تمائم من الذهب والأحجار الكريمة تسعد أيامك

الأفعى فأل خير في الصين وجزء من جينات «بولغاري» الإيطالية

TT

في العاشر من فبراير (شباط) احتفل الصينيون في جميع أنحاء العالم برأس السنة الصينية الجديدة، التي تحل هذا العام، ويطلق عليها «عام الأفعى».

وعندما يستقبل سكان الصين البالغ تعدادهم 1.3 مليار نسمة العام القمري الجديد وبداية «الأسبوع الذهبي»، وهي عطلة عيد الربيع، بوابل من الألعاب النارية، فإن أغلبهم سيحاول شراء أي شيء على شكل أفعى حتى يجلب الحظ له ولعائلته.

فالحكمة الصينية القديمة تقول إن وجود الأفعى في المنزل فأل خير، لأنها تحمي العائلة من أن تتضور جوعا. وفي مصر كانت الأفعى معبودة تزين بها ملوك الفراعنة، وعند الإغريق كانت دلالة على العالم الآخر، وكأن الأجيال تتوارث هذه التمائم مع مرور الزمن فتحب أن تقتني حليا وإكسسوارات مستوحاة من تراث الثقافات العريقة، وإن كانت هذه المعتقدات اندثرت، فإن هذه الحضارات تأبي أن تكون مجرد درس في كتب التاريخ أو آثارا صماء تروّح عن السائحين حينما يزورنها، وتأخذهم من خلال الرسوم والنقوش المشعة على جدران المعابد والمتاحف في رحلة شيقة عبر الزمن، يتلمسون في ظلالها نسمات ذلك المجد الغابر.

لكن هل تدرين سيدتي أنك بعقد يتلألأ حول عنقك أو سوار يعانق معصمك يأخذان شكل ثعبان، أنت في الحقيقة ترفلين في فضاء حضارات، شكلت قطع الإكسسوار هذه التي ترتدينها رمزية خصوصيتها وهوية خلودها، لتبقى قابعة في وجدان شعوبها حتى الآن؟ الأمر نفسه يمكن أن ينطبق على دار «بولغاري» الإيطالية، التي عانقت الأفعى بكل جوارحها، وأدخلتها في صميم جيناتها. وبالفعل كانت فأل خير عليها، مما جعلها تتحول مع مرور الزمن إلى أيقونة تعود إليها دائما في مجوهراتها الرفيعة وكأنها تتبرك بجمالها وقوة إغرائها. نعم، يتعرض شكلها دائما لترجمات جديدة وتطويرات تواكب العصر، لكن تبقى دائما متلفتة إلى ماضيها المجيد. وكأنها تحتاج إلى تبرير نفسها، فإن الدار لا تغفل أن تذكرنا دائما بأن الأفعى عموما ترمز إلى الشباب الدائم والجمال الذي لا ينال منه الزمن مهما كان. وهذا ما يجعلها خير ممثل لها، فعلى غرار الأفعى (رمز المعرفة والحياة والأبدية) التي تبدّل جلدها مع البقاء وفيّة لنفسها، تجدد «بولغاري» نفسها باستمرار بإعادة ابتكار نفسها محافظة على قيمها الجوهرية وأسلوبها الفريد.

لهذا ليس غريبا أن تكون مجموعتها «سيربنتي» على وجه الخصوص، أجمل وسيلة يمكن أن تستهل بها المرأة هذا العام. وبالنظر إلى أشكالها وجمالها، فإن كل نساء العالم يوافقن الصينيات الرأي أنها قطع لا بد منها هذا العام للتبرك بها. وحتى إذا لم تقتنع الواحدة منا بدلالاتها هذه، فهي على الأقل مقتنعة بجمالها. المتتبع لتاريخ الدار، وما طرحته في الأربعينات وما تطرحه الآن، يدرك أن المجموعة خضعت للكثير من عمليات التجميل والتغييرات، بما في ذلك المواد التي تستعمل فيها، مثل الذهب الوردي، والماس أو الياقوت أو الجمشت أو الزمرد والسفير، وبيريدوت وهلم جرا. فاللائحة طويلة بالنسبة لدار تعشق الأحجار الملونة ولا تتخوف من مزجها مؤكدة لنا دائما تناغمها حتى عندما تكون متناقضة ومتضاربة مع بعضها.

تجدر الإشارة إلى أن مجموعة «سيربنتي» ولدت في عام 1941 بشكل بسيط ورأس أفعى لافت أطلق عليه اسم «سربنتي توبوغاس» أُدخلت عليها قشور مستوحاة من جلد الأفعى وتلونه معتمدين على الأحجار الكريمة وشبه الكريمة للحصول على هذا التأثير. لكن المجموعة لم تنتشر إلا بعد ظهور الراحلة إليزابيث تايلور بساعة يد من المجموعة في فيلمها الشهير «كليوباترا» كان قد أهداها لها زوجها النجم ريتشارد بيرتون. فالمعروف أن النجمة كانت تعشق استعمال مجوهراتها الخاصة في كل المناسبات، بما في ذلك خلال تصويرها أفلامها.

في عام 2010، عادت الدار إلى هذه الأيقونة في مناسبة احتفالها بمرور 125 عاما على تأسيسها، وتأكدت أن سحرها لم يخفت وأنها لا تزال تجلب السعادة والفأل الحسن بالنظر إلى حجم الإقبال عليها.

مؤخرا، وفي معرض نظم في نيويورك، تم تقديم مجموعة استثنائية من المجوهرات بشكل أفعى تضم قلادات، السوارات، خواتم وساعات «فينتاج» صممت في السنوات السبعين الماضية، ومع ذلك لا تزال تحافظ على بريقها وكأنها صممت البارحة فقط. وتضم المجموعة ساعات صنعت بين الأربعينات والثمانينات، لا شك أن الدار كانت تريد من خلالها التأكيد على باعها في صناعة الساعات وصياغة المجوهرات على حد سواء.

ومما لا شك فيه أنه مهما مر عليها من الزمن، فلا يمكن أن تقدر بثمن، لا سيما بالنسبة للواتي يردن تعويذات تجلب لهن الحظ والسعادة هذا العام والأعوام المقبلة. ويقال إن عقدا يقدر بمليون يورو (1.34 مليون دولار أميركي) بيع قبل أن يصل إلى المحل.

بين 20 و31 مارس (آذار)، سوف تحتفل «بولغاري» BVLGARI في متجرها في مركز دبي مول بمعرض خاص بمجموعة «سربنتي» Serpenti، المخصّص لأحد أهم أيقونات الدار. كما سيستمر المعرض في برج الاتحاد في أبو ظبي من 5 إلى 15 أبريل (نيسان).

* الأفعى.. دلالات ورموز

* رغم مخاطر الأفعى وسمومها، فإن الصينيين احتفوا بها، فاحتلت في تراثهم مكانة خاصة باعتبارها تجلب الفأل الجيد في العمل. ووصل الحد بقدمائهم أن أدخلوا رمز الأفعى ضمن 12 حيوانا وطائرا شكلت بها دولاب الأبراج السنوي المرتبط في معتقداتهم بتنبؤات مستقبلية.

* في الهند التي كان يطلق عليها قديما «أرض الأفاعي» استوحيت من تراثها كثير من أشكال المجوهرات على أشكال الثعابين التي كانت تحظى في ثقافاتهم بمكانة مقدسة بدورها.

* من الممكن أن تكون الأفعى من أشهر أيقونات الحضارات القديمة التي اجتاحت بقوة حصون الموضة سواء في الملابس أو الإكسسوارات. وإذا كانت صيحات الأزياء والإكسسوارات تتجدد مع كل موسم جديد، فإن هناك أنماطا لا يعفى عليها الزمن لأنها ببساطة موروثة منذ آلاف السنين ولا تندرج تحت خانة الموضة، وإنما تحت خانة التراث. فمثلا يمكن أن ترتبط الملابس والأحذية والحقائب المأخوذة من جلد الثعبان أو حتى الفساتين المجسدة على شكل جسم الأفعى بموضة وقتية، ولكن الحلي والمجوهرات المصاغة على شكل الأفعى هي استثمار طويل المدى إذا كانت من الذهب، سواء كانت على شكل أساور، قلادات، وخواتم، بل هناك أيضا السوار الذي يزين أعلى الذراع، والذي تتحلى به النساء عند ارتداء الفساتين عارية الذراعين.

* يعتبر مخلوق التنين الخرافي أيضا من أشهر رموز الثقافة الصينية القديمة التي استوحاها المصممون الصينيون في تصاميم كثيرة في الأزياء أو الإكسسوارات، والتنين الذي يأتي في المركز الخامس قبل الأفعى في دولاب الأبراج الصيني كان ينظر إليه في الثقافة الصينية القديمة كوحش مقدس، وكان الصينيون في الماضي يعتقدون أن هذا المخلوق الخرافي يجلب الثروة والقوة الطاغية، لهذا تلون في آثارهم بألوان بديعة كان من أحد أبرز مصادر الإلهام للفنانين الذين تفننوا في رسم وتصميم الكثير من اللوحات والأزياء والحلي المستوحاة من هذا الحيوان الخرافي.

* في الحضارة المصرية القديمة كانت «الأفعى» تميمة لم تستطع الحضارات المتتالية على مر الزمان التملص منها. فالثعبان كان من ضمن الآلهة التي كان القدماء المصريون يعبدونها، وكان أشهرهم «رننوتت» إله الحصاد، و«مرت سجر» و«نحب كاو» حارس الإله رع، وكان تاج مصر السفلي بلونه الأحمر تزينه في الجبهة أفعى كوبرا النيل المقدسة لدى الفراعنة، وهذه الكوبرا نفسها أنهت بسمها فصول أشهر قصة حب في التاريخ عندما فضلت كليوباترا ملكة مصر أن تنتحر بسم الكوبرا بعد إصابة حبيبها مارك أنطونيو في الحرب، وحتى لا تؤخذ أسيرة إلى أثينا. وحلي الثعبان المصنوعة من الذهب منتشرة بشكل كبير منذ قرون في الأوساط الشعبية المصرية، إذ إن أهل العروس كانوا يشترطون على العريس أن يحضر لها «أساور ثعابين» كشبكة لحفل الخطوبة تمهيدا للزواج. ومع مرور الوقت واستحداث الموضات انتشرت الأساور الذهبية على شكل الأفاعي حتى في الأوساط الاجتماعية الأعلى.

تقول الدكتورة إنشاد عز الدين عمران أستاذ علم الاجتماع العائلي إنه لا تزال توجد شرائح معينة في المجتمع المصري تحب اقتناء هذه التمائم لما لها من موروثات تراثية في الثقافة المصرية مثل أنها تجلب الحظ أو تحمي من عين الحسود.

* تعتبر الأفعى البرج السادس في دولاب الأبراج الصيني الذي يضم 12 حيوانا. ويرتبط كل حيوان منها بأحد العناصر الـ5؛ المعدن والنار والخشب والأرض والماء، ويرتبط أيضا كل عام بأحد قطبي النقيض القديمين، ين ويانج، وأحد العناصر الخمسة بالتناوب. وتتكرر كل مجموعة كل 60 عاما.

وتعتبر النار هي العنصر الثابت لبرج الأفعى و2013 هو عام المياه وهو العام الثلاثون في الدورة التي تستغرق 60 عاما، وهو مزيج قابل للاشتعال. كما أن اللون الفلكي للعام هو اللون الأسود.

دار «بوشرون» هي الأخرى تتفاءل بالأفعى التي تظهر بين الفينة والأخرى في مجموعاتها.. وكانت علاقتها بالدار بدأت حين حضرت غابرييل زوجة فريدريك بوشرون المؤسس حفلا تنكريا في قلادة على شكل أفعى وأزياء مستوحاة من الغجر.. مما أعطى المجموعة اسمها «سيربنتي بوهيم».. على العكس من «بولغاري» فإن أفاعي «بوشرون» تخاطب كل الميزانيات.. إذ إن سعر الخواتم تبدأ من 2.5 يورو مثلا لتزيد حسب الترصيعات وعدد الأحجار المستعملة