خان: لم أكن أعرف من هي إليزابيث تايلور إلى أن بدأت تصميم أزيائها

أول هندي يصمم ملابس سيدة أميركا الأولى يتوق لجذوره

TT

لأول مرة، يشارك المصمم نعيم خان في ختام أسبوع «لاكمي» للأزياء في الهند. وبالفعل أبهر المصمم ذو الأصل الهندي والمقيم في ميامي، الجمهور بعرض مجموعة من أزياء المساء والسهرة تحمل طابعه المميز في القص والخياطة والتطريزات والتفاصيل مثل الياقات المرتفعة ومنطقة الصدر المزينة بالكريستال، وأطراف الأكمام المصنوعة من الفراء، وغيرها.

على هامش المعرض أجرينا حوارا قصيرا مع نعيم خان، الذي بدا بسيطا وشابا لا يشي مظهره بعمره الحقيقي (54 ربيعا). في مفاجأة صرح خان، الذي تعود العرض في أسابيع نيويورك على مدار 16 موسما تقريبا، وتلبس تصاميمه كل من ميشيل أوباما ونجمات هوليوود، بأنه يشعر بقلق بالغ في أول عرض يقام له في الهند.

يقول: «أشعر بالقلق من عرض أعمالي أمام أهلي، على الرغم من سعادتي وفخري بوجودي هنا، فإنني متوتر لأن هذه هي المرة الأولى التي يحضر فيها والداي عرضا لي. لا أعرف سبب ذلك، إنه إحساس غريب، ربما لأنني أرغب في أن أنال إعجاب الأشخاص الذين أنتمي إليهم، وأخشى من رد فعلهم تجاهي».

بدأت قصة نعيم خان مع الأزياء في شارع بيدار بالهند، في شركة التطريز التي تديرها عائلته، وكان يمضي أوقاته يتجول في المصنع يراقب الحرفيين أثناء عملهم.

أما رحلته من مومباي إلى ميامي (حيث يقيم حاليا) فحافلة بالأحداث.

يقول خان: «كل شيء في حياتي يدور حول الجمال لأن عائلتي عملت في هذا المجال على مدار ثلاثة أجيال. بدأ جدي شمس الدين خان في عمله في التطريز وصناعة النسيج في العشرينات من القرن الماضي، واستهل مشروعه الذي أصبح الآن شركة العائلة بطرق الأبواب مقدما للناس خدماته لتطريز الساري».

وبفضل إخلاص الجد، استطاعت الشركة أن تنمو وتحقق ازدهارا كاملا في صناعة المنسوجات، وذاع صيتها في الهند بفضل تصميماتها الدقيقة المصنوعة التي بدأ الإقبال عليها يتزايد من قبل العائلات المالكة. ولم يتغير الأمر اليوم، فتصميمات الشركة أكثر ما تسعى إليه نجمات بوليوود والنخبة.

يتذكر خان سنواته الأولى قائلا: «كنت ألعب في ساحة منزلي بمومباي وتتناثر حول الأقمشة الغنية، وكنت أصنع اللعب من بكرات الخيوط الخشبية. لاحظ والداي حبي للأزياء وشجعاني على دراسة التصميم في الخارج. فقررت أن التحق بمعهد تكنولوجيا الموضة في نيويورك ولكنني لم أتم دراستي به».

عندما كان نعيم في العشرين من العمر، رافق والده إلى أميركا، حيث كان لديه اجتماع بشأن تصدير منتجاته للمصمم هالستون. وكان هذا الأخير يعتقد أن خان يستطيع أن يكون وسيطا بين شركة والده في مومباي وشركته في نيويورك. يقول: «عندما طلب مني المصمم الأسطوري أن أعمل معه، ألقيت بخططي لدراسة الأزياء وراء ظهري لأنها فرصة لا تعوض، لأن التعلم من هالستون والانضمام إلى تلاميذه في عمر 20 عاما يشبه الالتحاق بأفضل مدرسة لتعليم الأزياء في العالم!».

كان لهالستون (الذي صمم أزياء جاكلين كيندي وبيانكا جاغر ولورين باكال) تأثير كبير على نعيم، الذي يذكر: «لم أكن أعرف من هي إليزابيث تايلور. ولكنني سرعان ما أصبحت أصمم ملابسها وأتعامل مع أمثال أندي وارهول. وأصبح عالمي مليئا بالفرص».

أطلق نعيم أول خط مميز له «ريازي» (على اسم والدته) عام 1981. جمع فيه بين البراعة الهندية والتصميمات الغربية، ملطفا من كليهما ليقدم خط أزياء أنيقا ونقيا، وهو المبدأ الذي اتبعه عندما أنتج خط أزياء نعيم خان. واستطاع بذلك أن يجد مسارا سلسا نحو النجاح. وتتراوح أسعار الأزياء التي يصممها ما بين 1000 دولار إلى 25000 دولار.

وبالطبع كان هناك ثمن لكل هذه الفرص. يقول خان: «ليس من السهل أن تكون في عالم الأزياء التنافسي بعيدا عن وطنك وأسرتك. لقد كافحت واجتهدت حتى أصل لما أنا عليه». وفي بداية التسعينات توقف نعيم عن العمل وفكر في العودة إلى الهند.

ولكن في عام 2009، تصدر اسم نعيم خان عالم الأزياء مرة أخرى، بعد أن ارتدت ميشيل أوباما، في عشاء رسمي أقيم لوزير خارجية الهند مانموهان سينغ وزوجته، فستانا متلألئا من دون حمالات من تصميمه. وأصبح خان أول هندي يصمم ملابس سيدة أميركا الأولى.

وبعيدا عن سيدة أميركا الأولى ميشيل أوباما، تضم قائمة زبائنه، بينيلوبي كروز وإيفا لونغوريا وتايلور سويفت وليدي غاغا وكاري أندروود وفلورنس ويلش وإيميلي بلانت والملكة نور من الأردن وبادما لاكشامي، وهلم جرا. كما ظهرت تصميماته على الشاشة الفضية في أفلام شهيرة مثل «سيكس أند ذي سيتي» و«دريم غيرلز».

لكن يبدو أن خان أصبح من المصممين المفضلين لدى السيدة الأولى ميشيل أوباما، التي ارتدت له تصميمين آخرين، واحدا في عطلة أسبوع تنصيب زوجها لفترة جديدة والثاني في ظهورها المفاجئ في حفل توزيع جوائز الأوسكار.

علق خان على ذلك قائلا: «تتميز السيدة ميشيل أوباما بالدقة الشديدة بشأن ما يتناسب معها وما تبحث عنه. ولكنها أيضا تمنحني حرية الاختيار بمجرد أن تخبرني عن المناسبة التي ستظهر فيها. إنها تقدم لنا دعاية مذهلة على المستوى العالمي، وهو أمر يصعب علينا القيام به بمفردنا».

إذا كان هناك سمة واحدة تبرز على الفور لدى نعيم خان فهي اتخاذ الهند كمصدر ثابت لإلهامه.

يقول خان: «يستمر تأثير الهند على ذهني بصورة طبيعية، وهو مستمد من جميع الأشياء التي شاهدتها في طفولتي. أنا هندي، وأزور الهند ثلاث أو أربع مرات في العام، وأمضي كثيرا من الوقت مع عائلتي في مومباي».

أما بعيدا عن تصميم الأزياء، فيملك خان شغفا بالطهي.

يتحدث المصمم العالمي عن هذه الهواية قائلا: «أحب الطهي، وأعتقد أن تصميم الأزياء يشبه الطهي كثيرا. فأنت تملك جميع المكونات ولكن النتيجة شخصية وفريدة تماما. ومثل الأزياء التي أصنعها، أملك أفكارا تتعلق بالطهي من الهند وأضيف لها لمساتي. ويوجد في مكتبي مطبخ كامل يحتوي على أحدث الأجهزة. لذلك عندما نرغب في الحصول على قسط من الراحة، نقوم بالطهي معا ونتشارك في تناول الوجبة».

شهد عرض أزياء خان الأول في الهند، بالإضافة إلى عرضه قطعا من مجموعته الأميركية، العرض الأول لـ«فستان الساري للحفلات»، والذي يقول المصمم إنه «ابتكره خصيصا من أجل الهند. وهو مصنوع من قطعة واحدة من دون أي حياكة ويحتاج فقط إلى الطي».

وعلى الرغم من عدم وجود متجر يبيع أزياء خان في الهند، فإنه منذ أطلق اسم نعيم خان التجاري، أصبحت أزياؤه منتشرة في أكثر من 200 متجر في الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط وروسيا وأوكرانيا وغيرها من دول الاتحاد السوفياتي السابق، في محلات مثل «بيرغدورف غودمان»، و«ساكس فيفث أفينو»، و«هارودز».

يضيف خان: «جلبت أزياء نموذجية لأقدم فكرة للناس هنا عما أصنعه. فالهند تعتبر سوقا جديدة متنامية ونحن في انتظار ردود الفعل على العرض. ولا أتطلع إلى التوسع على الفور في المنطقة، ولكنني لا أمانع في اختيار متجرين من أجل بيع أزيائي، بالإضافة إلى إمكانية العثور على شركاء لبيع منتجات خط التجميل والإكسسوار التي أنوي طرحها في العامين المقبلين».