عرائس الهند يتفاءلن بالقديم

تقاليد الزواج تنعش عمليات تجديد قطع الساري القديمة

TT

حين تزوجت الممثلة الهندية، كارينا كابور، مؤخرا من الممثل سيف علي خان، الوريث الاعتباري لعائلة باتاودي المالكة، ارتدت فستان زفاف يعود تاريخه لعام 1939. الفستان كان هدية من جدة زوجها فيما يعتبر تقليدا في عائلة باتاودي. فعندما تزوج والد سيف، الراحل منصور علي خان باتاودي، من الممثلة الهندية، شارميلا تاغور، في عام 1967، ارتدت هي الأخرى نفس الفستان، الذي كان حينذاك هدية من حماتها. وكانت أول من ارتدت هذا الفستان البيغام ساجدة سلطان من بوبال في حفل زفافها في عام 1939. وتحت إشراف وتوجيه المصممة الهندية ريتو كومار، عمل فريق مكون من 12 حرفيا مسنا ممن يقومون بقياس الغرز واستخدامها على ثلاثة أبعاد، لمدة أربعة أشهر لإنجاز هذه المهمة وإعادة الفستان إلى حالته الأصلية. كانت العملية مضنية، استخدم فيها نسيج البينارا الذهبي الذي يستعمل في الفساتين القديمة. تقول ريتو إنها استخدمت هذا النسيج بالذات حتى تتم حياكته بصورة مماثلة للأقمشة المستخدمة في الزي الأصلي. التطريز أيضا نفذ بشكل يماثل التطريز الأصلي على يد فنانين محترفين في الزاردوزي.

تشرح ريتو قائلة: «تجديد الأقمشة القديمة، يحتاج إلى التمتع بقدر معين من الحرية كمصمم، وهذا ما أقوم به عن طريق جعلها أكثر عملية وملاءمة لعرائس اليوم».

صممت كومار أيضا أزياء زفاف مثل «الغارارا» و«الليهينغا» لشقيقتي سيف، سها وسابا، مستوحية تصميماتها من اللوحات القديمة وملابس أسرة باتاودي المالكة التي ظهرت في كتاب حمل عنوان «ملابس وأقمشة الأسرة المالكة الهندية». وعائلة باتاودي ليست وحدها من تتبع أو تفضل هذا التقليد، فالقديم له مكانة خاصة في قلوب معظم الثقافات، كما يقول المثل الشعبي: «شيء قديم، وشيء جديد، شيء مستعار، وشيء أزرق»، في إشارة إلى الملابس التي ينبغي أن ترتديها العروس في ليلة زفافها من أجل جلب الحظ السعيد. لهذا يزداد حاليا عدد العرائس في الهند اللاتي يفعلن ذلك، ويتجهن إلى ارتداء الملابس التراثية المملوكة للأسرة في ليلة زفافهن.. فقد اختارت نجمة التنس الهندية، سانيا ميراز، مثلا ساري خاصا بوالدتها باللون الأحمر القاني ليلة زفافها بعد تجديده وإعادة الرونق إليه.

تعلق ريتو، التي تعمل في هذه الحرفة منذ أكثر من ثلاثين عاما، قائلة إن الحقبة الاستعمارية قضت على استخدام المهارات العالية في مجال أنسجة الزاردوزي في الهند، ولا سيما حرفيي البنغال، لهذا كانت تجربة إحياء التراث أحد التحديات الكبيرة. بالنسبة لها، فإن من يعملون على إعادة إحياء القماش العتيق هم يعملون على إنقاذ إرث ثمين. فامتلاك قطعة من التاريخ والتراث يعتبر رفاهية لا تضاهى، وارتداء قطع التراث أفضل من ارتداء تصاميم موقعة بأسماء تجارية عالمية متاحة لكل من له القدرة على شرائها. مع ذلك يؤدي مناخ الهند وغياب الوعي بطرق العناية بالقطع التراثية العتيقة، مثل الساري أو المعطف أو الشال أو الأثواب الرقيقة الطويلة، إلى تلفها. سميتا سينغ، وهي مدافعة عن النسيج والحفاظ عليه، تقول إن الساري من الموروثات المتجذرة في الثقافة الهندية وبالتالي فهي مفخرة لهم ويتعاملون معها كإرث وطني.

من جهتها، تقوم هاوية جمع القطع العتيقة، راناجانا غوبتا، بإصلاح الأنسجة العتيقة وإعادة الرونق إليها. وتقول إن عملاء من شيكاغو يقصدونها للحصول على قطع ساري تعود إلى مائة عام أو أكثر. وتذكر من زبائنها أيضا رئيس وزراء دلهي شيلا دكسشيت، إلى جانب أفراد أسر مالكة لا تريد أن تذكرهم لأسباب واضحة. وتقول ريكا ميسري، خبيرة النسيج: «بدأ الناس يدركون أهمية الساري العتيق، والآن هناك عملاء يأتون ومعهم مجموعة عتيقة من قطع الساري الخاصة بجداتهم يطلبون مني تحويل أطرافها المطرزة بالذهبي والفضي إلى ساري من الشيفون أو الجورجيت، ويفخرون بارتدائها مع بلوزة بلون مختلف تماما لإبراز جمالياته أكثر». ويتطلب إعادة إحياء ثوب قديم الكثير من العمل بدقة، الأمر الذي تؤكده المصممة مادو جين، التي عملت على «ساري» من قماش الكادي بلون وردي نسج يدويا لأول رئيس وزراء للهند، جواهر لال نهرو، عام 1941 عندما كان في السجن. وورثته ابنته أنديرا غاندي التي ورثته بدورها لزوجة ابنها مونيكا غاندي. وارتدته هذه الأخيرة في حفل زفاف ابنها فارون غاندي، بينما ارتدت زوجة ابنها عددا من قطع الساري القديم في تلك المناسبة. تقول مادو جين: «نظرا لابتعاد الساري عن المشهد لسنوات طويلة فهو مهدد بالتلف، بما في ذلك قماش الكادي الذي يعرف بتماسكه». وتعترف جين أنها شعرت بالخوف في البداية بسبب المهمة التاريخية الموكلة إليها، لكنها قبلت التحدي خصوصا أنها كانت تعرف أنه سيزيد من خبرتها كمصممة أزياء. وحتى تمنح جسدا جديدا للقماش المهترئ، استخدمت مادو وصفة عائلية قديمة من الأعشاب، بينما تولى فريقها إصلاح الأطراف المهترئة في عملية استغرقت أسبوعين.

وتعلق مصممة الأزياء والخبيرة في النسيج، نيرو كومار، قائلة إنه لا يمكن إصلاح النسيج القديم إلا إذا كان لا يزال متماسكا، وحتى هذا يحتاج إلى حرفية عالية.

فيجاي لاكشمي دوغرا، التي تعمل في إصلاح الأنسجة العتيقة وتقيم في دلهي، هي أيضا من هواة جمع الأنسجة العتيقة، وتمتلك عددا كبيرا منها. بعضها يعود إلى مائتي عام وتتميز بتطريزات قام بها حرفيون صينيون مهرة، وإن كانت قطعتها الثمينة ساري من المخمل الأحمر الغني المطرز بالذهب الخالص. وبحسب المصمم أشدين ليلاوالا، فإن الإقبال على الأثواب القديمة زاد مما أنعش صناعة التجديد، قائلا: «أركز دائما على إصلاح التطريز، فهو الذي يبقى لفترة طويلة. أحيانا ننقل التطريز القديم إلى قماش جديد أو نضيف شبكة كدعامة. وكثيرا ما يستحيل علينا تقليد الغرز الأصلية بسبب بهتان الألوان».