كآبة فصل الشتاء.. إدمان على الأكل وزيادة في الوزن

دواؤها الشمس وممارسة الرياضة

TT

كشفت أبحاث أجراها أحد المراكز الصحية في الدنمارك أن النساء أكثر عرضة لمشاعر الحزن والشجن من الرجال، خصوصا في فصل الشتاء. وأضافت الأبحاث أيضا أن الإقبال على تناول الطعام بنهم، أيضا يزيد بينهن في هذه الفترة، بسبب البرد ومحاولة تجنب القيام بنشاطات في الهواء الطلق، عدا عن نسبة العمليات الانتحارية التي تعتبر الأعلى في أوروبا. فعوامل الطقس وعدم توفر ضوء الشمس الطبيعي، تنعكس سلبا على الحالة النفسية. فالمعروف أن أشعة الشمس تشحن الدماغ بإنزيمات إيجابية تشعر صاحبها بالاسترخاء والدفء.

وقد اعترف حوالي 28% من النساء اللواتي شملهن البحث، بأنهن يلجأن إلى تناول الوجبات السريعة المشبعة بالسعرات الحرارية، مثل البطاطا المقلية والحلويات والمكسرات، للهروب من حالة الكآبة التي تسيطر عليهن. وتبين أن 77% منهن، ومع مرور الوقت، تصبح لديهن شبه حالة إدمان على هذه الوجبات، مما يصيبهن بالسمنة. وهكذا يبدأن في الدوران في حلقة مفرغة لا يعرفن الخروج منها بسهولة، فزيادة الوزن أيضا تزيد من شعورهن بالكآبة.

تعلق الاختصاصية النفسية كريستيان أبو إلياس في حديث لـ«الشرق الأوسط» على الموضوع بقولها إن هذا النوع من الاكتئاب ليس حكرا على النساء، فهو يصيب أيضا الرجل، وإن بنسبة أقل، كونه يتمتع بفرصة أكبر للخروج من منزله والالتهاء بعمله.

وتضيف كريستيان أبو إلياس في سياق حديثها أن «هذه الظاهرة لا تقتصر على بلاد الغرب مثل الدنمارك والسويد وغيرهما، فسكان بلادنا العربية هم أيضا يعانون من نسبة من الكآبة الموسمية، إلا أنها لا تدوم طويلا، لحسن الحظ، إذ ما إن تسطع أشعة الشمس من جديد حتى تختفي تأثيراتها السلبية وتعود الحياة إلى طبيعتها».

وتوضح أبو إلياس أيضا أن المواد التي تحتوي على السكر والكربوهيدرات، هي أكثر ما يقبل عليها الناس في الشتاء «لأن الجسم يطلبها كلما انخفضت نسبة السعرات الحرارية المخزنة فيه. كما أننا وبحلول المغيب الباكر في هذا الفصل، نسارع إلى البيت والجلوس أمام شاشة التلفزيون أو في (لمّة) عائلية حول المدفأة لا نتوقف فيها عن تناول وجبات كالكستناء المشوي أو المكسرات أو الشوكولا من دون حساب، علما أنها جميعها تصيب بالسمنة لاحتوائها على سعرات حرارية عالية جدا».

لكن هذه الحالات من الاكتئاب نادرا ما تصبح حرجة إلى حد أنها تتطلّب علاجا يتطلب جلسات خاصة لدى الطبيب النفسي، أو اللجوء إلى أدوية مهدئة لوضع حدّ لها. فنحن نستطيع التغلب عليها بالخروج من الأماكن المغلقة وممارسة الرياضة أو فقط المشي في الهواء الطلق والتمتع بأشعة الشمس عندما تخترق أشعتها الغيوم، بين فترة وأخرى. صحيح أنها لا تظهر كثيرا، إلا أن القليل منها يساعد على تخزين منسوب لا بأس به من الإيجابية في داخلنا. وتعترف ندى غزيري وهي سيدة في العقد الرابع من عمرها متزوجة ولديها ثلاثة أولاد بأنها تقع ضحية الشعور بكآبة فصل الشتاء باستمرار، وكل ما في استطاعتها عمله هو الهروب منها بالنوم لفترات طويلة أو قضاء وقت أطول في المطبخ لتحضير وجبات مختلفة لأولادها، وما يعنيه ذلك من انفتاح شهيتها.

بدورها تقول، إميلي بارودي، التي تمارس مهنة التعليم منذ أكثر من عشر سنوات أن الطقس السيئ والبارد في فصل الشتاء يدفعانها إلى تناول الطعام كل ثلاثين دقيقة، وأنها تلتهم أي شيء تصادفه في طريقها، أو يقع بين يديها من حلويات وموالح. وتقول «حتى الخبز الطازج لا أستطيع مقاومته والتهمته بصورة لا شعورية، لأنه يغمرني بإحساس من الرضا للأسف لا يلبث أن يتحول إلى كابوس أعيشه بعدما أبدأ في ملاحظة وزني الذي يزيد».