ابتسم تبتسم لك الدنيا

الابتسامة أسرع وسيلة للتواصل واكتساب الشباب والحيوية

TT

الابتسامة أول الطريق إلى القلب، كما يقولون. وبالفعل أكدت الحياة وتجاربها أنها أفضل وسيلة تواصل بن الناس، فهي إن لم تعبر عن السعادة والترحيب بالشخص الآخر فهي تموه عن إحساس بالحرج أو تشير إلى الخجل وما شابه.

في الثقافات الشعبية ظهرت أهمية الأسنان في الكثير من الطقوس. في لبنان، مثلا، جرت العادة في الماضي بأن تعطي الأمهات نبات الأسنان الأولى أهمية كبرى فتحضّر حلوى خاصة تعرف بـ«السنينية» وتتألّف من القمح المسلوق المزين بحبات من ملبس اللوز والقضامة البيضاء، أي الحمص المحمص والمغطّس بالسكر، احتفالا بهذه المرحلة من عمر الطفل. فهي مرحلة تشير إلى قدرته على تناول الطعام بعدما كانت تغذيته تقتصر على الحليب والسوائل. إلى ذلك كانت بعض الأمهات تتابع بحذر نمو أسنان أولادها بعد مرحلة تساقطها الطبيعية المعروفة بـ«التفريم»، بحيث كانت تنبههم إلى ضرورة عدم ملامستها بلسانهم حتى لا تنمو بطريقة غير متوازية تكون نتيجتها أسنانا غير متناسقة أو مرصوصة وابتسامة غير جذّابة. تطورت الأمور ولم تتغير الفكرة الأساسية، فالأهل لا يزالون يولون أهمية كبيرة للأسنان، الفرق أنهم الآن لا يتوانون عن اصطحاب أطفالهم إلى طبيب الأسنان المختص ليثبت لهم قوسا خاصا يعرف بالـ(arc) لتقويم الأسنان المتفرّقة أو المتقدمة أو المتأخرة عن فك أسنانهم الطبيعي.

أما الابتسامة الهوليوودية، فهي لم تعد تقتصر على هوليوود، وأصبح الكل يريدها بغض النظر عن موقعهم الجغرافي. فقد أصبح تبييض الأسنان أو تغطيتها بطبقة من السيراميك اللماعة تقليدا عاديا يلجأ إليه الكل تقريبا، وبالتالي أصبح بإمكان الكل الابتسام ملء الفاه لإظهارها على الملأ.

فقد أفاد استطلاع أخير أجراه المشرفون في جمعية الأسنان الفرنسية بأن 51% من الفرنسيين يتفادون الابتسامة لأسباب جمالية وليس لأنهم لا يميلون إلى روح الدعابة أو لأنهم يفضلون الكآبة. كما أظهر الاستطلاع نفسه أن 42% يرون أن أسنانهم ليست بيضاء و29% يجدونها غير متراصة بشكل ملائم على الرغم من أن الابتسامة هي وسيلة للاتصال مع الآخرين، فيما اعتبرها 62% أداة لإغراء الجنس الآخر.

طبيبة الأسنان نيكول جحا علّقت على هذا الاستطلاع في حديث لـ«الشرق الأوسط» مؤكدة صحته. فالكثير من الناس يعانون من مشكلات عدة في مظهر أسنانهم ولكنهم لا يملكون الإمكانات اللازمة لتصحيحها، بينما هناك حلول معقولة في استطاعة أصحاب الدخل المحدود القيام بها بسهولة في حال كانت المشكلة التي يعانون منها طفيفة تتطلّب مجرّد عملية تجميل صغيرة. وهي عمليات نسميها في مهنتنا (عمليات المباشرة في الفم) أي التي لا تتطلّب اللجوء إلى مختبرات الأسنان والمرتكزة على استعمال طبقة من الحشوة البيضاء المعروفة بالأجنبية بالـ(composite) والتي تحسّن الشكل كما لون الأسنان. وأشارت إلى أن عمليات التجميل الأخرى والتي تعتمد على ميزانية عالية عادة ما يلجأ إليها الميسورون أو نجوم الفن والوجوه الاجتماعية المعروفة للحفاظ على إطلالة جذّابة لا يشوبها أي إهمال، وأيضا لكي يشعروا بالثقة بالنفس وهم يوزعون ابتساماتهم يمينا ويسارا.

وقالت في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «من الضروري أن نتمتع بابتسامة جذابة في عصر أصبحت فيه الصورة أهم من الصوت ويرتكز فيه الناس على الشكل الحسن معتمدين مختلف الوسائل للوصول إلى غاياتهم، سواء من خلال حقن البوتوكس وعمليات شد الوجه أو بتقويم وتجميل الأسنان. فهذه الأخيرة تشكّل نسبة 50% من جمال الشخص إذا ما كانت مرصوصة مثل اللؤلؤ، كما يمكن أن تغني عن عمليات شد الوجه، لما تضفيه من شباب ونضارة على الوجه. فعندما تكون مصفرة أو مكسورة أو غير متناسقة مع بعضها فإنها تضفي عدة سنوات على صاحبها. فكم من مرة شعرت بأن شخصا تعرفه اكتسب جمالا ويبدو اصغر من سنه لتكتشف فيما بعد أنه قام بتصليح شكل أسنانه؟».

وتقول نانسي أبو ناضر التي لجأت إلى عملية تجميل لأسنانها عن طريق تغطيتها بطبقة من السيراميك إنها أصبحت أكثر ثقة بالنفس، وتبدو أصغر من سنها، خصوصا أن العملية شملت زيادة طفيفة في طول أسنانها مما أضفى عليها جمالا لم تكن تنعم به من قبل.

من ناحيتها رأت بتول مراد، وهي سكرتيرة في إحدى وكالات السفر في بيروت، أن نفسيتها تحسنت بشكل واضح بعد إجرائها عملية تجميل بسيطة لأسنانها التي بدأت تصغر مع تقدّمها في العمر. تشرح: «لم تتعدَ تكلفة هذه العملية التي طالت فقط أسناني في مقدمة فمي من الفك الأعلى سوى 200 دولار دفعتها بالتقسيط لطبيب أسناني بعدما غلّفها بطبقة من الحشوة البيضاء وامتنعت بعدها عن تعريضها لأي أجسام قاسية كي لا تصاب بالتلف، واليوم أشعر براحة كبرى عندما أبتسم ونصحت الكثير من أصدقائي بها، علما أنها لا تستغرق سوى ساعتين من الوقت على مدى جلستين أو ثلاث لدى طبيب الأسنان».

وفي كل الحالات تبقى الابتسامة أفضل من التكشيرة إذ باستطاعتها أن تقرّب الناس من بعضها البعض كما تترك أثرا إيجابيا على من يعتمدها وعلى الأشخاص الذين يتلقونها، عدا أنها عملية مجانية لشد الوجه ورفع الوجنتين إلى أعلى. ثم لا يمكن أن ننسى المثل الشهير: «ابتسم تبتسم لك الدنيا».