عندما تتكلم لغة الأزياء تخفت باقي الأصوات

المظهر الأنيق.. طريق النجاح السريع

TT

عندما وصف موقع «تي إم زد»، نائب رئيس الحزب الجمهوري، ميت رومني، بأنه أكثر نائب رئيس مرشح وسامة على الإطلاق، توقع الكل بأنه سيصبح مادة دسمة لخبراء الموضة وغيرهم كما فعلت سارة بايلين في الحملة الانتخابية السابقة. لكن هذا الرجل الأربعيني الذي هاجمه الديمقراطيون على أساس أنه «صقر من صقور الميزانية»، سرعان ما تلقى هجمات مماثلة على مستوى الأناقة والمظهر. فهو قد يتقاسم مع ميت رومني، كثيرا من السياسات، إلا أنه حتما لا يتقاسم معه نفس الخياط. فرومني معروف بأزيائه المفضلة والأنيقة التي قد يكون المأخذ الوحيد عليها أنها باهظة الثمن، وإن كان يحاول أن يخفف من كلاسيكيتها ورسميتها بين الفينة والأخرى بارتدائه بنطلون الجينز أو قميص من دون رابطة عنق. الهدف هنا هو تبليغ رسالة للناخبين بأنه متفتح على العصر وعلى شريحة الشباب، مثلما فعل رونالد ريغان في عام 1980 عندما ظهر، في سابقة، بقميص مفتوح ومن دون رابطة عنق.

رايان الذي يعقد عليه رومني الآمال في جذب شريحة الشباب وشرائح من طبقات أخرى بينه وبينها فجوة عمر وطبقية، على العكس من ريغان وأوباما وحتى رومني، لم يسجل لحد الآن أي سبق فيما يتعلق بهذا الجانب، مع أنه في مقتبل العمر مقارنة بغيره. فهو يصغر باراك أوباما بتسع سنوات، كما أنه أصغر من ميت رومني بعقدين تقريبا. صحيح أنه رشيق ومفتول العضلات بحكم أنه مواظب على التمارين الرياضية، كما يقال، وصحيح أيضا أنه يتمتع بنسبة لا بأس بها من الوسامة، إلا أنه وقع في خطأ عدم الاهتمام بالتفاصيل عندما ظهر ببذلة غير المفصلة على مقاسه. وهذا بحد ذاته يعتبر خطأ لا يغتفر بالنسبة لرجل في الواجهة كما ليس له أي عذر في الحصول على بذلة تضفي عليه الأناقة الجادة التي يتطلبها دوره. فالأزياء مؤثرة، شاء البعض أم أبى، والسياسيون يستعملونها منذ زمن طويل، بمن فيهم وينستون تشرشل، للتأثير على الناخبين والحصول على أصواتهم، عدا أن الاهتمام بالتفاصيل يشير إلى شخصية دقيقة يمكن أن يعول عليها. لهذا عندما ظهر بول راين في ولاية فرجينيا، ببنطلون وسترة «بليزر» واسعة عليه، فإن مظهره بدا غريبا، إن لم نقل نشازا، وكأنه شاب صغير يريد أن يلعب مع الكبار. فالسترة كانت واسعة عند الأكتاف، وياقة القميص بدت هي الأخرى واسعة عليه مما جعل رأسه يبدو صغيرا مقارنة بباقي الجسم. البنطلون أيضا لم يرفع من أرصدته، فهو بـ«بليسيهات» استحضرت موضة قديمة تناسب كبار السن أكثر.

ما لا يختلف عليه اثنان أن صورة السياسي أصبحت من أهم وسائل الدعاية، والصورة لا تشمل لغة الخطاب والتواصل مع الآخرين بل أيضا المظهر. فالأزياء هي تلك اللغة الصامتة التي يجب أن يتقنها الرجل، أيا كانت وظيفته، فما البال إذا كانت وظيفته هي التأثير على الملايين وكسبهم. الدليل على قوة هذه اللغة أن الصورة المحفورة في الذهن عن جون كينيدي هي لرئيس شاب و«كاريزماتي» أنيق متفتح على العالم، بينما ترتبط صورة جورج بوش جونيور بصورة الكاوبوي الأميركي، وهي الصورة التي رسخها بارتدائه القبعة على طريقة أهل تكساس والأحذية ذات الرقبة العالية. مثل جون كينيدي، برهن باراك أوباما أنه يفهم بأن فن البذلة يكمن في جمعها عنصرا الكلاسيكية والعصرية، حتى يخاطب الجيل القديم والجديد على حد سواء. والأهم من هذا، بأن تكون مفصلة على الجسم، حتى تضفي عليه الجاذبية، وتعكس اهتمامه بالتفاصيل. صحيح أن أسلوبه ليس جريئا، ويقتصر على ألوان حيادية، وقطعا محددة، إلا أنه نجح في أن يجعل من البذلة والقميص ورابطة العنق زيه الرسمي الأنيق والفعال. حتى عندما يستغني عن الرابطة فإنه يعكس شخصية شابة، مرتاحة ومتصالحة مع نفسها، ترضي الناخبين، لأنها تجعله يبدو دائما أنيقا في عيونهم وليس متكلفا.

ففي النهاية هو سياسي وليس فنانا، وبالتالي لا ينتظر منه أن يعانق ألوانا صارخة ونقوشات متضاربة وما شابهها من أمور، بل فقط الانتباه إلى التفاصيل لكي تأتي الصورة مريحة تخاطب القلب والعقل معا. بيد أن هذا لا يعني أنه سلم من الانتقادات في السابق، فهو أيضا كانت له كبوات خصوصا في جانب المظهر الـ«سبور» أو «الكاجوال»، كان أشهرها ظهوره منذ بضع سنوات ببنطلون جينز فضفاض ورثه من الثمانينات.

ومع ذلك فإن الصورة التي يتبناها السياسي قد تكون سيفا ذا حدين، لأنها قد تخلف نتائج عكسية حتى عندما تكون في غاية الأناقة، بسبب تناقضها مع ما يتوقعه الناخب. فالمتابع للجدل الذي يثيره مظهر السياسي في الولايات المتحدة يلاحظ أنه يعود إلى نوع من الازدواجية في رؤية الناخبين. فهم يتوقعون من السياسي أن يكون واحدا منهم ويمثلهم، وفي الوقت ذاته أن يكون قدوة لهم، بأن يتحلى بالأناقة والقوة. كل هذا من دون أن يصرف مبالغ طائلة. طبعا الأمر يختلف كثيرا في أوروبا، ففي فرنسا وإيطاليا، مثلا، تعتبر الأناقة مهمة أيا كان الثمن، بل ينتظر من السياسي أن يلبس لـ«جيورجيو أرماني» أو «ديور أوم»« مثلا، ربما لأن صناعة الموضة في البلدين مهمة، وقوة محركة للاقتصاد مما يتطلب منهم أن يكونوا سفراء لها، سواء كانوا من حزب العمال أو الحزب الاشتراكي أو من حزب المحافظين. في المقابل، فإن المتوقع في الولايات المتحدة، أن يكون السياسي أنيقا وليس متأنقا، وهي معادلة صعبة لا يتقنها الجميع.

وما علينا إلا أن نتذكر سارة بايلين وما أثاره مظهرها وميلها إلى الأزياء العالمية والغالية، من جدل. ففي الوقت الذي هلل لاختياراتها وأناقتها خبراء الموضة، وجد الناخبون أن مظهرها يتناقض مع أجندتها أو بالأحرى طموحاتهم وتوقعاتهم.

البذلة العصرية بتصميمها الجديد تخلصت من كلاسيكيتها أو بالأحرى رسميتها المقيدة. ففي حين أن البنطلون أقصر مما تعود عليه الرجل في الخمسينات والستينات، فإن السترة أيضا فقدت بعضا من عرضها لتناسب رشاقة الرجل العصري وإقباله على الرياضة وعلى الموضة. وفي كل الأحوال فإن الغلبة هذه الأيام للسترة غير المزدوجة بزر أو زرين فقط، لأنها تناسب كل الأعمار والشخصيات، بدءا من نجوم من أمثال توم كروز، وبراد بيت، وجون كلوني، إلى سياسيين من أمثال باراك أوباما، وديفيد كاميرون وغيرهما. السبب الواضح أنها لا تضفي الرشاقة على الجسم فحسب بل أيضا تسمح بارتدائها برابطة عنق أو من دونها على العكس من المزدوجة.

- رغم توفر بذلات جاهزة وأنيقة في السوق إلا أن التفصيل يبقى الأفضل والأضمن، لأن مقاييس الرجل العادي ليست هي مقاييس عارض أزياء.

- يعتبر القماش من أهم العناصر التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، لأنه يجب أن يكون من نوعية جيدة حتى ينسدل على الجسم بشكل جيد.