ريم الكنهل.. جذورها في الشرق وعينها على الغرب

المصممة السعودية لـ«الشرق الأوسط»: لا نحتاج إلى التقليد بل إلى تصاميم مميزة وخاصة بنا

TT

في محل «كوليت» بسانت هونوريه، وسط باريس، كان اللقاء مع المصممة السعودية ريم الكنهل. غالبا في مثل هذه الحالات، ترسم في خيالك صورة للشخص الذي ستقابله لأول مرة، لتتفاجأ بأن الصورة التي رسمتها مختلفة تماما عن الواقع. وهذا بالفعل ما حدث في هذه الحالة، إذ فجأة طالعتني فتاة في مقتبل العمر بشعر قصير جدا ورشاقة العارضات، في «كاب» رمادي واسع ومبتكر تزينه رسومات من الظهر، قالت بفخر، عندما أبدت إحدى الحاضرات إعجابها به، إنه من تصميمها. كانت تتكلم بسرعة وحماس، بحيث لم تمر سوى دقيقتين حتى أقنعت الجميع بأنها لا تعشق الموضة، كأي امرأة في سنها، فحسب بل تتنفسها ومستعدة لتحدي العالم من أجلها. لكنها تعود وتقول: إنها محظوظة، لأنها لم تحتج إلى دخول أي تحديات لإقناع الأهل والمجتمع برغبتها في دخول مجال التصميم، فوالدها دعمها منذ البداية، كما أن الأبواب فتحت لها على مصراعيها، بفضل تصاميمها التي راقت لكل من عرضتها عليها. فأول تشكيلة قدمتها، مثلا، عُرضت في محل DNa، وبيعت بالكامل. غير أن نجاحاتها المحلية لم تعد تكفي، فكل جوارحها مشرئبة إلى العالمية، مؤكدة أن العالمية التي تتوق إليها محسوبة، هدفها منها أن تكون جسرا بين الشرق والغرب، وليس تقليدا أو مجاراة للغرب. تشرح: «يمكنني القول بكل فخر إنه أصبحت لدينا مواهب كثيرة تعمل جاهدة أن تخرج للعالم بأسلوبها الخاص عوضا أن تكون مجرد متلقية.. كل ما أتمناه أن تتاح لكل واحد منهم الفرصة لكي يكبروا وتنتشر أسماؤهم بطريقة صحيحة. فلا الإمكانيات تنقصنا ولا القدرات، وبالتالي يمكننا أن نصبح مرجعا لا يستهان به في المنطقة». وتضيف أن منطقة الشرق الأوسط تعتبر سوقا واعدة بإمكانياتها الهائلة: «فهي سوق تنمو بسرعة خصوصا في مجال الموضة، وحتى الفتيات المدمنات عليها يفهمن خباياها أكثر ويتعاملن معها بوعي أكبر من ذي قبل. فهن الآن يعرفن شخصية كل ماركة ويتابعن التوجهات العالمية ليأخذن منها ما يناسبهن فقط، وهذا ما يجعل الموضة بالنسبة لي ولهن بمثابة تعبير عن الذات، من خلالها يمكن اكتشاف كثير من شخصية الإنسان، بالإضافة إلى أنها لغة يفهمها الكل».

* كيف تبدأ عملية التصميم بالنسبة لك وكيف تتطور قبل أن يخرج لنا التصميم؟

- أي قطعة أصممها تبدأ بفكرة معينة، ثم تبدأ عملية الرسم على الورق بعدها تأتي مرحلة اختيار القماش وتفصيل النموذج الأولي، وكلها مراحل أشرف عليها وأقوم بها بنفسي. وأنا لا أتبع الصرعات وما تمليه ساحة الموضة، بل أتبع إحساسي وما أراه مناسبا ويتماشى مع أسلوبي الخاص.

* بحكم نجاحك في هذا المجال، ما هي النصيحة التي يمكن أن توجهيها إلى أي مصمم شاب يريد أن يدخل المجال؟

- أقول له إنه ليس بالسهولة التي يتوقعها البعض، لهذا لا يمكن التعامل معه على أنه مجرد هواية أو لعبة. فهو يستنزف كثيرا من الجهد والوقت، لا سيما أن المنافسة أصبحت شرسة. أول شيء هو التأكد من أنه المجال الذي تعشقه إلى حد التضحية من أجله بإعطائه كل ما لديك، بالإضافة إلى أن تظل وفيا لرؤيتك وأسلوبك، فنحن لا نحتاج إلى التقليد، لأنه كثير ومتوفر، بل نحتاج إلى تصاميم مميزة وخاصة.

* لو لم تكوني مصممة أزياء، ما العمل الذي كنت ستمتهنين؟

- محررة أزياء.

* كيف بدأ حبك للموضة؟

- عندما كنت أراقب والدتي وهي تلبس أزياءها وتتزين، وأول مرة وقعت فيها عيناي على النجمة الراحلة غرايس كيلي في فستان زفافها على أمير موناكو. منذ ذلك الوقت وأنا أحلم بأن أكون مصممة.

* ما هي نقطة التحول بالنسبة لك، أو بالأحرى النقطة التي أطلقتك في هذا المجال؟

- عندما اكتشف محل معروف في المملكة العربية السعودية مهتم بتصاميم الشباب المميزة تشكيلتي وطلب عرضها في المحل. كذلك عندما رأيت تصميمين من إبداعي على موقع إنترنت مهم خلال أسبوعي باريس ولندن للموضة. ظهر الاثنان في صفحة ما يلبسه الناس العاديون في الشارع وكان مفاجأة سارة.

* صحيح أن أي مصمم يشعر بالسعادة عندما يرى الناس العاديين يلبسون أزياءه، لكن السعادة تكون مضاعفة عندما تقبل عليها نجمة أيا كانت. من تحبين من النجمات أن تشاهديها في أزيائك؟

- بلا شك النجمة تيلدا سوينتون، فهي تتمتع بأسلوب خاص، ولا تتبع إملاءات الموضة بحذافيرها.

* أحيانا هناك قطعة واحدة من بين مجموعة كاملة تلفت الأنظار، وربما تكون هذه القطعة هي المحببة لدى المصمم أيضا، ما هي قطعتك المفضلة؟

- يحصل هذا في بعض الأحيان أنا أحب الـ«كاب» المصنوع من ريش مرصع بمرايا، والنقوشات وأيضا البنطلون- التنورة الواسع والمستوحى من أجنحة طائر. لكني أعود وأقول بأني أحب كل قطعة لأن لكل منها قصة خاصة بالنسبة لي.

* من هم المصممون الموجودون في الساحة حاليا ممن يعجبونك ويلفتون نظرك؟

- من الشباب هناك ماريا كاترانتزو بلا شك، وإن كنت في الغالب أقع في حب القطعة لتصميمها بغض النظر عن الماركة واسم المصمم. أنا أحب فكرة المزج واكتشاف أسماء جديدة حتى وإن لم تكن عالمية ومعروفة.

* هل تعتقدين أن الناس لا يزالون يصرفون مبالغ كبيرة على أزياء من مصممين كبار رغم الأزمة؟

- الأزمة لا يمكن أن توقف الناس عن شراء الأزياء أو الإكسسوارات، خصوصا الأحذية. فهي جزء من الحياة.

* ما المثير في عالم الموضة حاليا؟

- كل شيء في هذا العالم مثير، وكل يوم له سحر خاص فيه، بحيث تشعر دائما بنوع من الحماس، وكأنه «أدرينالين» في الجسم يمنحك طاقة وسعادة، ويتضاعف هذا الإحساس بالنسبة لي عندما أفكر في الخطوة التالية التي سأقوم بها.

* ما توجهات الموضة الحالية التي لا تميلين إليها حاليا وأسوأ موضة عشتها لحد الآن؟

- لا أميل إلى الفساتين القصيرة والضيقة جدا حاليا، وكرهت بكل جوارحي موضة الـ«شورت» القصير جدا، الذي اجتاح ساحة الموضة في الصيف الماضي، وأتمنى أن تذهب دون رجعة.

* ما هي التوجهات التي تنصحين بها هذا الشتاء؟

- جاكيتات الفرو حاضرة في كل مكان وكانت قوية في عروض الأزياء، ورغم جمالها وإيماني بعدم حرمان أي منها، فإني أطالب بأن تكون من الفرو الصناعي وليس الطبيعي رفقا بالحيوانات، خصوصا أن كثيرا من أنواع الفرو الصناعي بجودة عالية ويصعب التفريق بينه وبين الأصلي في كثير من الأحيان.

* 5 كلمات تلخص شخصيتك؟

- العناد، البساطة، الوضوح، المثابرة وعدم استباق الحكم على الآخرين.

* 5 أشياء يصعب عليك العيش من دونها أو الاستغناء عنها في حياتك؟

- القرآن الكريم، تليفون المحمول، نظاراتي الشمسية، وكريم التسمير، والمجلات.

* من هم الناس الذين يلهمونك؟

- كل من يتمتعون بإرادة قوية ولا يقبلون بالفشل أو دخول التحديات.

* بصفتك مصممة أزياء هل ترين أن الناس باتوا يبالغون كثيرا في الاهتمام بالمظاهر؟

- البعض يبالغ لكن البعض الآخر يتعامل معها بحكمة وأناقة.. حسب الشخصية طبعا.

* ما هي مقاييس الجسم التي تشكل تحديا بالنسبة لك كمصممة ولماذا؟

- أعتقد أن كل نساء العالم جميلات، وأن لكل مقاس ومقاييس ميزاتها، لهذا لا أعتبر أيا منها تحديا. فأنا أيضا امرأة وأفهم ما تريد المرأة إبرازه أو إخفاءه، والسر بالنسبة لي يكمن في خدع بصرية بسيطة وفي خلق التوازن.