عندما تتحول عروض الأزياء إلى دراما

لم تعد بسيطة تتطلب أماكن عادية بل إخراجا مثيرا وتأثيرات مسرحية

TT

عروض الأزياء لم تعد عبارة عن صالون عرض وأزياء أنيقة وصوت مميز يشرح تفاصيل كل قطعة ومواصفاتها وهي تمر أمام الحضور، بل أصبحت تتطلب إخراجا دراميا وجديدا حتى تثير الانتباه وتحصل على الإعجاب. من هذا المنطلق، استبدلت الصالونات بقصور أو متاحف أو قاعات فنادق 5 نجوم، تتغير ديكوراتها، ليوم واحد حسب متطلبات التشكيلة وألوانها ورؤية المصمم، عدا عن الموسيقى والمؤثرات الدرامية الأخرى. وهذا ما يجعل بعض هذه العروض أقرب إلى العروض المسرحية التي تغذي كل الحواس. وربما يكون جون غاليانو، مصمم دار «ديور» السابق، أكثر من أتقن هذا الدور بحيث نصب نفسه أحيانا بطلا يظهر في آخر كل عرض متقمصا شخصية عالمية. طبعا كان ذلك قبل أن يسقط من برجه العالي وتغضب عليه الدار. مصمم دار «شانيل» المخضرم كارل لاغرفيلد من جهته يركز على الديكورات، بحيث يغير في كل موسم شخصية «لوغران باليه»، كذلك مارك جايكوبس الذي جعل من ساحة «لوكاريه» باللوفر المقر الرسمي لعروض «لوي فويتون». ورغم أن الأماكن لا تتغير من الخارج في الغالب، فإن داخلها يخضع لعمليات جذرية تغير من شكلها ولونها في كل موسم، ويشرف عليها فنان لا تقل رؤيته الإبداعية عن رؤية المصمم نفسه. مهمته تتلخص في ترجمة رؤية المصمم وإيصالها للحضور بشكل يكمل الأزياء ولا يسرق الأضواء منها، وإن كان الأمر صعبا. المفترض أن يجلس مع المصمم ويفهم تيمة التشكيلة قبل عدة أشهر من العرض حتى تأتي الصورة معبرة ومتكاملة. في عرض «لوي فويتون» لربيع وصيف 2013 الأخير مثلا تعاون مارك جايكوبس مع الفنان دانيال بورين، الذي نصب سلالم متحركة واختار الإضاءة واللونين الأصفر والأبيض من وحي تشكيلة غلبت عليها المكعبات واللعب على لونين. دانيان بورين وصف التجربة بالمدهشة والمجنونة في الوقت ذاته. مدهشة لأنها جديدة ولم يسبق له أن قام بمثلها، ومجنونة لأنه نفذها في وقت قياسي.

يشرح بأن بداية التعاون كانت تلقيه برسالة لطيفة من مارك جايكوبس، لم يذكر له فيها أنه يريد التعاون معه، بل فقط إنه يريد مقابلته. ولم يتم اللقاء إلا في نهاية شهر أغسطس (آب)، مما شكل مفاجأة أخرى بالنسبة للفنان، سببها هذه المرة أنه لم يكن يتوقع أن المطلوب منه تنفيذ مشروع ضخم في فترة قصيرة جدا لا تتعدى الأسابيع. فخلال حديثه مع المصمم كان يعتقد أن فكرة التعاون ستكون في شهر مارس (آذار) من العام المقبل، ولم يصدق عندما قيل له إنها لشهر سبتمبر (أيلول). يقول إن الفكرة كانت مجنونة وبمثابة العاصفة «تعتقد أن المطلوب منك سيكون بعد ستة أشهر، وتتساءل ما إذا كان بإمكانك إنجاز العمل في هذه المدة، ثم تصعق بأنه عليك إنجازها في غضون أسابيع». لكن ما جعل التجربة ممتعة وممكنة أنه تلقى دعما كبيرا بأن يطلق العنان لخياله وبأن يقوم بأي شيء يريده فيما يتعلق بتصميم المكان. كانت هناك فقط إشارة خفيفة عن إمكانية أو بالأحرى رغبة في استعمال سلالم متحركة. ما من شك أن العملية تطلبت ميزانية ضخمة، لكن بما أن الحديث هنا عن «لوي فويتون» فإن هذه النقطة لم تشكل عائقا مقارنة بعامل الوقت، لا سيما أنه كان من الضروري أن تركب السلالم المتحركة في وسط القاعة المنصوبة بوسط «اللوفر» بشكل جيد واحترافي، لأنه لا مجال للخطأ. ويعترف بورين بأن التحدي كان كبيرا، وأقرب إلى المجازفة، لكن لحسن الحظ مرت بنجاح وحققت الإثارة المتوخاة منها.