقليدية المتحفظة مثل حذاء أكسفورد الجلدي والـ«وينغ تيب»، بينما قدم روهان أرورا بإلهام من فيلم «أيتم سونغ» الهندي، مجموعة أحذية مثيرة للرجال والنساء.

يشرح روهان: «استوحيت مجموعتي من نجوم ونجمات السينما الهندية. دائما ما أتذكر فيلم (أيتم سونغ) على الرغم من أنه لم يحقق نجاحا كبيرا. لذا لن ينسى أحد ما أقدمه من أحذية حتى وإن لم يحقق الزي نجاحا».

أما الأحذية النسائية فتميزت بأجراس وتطريزات على شكل ورود. وهناك أيضا أحذية «الإسبدريل» بدرجات زاهية ومطعمة بخرز أو أجراس لتمثل البهجة والانطلاق.