كلما غلا ثمنها زادت جاذبيتها

صاغة «بلاس فاندوم» يتبارون في طرح جواهر تعتمد على التصميم أولا والأحجار ثانيا

TT

في عام 2010 قرر الصاغة الباريسيون أن يهجموا على أسبوع الـ«هوت كوتير» ويستحوذوا على يومه الأخير. جندوا لهذا الغرض بعض بيوت الأزياء التي دخلت مجال الجواهر في العقد الأخير وبدأت تسجل تقدما ملحوظا فيه، على المستويين الفني والتجاري، مثل «ديور» و«شانيل». نجحت المحاولات، وأصبح يوم الجواهر الراقية جزءا لا يتجزأ من أسبوع الأزياء الراقية منذ ذلك الحين، تتحول فيه «بلاس فاندوم» إلى محج لمحرري الموضة والجواهر. ففكرة الجمع بين الجواهر الفخمة والأزياء الرفيعة أكدت سريعا أنها زواج موفق وللأبد، تماما مثلما الماس للأبد. في هذا الموسم، لوحظ أن الكثير من قطع الجواهر لم تكن متوفرة لوسائل الإعلام، وكان التبرير أنها بيعت قبل أن تعرض وتصل إلى المحل، ولم يبقَ شاهدا على وجودها سوى رسومات وصور فوتوغرافية، وكلام شيق عنها، يجعلك تشعر كما لو أنك تسمع لحكاية من حكايات ألف ليلة وليلة. لكن يجدر التنويه بأن السبب في عدم توفر بعض القطع يعود أيضا إلى تزامن أسبوع الموضة هذه السنة مع معرض الساعات الفاخرة في جنيف، مما جعل بعض دور الجواهر مثل «فان كليف أند أربلز» تفتقد إلى الكثير من القطع.

ورغم أن كل بيوت الأزياء وبيوت الجواهر تستفيد من هذا الزواج، الأول بإضافة يوم إلى برنامجه الذي تقلص في العقد الأخير إثر تقاعد بعض المصممين المخضرمين أو وفاة أو إفلاس بعضهم الآخر، فإن الثاني أكثر المستفيدين. صحيح أن عناوين صاغة «بلاس فاندوم» معروفة لدى المستثمرين من كل أنحاء العالم، وأبوابهم مفتوحة للزبائن المخلصين طوال العام، إلا أن ذلك اليوم بالذات يساعدهم على استقطاب زبونات الـ«هوت كوتير» الجديدات والشابات، الآتيات من الأسواق النامية مثل الأسواق الآسيوية وأوروبا الشرقية وغيرها. وقد أظهرت التجارب أنهن متعطشات لكل ما هو غالٍ ونفيس، منهن من يتوخين السرية التامة، ويفضلن الدخول من أبواب خلفية إلى قاعات مخصصة لهن لهذا الغرض، وأيضا لمنح أنفسهن الإحساس بالتميز، ومنهن متمرسات في شراء الجواهر. وهؤلاء يتعاملن معها كزينة وخزينة في الوقت ذاته، أي للاستثمار على المدى البعيد. لكنّ الشريحتين تريان أن التوجه من محل إلى آخر في ذلك اليوم، حيث تكون أغلب القطع متوفرة في «بلاس فاندوم» أسهل وأسرع طريقة للتعرف على جديد السوق. وهذا ما يفسر تسابق بيوت الجواهر على طرح أكبر عدد من القطع المرصعة بأغلى وأجود وأضخم الأحجار، مع التفنن في ابتكار التصاميم حتى تذوب أية مقاومة وتقضي على المنافسة الشرسة التي أصبح يعرفها هذا المجال. فالصاغة التقليديون باتوا يفهمون الآن أهمية جمال التصميم وأن الأحجار وحدها لم تعد تكفي، بينما فهمت البيوت المتمرسة في التصميم مثل «كارتييه»، و«فان كليف أند آربلز»، و«شانيل»، و«ديور»، وغيرها، أهمية الأحجار، توهجا وحجما وصفاء.

أكثر ما أثار النظر إلى المعروضات هذا الموسم، ذلك التنوع الذي تحرص عليه كل دور الجواهر، على الرغم من أنها أصبحت تطرح أعدادا كبيرة قد تصل إلى أكثر من ثمانين قطعة، كما هو الحال بالنسبة لدار «شانيل». فبعد أن قدمت هذه الأخيرة في شهر يوليو (تموز) من العام الماضي ما لا يقل عن 80 قطعة احتفالا بمرور 80 عاما على أول مجموعة جواهر راقية طرحتها الآنسة غابرييل شانيل في عام 1932، قدمت هذا الموسم مجموعة قدر عددها بنحو 99 قطعة تقريبا، أطلقت عليها «غاردان دي كاميليا» أو حديقة الكاميليا. وكما يدل اسمها فقد استوحيت بالكامل من زهرة الكاميليا التي كانت الراحلة شانيل تعشقها وتتفاءل بها إلى حد أنها كانت تظهر في معظم عروضها، إن لم نقل كلها. أجمل ما فيها هذه المرة أن الزهرة جاءت أكثر سمكا وقوة تحيط بها بتلات مرصعة بالماس والأحجار الملونة بأبعاد ثلاثية أو بطيات الأوريغامي، تجعلك تريد أن تضمها بين يديك وتشمها. لكن أجمل ما تخلفه في النفس، فذلك الإحساس بأننا هنا في دار أزياء متمرسة أصبح لها شأن في عالم الجواهر، بفضل تصميمات تبدو وكأنها قماش دانتيل برقته وشفافيته، أو تطريزات مثل ما هو الحال في خاتم مرصع بالزفير الوردي والأزرق والماس، وبروش بالذهب الأبيض والذهبي مع لمسات من الورنيش الأسود.