فانيسا توغندافت.. المصممة التي أنزلت الماس من غلوه

تستعمله بأحجام صغيرة وتمزجه بمواد عصرية مثل الجلود والخيوط

TT

بالنسبة لفانيسا توغندافت، تعتبر المجوهرات جزءا من تاريخها العائلي؛ فهي تتحدر من أسرة متخصصة في الماس تحديدا، مما يعني أنها شبت وكل شيء من حولها يشع ببريقه وصفائه، ولا يجعلنا نستغرب أن تكون أول تجربة لها في التصميم وعمرها لا يتعدى الخامسة عشرة من العمر.

كانت البداية، كما تقول، حين أهداها والدها مجموعة أحجار صغيرة جدا من الماس، وظفتها في أشكال ناعمة راقت لكل صديقتها. كلما رأت نظرات الإعجاب في عيون كل من يرى تصاميمها، تتأكد أن الأحجار الكريمة، أو بالأحرى الماس، هو مستقبلها.

ورغم المنافسة الشرسة في هذا المجال، ورغم أن السوق تحتكره بيوت كبيرة وشركات لها باع وتاريخ طويل يمتد لقرون، فإن هذه الشابة استطاعت أن تجد لها مكانة خاصة في قلوب الشابات على الخصوص في وقت قياسي. ويعود الفضل في هذا إلى أنها لا تقدم قطعا ضخمة، أو أحجارا بارزة بقدر ما تلعب على النعومة، وعلى ذلك الحلم الدفين بداخل كل امرأة أن تجعل من الماس صديقها الوفي خلال أسبوع باريس للأزياء الجاهزة، التقت «الشرق الأوسط» فانيسا بمناسبة افتتاح محلها في جادة «سانت جيرمان» وكان هذا اللقاء:

* كيف تولد قطع مجوهرات من الفكرة إلى السوق؟

- أنا أهتم وأتابع كل مرحلة باهتمام لأني مهووسة بالتفاصيل مهما كانت صغيرة. أحيانا تراودني فكرة، قد تكون غريبة وغير ممكنة، لكنها تحفزني وتوقظ روح التحدي بداخلي. حينها أشعر بسعادة لا أستطيع تفسيرها ورغبة جامحة في أن أدخل تحديا لأحول المستحيل إلى ممكن، والغريب إلى عملي. وهذا ما يحدث في الغالب عندما أمزج الماس بالخيوط، أو بالزجاج أو الفضة أو الجلود. بالنسبة للمرحلة النهائية، فأنا أيضا أتدخل في كل شيء من التعامل مع العاملين في الورشة إلى المشترين والزبائن.

* كيف تلقط عيناك اتجاهات الموضة وموجاتها؟ ومن أين تستوحين منها أفكارك؟

- حتى أكون صادقة معك، أنا لست مواكبة للموضة على المستوى الشخصي، لهذا لا ألتقط موجات الموضة واتجاهاتها بسرعة. في المقابل، أتبع إحساسي كما أسمع وأراقب نبض الشارع. مثلا، عندما ابتكرت وأطلقت الأساور المصنوعة من خيوط تتوسطها ماسات، استلهمتها من موضة التعويذات التي كان يلبسها الشباب مثل العيون الخميسة وغيرها. في البداية نظرت إليها باستهجان، واعتبرتها أقرب إلى القبح منها إلى الأناقة، لهذا حاولت أن أدخل عليها بعض الجاذبية من خلال الماس. لم تكن العملية سهلة من الناحية التقنية، لكن نتيجتها كانت تستحق العناء.

* ما هي نصيحتك لأي شخص يريد دخول مجال تصميم المجوهرات؟

- أن لا يصاب بالإحباط، فالمنافسة قوية وشرسة، لكنها مثل أي وظيفة أخرى، إذا كنت تحبها إلى حد الشغف، فإنك حتما ستنجح فيها وتبادلك نفس الحب. بالإضافة إلى هذا أنصح بعدم التوقف عن الابتكار والبحث عن الجديد وعدم الخوف من تجربة الجديد مع قليل من الجرأة.

* لو لم تكوني مصممة مجوهرات فما الوظيفة التي يمكنك امتهانها؟

- أن أكون موسيقية أو لاعبة بيانو.

* متى بدأ حبك لتصميم المجوهرات؟ وكيف؟

- ولدت لأسرة تعمل في هذا المجال وتخصصت في تقطيع الماس منذ عقود، وعندما صممت أول قطعة مجوهرات كان عمري 15 سنة عندما أهداني والدي مجموعة من أحجار الماس أثارت إعجاب صديقاتي. ومنذ ذلك الحين عرفت أني سأكون مصممة مجوهرات.

* لكن ما نقطة التحول بالنسبة لك، أو على الأصح النقلة التي جعلتك معروفة؟

- عندما رأيت النجمة مادونا تلبس سوارا من تصميمي ملفوفا بخيوط حمراء تتوسطه مجموعة من أحجار الماس. لم أصدق للوهلة الأولى

* من هي المرأة التي تحلمين بأن تظهر بقطعة من مجوهراتك؟

- دوقة كمبردج كايت ميدلتون.

* هل في اعتقادك أن الناس لا يزالون يصرفون مبالغ كبيرة على الماركات العالمية رغم الأزمة؟

- هل تصدقين أن العكس حاصل. بعد الأزمة زاد الإقبال على كل ما هو مترف، وقد لاحظت أن الإقبال على تصاميمي زاد، وإن كانت لا تخاطب النخبة والأثرياء فحسب؛ فهي مصنوعة من الماس لكن الأحجام ناعمة ومستعملة مع مواد عصرية، مثل الجلد أو الخيوط وغيرها. فالمرأة تعشق الماس، وتريده في أي وقت من الأوقات، وربما يزيد إقبالها عليها في الأزمات؛ لأنه يمنحها إحساسا بالأمان والطمأنينة النفسية.

* ما رأيك في عالم الموضة حاليا دخول الكثير من الشباب بيوت أزياء كبيرة وعريقة؟

- يشعرني بالحماس والانتعاش، فهذا أمر جيد لأنهم يضخون دماء جديدة في عالم الإبداع عموما.

* ما هو تحديدك للموضة؟ ولماذا باعتقادك لها كل هذه الأهمية في حياة الناس؟

- الموضة تعبير عن شخصية كل واحد منا، ما إذا كان كلاسيكيا متحفظا، أو جريئا أو واثقا أو استعراضيا أو هادئا. وفي بعض الأحيان هي أيضا تعبير عما نطمح إليه، أو بالأحرى ما نريد أن نعكسه للآخر. الموضة تجعلك تنتمين إلى عينة من الناس من النظرة الأولى لدى البعض.

* ما اتجاهات الموضة، أو الصرعات، التي لا تحبينها عموما؟

- أن يلبس أي أحد ماركات عالمية من الرأس إلى أخمص القدمين.

* ما هي الموضة التي أعجبتك في الموسم الماضي وتبنيتها؟

- المظهر العسكري، والجلود والمزج بين الصوف والقطن.

* هل يمكنك تلخيص شخصيتك في خمس كلمات؟

- جريئة، متفائلة، بسيطة، حساسة وقوية في الوقت ذاته.

* ما نوعية الناس التي تلهمك؟

- الأشخاص الأقوياء الذين لا يقبلون الهزيمة أو الاعتراف بالفشل.

* ما خمس أشياء لا يمكنك الاستغناء عنها في الحياة؟

- طفلتي الصغيرة، زوجي، الـ«بلاك بيري»، جهاز الكومبيوتر، وخلاصات الزيوت التي أستعملها للعناية ببشرتي.

* كمصممة مجوهرات، هل تشعرين أحيانا بأن الناس باتوا يولون اهتماما كبيرا للمظهر؟

- نعم ألاحظ ذلك كثيرا، خصوصا أني لست مواكبة للموضة ولا أهتم بها كثيرا؛ فأنا أحضر نفسي كل صباح في 5 دقائق، ولا يستغرق الأمر أكثر من ذلك بالنسبة لي لأنني أتوخى البساطة. الناس في المقابل يضيعون جهدا كبيرا على أمور لا داعي لها.

* ما أسوأ موضة بالنسبة لك؟

- استعمال الفرو الطبيعي. أشعر بالغضب عندما أرى الناس تستعمل الفرو الطبيعي على حساب قتل حيوانات بريئة، مع أن هناك بدائل رائعة تبدو كأنها فرو طبيعي.

* في الشرق الأوسط أصبحت سوق المنتجات المترفة أكثر رقيا، وبالتالي أصبح الطلب على كل ما هو قيم ورفيع وليس فقط كل ما هو غال ويحمل توقيع بيت أزياء عالمي. ما رأيك؟

- بالفعل.. فالمرأة العربية الآن أصبحت تعرف كل خبايا الموضة، وما يناسبها منها.

* هل هناك إمكانية للتوسع والنمو في المنطقة؟

- بالطبع هناك مجال هائل لذلك، لأن المرأة هناك، وكما قلت، تتمتع بالرقة والجرأة في الوقت ذاته، فيما يتعلق باختياراتها وأسلوبها الشخصي، وأنا فخورة جدا أني موجودة في المنطقة، وأشعر بفخر أكبر عندما أرى نساء عربيات يتزين بقطع من تصميمي. أنا متأكدة أن هذه السوق ستكبر أكثر وستستقبل كل من له موهبة بالأحضان.