تشكيلة جون غاليانو لأوسكار دي لارونتا.. فخامة من دون «فانتازيا»

عودة هادئة تجس النبض وتنتظر ما ستتمخض عنه الأيام

من عرض أوسكار دي لارونتا بتعاون مع المصمم جون غاليانو
TT

إذا كان هناك عرض يترقبه عالم الموضة على أحر من الجمر هذا الشهر، فهو عرض جون غاليانو لأوسكار دي لارونتا خلال أسبوع نيويورك الأخير. فمنذ أن أعلن الخبر منذ شهر ونصف تقريبا بأن أوسكار البالغ من العمر 80 منح المصمم البريطاني المطرود من دار «ديور»، طوق نجاة متمثلا في فرصة ثانية للعودة إلى ما يتقنه جيدا، ألا وهو التصميم، والأغلبية تنتظر ما سيجود به خياله من إبداعات وشطحات. والسبب معروف، وهو أن غاليانو، شاء البعض أم أبى، يبقى واحدا من أهم المصممين المعاصرين الذين فقدتهم الساحة في العام الأخير. وهذا ما أكده في العرض، إذ ذكرنا بما كانت عليه الموضة في عهده من فخامة وأناقة وإبداع يتمتع بالجرأة حتى عندما يتوجه إلى التسويق. صحيح أن بصمته في التشكيلة التي قدمها في نيويورك، كانت خجولة بحكم أن فريق التصميم الذي يعمل مع السيد أوسكار دي لارونتا يقدر بـ11 شخصا، لكنها أيضا كانت ملموسة في الأحجام والفخامة والألوان المستوحاة من الجواهر وأيضا في التطريزات.

ومع ذلك يمكن القول إن العرض كله كان بمثابة جس نبض لمدى تقبل العالم لعودة مصمم ارتكب أكبر خطأ في حياته عندما تفوه بعبارات مضادة للسامية تم تسجيلها وبثها حول العالم، ولم تشفع له عبقريته ولا اعتذاره حينها، لكي يبقى في منصبه. المصمم أوسكار دي لارونتا كان شجاعا عندما مد له يد العون متحديا ما قد تثيره هذه الخطوة من غضب جهات مسؤولة ومهمة، بيد أنه اعترف، في المقابل، بأنه لا يعرف ما سيتمخض عن هذه التجربة، إذ ليس هناك برنامجا بعيد المدى للتعاون مع غاليانو، وإن لمح أنه يتمنى لو يخلفه.

وفي لقاء صحافي أجرته معه صحيفة «نيويورك تايمز» صرح المصمم المخضرم: «أتمنى أن يبقى معنا، لكن ما إذا كان سيفعل ذلك، فهذا أمر لا أستطيع الإجابة عنه الآن، لأننا لم نتناقش في الموضوع. لهذا.. فنحن ما زلنا نبحث ونتباحث».

وهذا يعني أن عرض غاليانو لا يعني عودته المؤكدة إلى عالم التصميم بقدر ما تعني أنها تعاون قد يؤدي إلى ذلك. وربما هذا ما يفسر لماذا لم يشطح المصمم بخياله ويفرض أسلوبه المتعارف عليه، على دار تحتفل هذا العام بمرور 50 عاما على تأسيسها، بل ارتأى أن يتمهل ويتأنى بعض الشيء حتى يتأكد بما يخبؤه له المستقبل من مفاجآت. البعض أيضا يعيد سبب هذا التحفظ إلى المصمم دي لارونتا، الذي يقال إنه وضع خطة محددة لا تسمح لأي أحد بالخروج عنها بعيدا. فكثير من التصاميم كانت تحمل جينات الدار التي أسسها وأسلوبه، من فخامة وأناقة، وهي عناصر يتشاركها مع غاليانو، لكنها تفتقد إلى لمسات هذه الأخير الفانتازية وشطحاته السريالية، وهو ما يحسب للتشكيلة. فبكبح جماح خياله، اكتسبت توازنا يناسب زبونات دي لارونتا اللواتي تنتمي معظمهن إلى المجتمع الأميركي الراقي إلى جانب سياسيات معروفات، من مثيلات هيلاري كلينتون وسيدات عائلة بوش وغيرهن.