الرئيس التنفيذي لـ«أوديمار بيغيه»: جئت إلى الرياض من أجل التعرف على السوق

بينامياس لـ «الشرق الأوسط» في زيارته الأولى للسعودية: غايتنا رفع حصة المنطقة من مبيعاتنا

TT

تعد شركة «أوديمار بيغيه» السويسرية العريقة من أهم الشركات العائلية في مجال صناعة الساعات على مستوى العالم، وهي بإجماع الخبراء تعد في طليعة صانعي الساعات الفاخرة. الشركة أسسها في منطقة الفاليه دو جو، بأقصى غرب سويسرا، جول - لوي أوديمار وشريكه إدوار - أوغوست بيغيه عام 1875، ومنذ ذلك الوقت تمتعت الشركة التي تحمل اسمي عائلتي المؤسسين، والتي لا تزال ملكا لهما، بقاعدة ولاء يندر مثيلها في قطاع مقتني ساعات الشريحة الأعلى محافظة على مكانتها في القمة.

والواقع أنه طوال 138 سنة حرصت الشركة على الريادة، غير أن طراز «رويال أوك» الذي أطلقته عام 1972، وأبدعه المصمم والتقني الموهوب الراحل جيرالد جينتا، يعتبر علامة فارقة في صناعة الساعات الفاخرة. وما زالت ساعات «رويال أوك» بمختلف أوصافها وتجهيزاتها تحتفظ بريادتها بعدما أحدثت لدى طرحها في الأسواق ثورة حقيقية في تصميم الساعات الفاخرة والعالية الفخامة.

فرنسوا - هنري بينامياس، الرئيس التنفيذي لـ«أوديمار بيغيه» الذي تسلم زمام قيادة الشركة في مايو (أيار) 2012، التقته «الشرق الأوسط» في بوتيك «أوديمار بيغيه» بالرياض خلال زيارته الأولى للمملكة العربية السعودية، وكان لنا معه حوار أوضح خلاله، والبسمة تعلو محياه حرصه على مواصلة مشوار الفخامة والريادة عالميا، ومنها تعزيز حضور الشركة في منطقة الشرق الأوسط. وتابع أنه من خلال زيارته للسعودية يسعى لمعرفة السوق عن كثب ولن يكتفي بالتقارير المكتوبة. ثم قال بثقة إن حصة منطقة الشرق الأوسط من مبيعات «أوديمار بيغيه» سترتفع من 7 إلى 10 في المائة، وأن الزيارة تحمل مضامين جيدة لدراسة السوق وإرسال الطرازات المناسبة.

وفي ما يلي نص الحوار مع بينامياس:

* نرحب بكم في المملكة العربية السعودية، ونود أن نعرف الغاية من هذه الزيارة التي تعد الأولى لكم لمنطقة الشرق الأوسط؟

- بداية أشكركم.. صحيح هذه المرة الأولى التي أزور فيها السعودية. وهي حتى الآن زيارة تهدف إلى التعرف على السوق عن كثب، خصوصا أن الشركة حاضرة في بوتيكين في المملكة العربية السعودية، الأول في العاصمة الرياض افتتح عام 2010، والثاني في مدينة جدة افتتح خلال العام الماضي. وأنا حقا أعتبر هذه الزيارة مثمرة لجهة التعارف والتعرف، وبالأخص الاطلاع على سوق الساعات الفاخرة السعودية عن قرب.

* كيف ترون فلسفة «أوديمار بيغيه»، كدار صانعة، وخصوصا في الأسواق العالمية.. سواء أكان ذلك على مستوى التصاميم أو فئة الزبائن؟

- تحرص «أوديمار بيغيه» على تسويق منتجاتها في جميع البلدان لأننا ننظر للعالم ككتلة تسويقية واحدة. إننا لا نصنع طرازات مخصصة لبلد معين دون سواه. ونظرا إلى كون التنقل والسفر بين دول العالم أصبح أمرا يسيرا هذه الأيام، ما عاد معقولا أن يرى الزبائن طرازات وتصاميم مختلفة بين مكان وآخر. لذا نحن نحترم الزبائن في أي مكان في العالم.

* هل لكم أن تسلطوا لنا الضوء على أهم المحطات التاريخية في مسيرة «أوديمار بيغيه»؟

- بداية، أسست الشركة عام 1875م، وهي منذ ذلك التاريخ.. أي منذ 138 سنة، في صدارة دور صناعة الساعات السويسرية الفاخرة من حيث أسبقيتها في عرض طرازات وطرح تصاميم جديدة ومتنوعة ومبتكرة على مستوى أسواق العالم. وفي عام 1972 طرحنا طراز «رويال أوك»، الذي هو اليوم، بعد 41 سنة من طرحه، يعتبر من أهم التصاميم العالمية في صناعة الساعات. وتعد ساعة «رويال أوك» ذات إطار العلبة الثماني الأضلاع، المميزة شكلا ومضمونا، بحق من أهم علامات التفوق والجمال التي طرحتها الشركة حتى الآن.

* هل لكم أن تعطونا تفاصيل أكثر عن ابتكار ساعة «رويال أوك».. وظروف إنتاجها؟

- في عام 1971م، أي قبل عام من طرح «رويال أوك» في الأسواق كانت هناك مشاورات داخلية مكثفة داخل إدارة الشركة دارت حول الخلاف على جدوى «رويال أوك» وفرص نجاحها، ولا سيما أن تصاميم أطر علب الساعات الثمينة في تلك الفترة كانت إما مربعة الشكل أو دائرية، وما كانت أطر العلب الثمانية الأضلاع معروفة، ناهيك بأن تكون مألوفة. وطالت النقاشات بين عامي 1971 و1972 بين مالكي الشركة العائلية، ليس فقط من منطلق شكل إطار العلبة المختلف، بل كان ثورة في عالم الساعات الفاخرة أيضا التفكير بطرح ساعة فاخرة وثمينة مصنوعة علبتها من الفولاذ المقاوم للصدأ في حين كانت كل الساعات الثمينة تصنع من الذهب أو البلاتين.. نحن في «أوديمار بيغيه» كنا عام 1972 أول صانع ساعات فاخرة ينتج ساعة علبتها من الفولاذ. وبمجرد طرح الـ«رويال أوك» في السوق لأول مرة لبينا طلبية لموزع إيطالي ذلك أن الإيطاليين كانوا مهتمين كثيرا بهذا النوع من الساعات الفاخرة. يومذاك كان حجم الطلبية ألف ساعة وكان المبلغ المدفوع كبيرا جدا وحققت هذه الساعة الثورية نجاحا منقطع النظير. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الفضل يعود إلى المصمم النابغة الراحل جيرالد جينتا، مصمم الساعة. كذلك علينا ألا ننسى أن الـ«رويال أوك» موجودة في أسواق العالم منذ أكثر من أربعة عقود لكننا لم نشعر يوما من الأيام بأنها أصبحت قديمة، بل إنها ما زالت حديثة وعصرية بعد كل هذه المدة وخير دليل على ذلك إقبال الشباب على شرائها.

* وهل تركزون في الشرق الأوسط على مبيعات هذا الطراز وحده؟

- بالتأكيد لا، لا شك في أن الـ«رويال أوك» ساعة مهمة جدا بالنسبة لنا كونها تشكل أكثر من 50 في المائة من إجمالي مبيعاتنا، ولكن «أوديمار بيغيه» تنتج أيضا طرازات أخرى عالية التقنية وفائقة الفخامة تلبي مختلف أذواق زبائننا، ويمثل كل في فئته مبيعات هامة مثل طراز «ميليناري» المعروضة نماذج منه هنا. في الواقع لا يوجد تركيز على طراز معين، بل هذه الساعات موجودة في كل المتاجر ولا حصرية لمناطق معينة بل الخيار متروك للمشتري.

* كم تبلغ حصة أسواق الشرق الأوسط من مبيعات «أوديمار بيغيه» حاليا؟

- في الحقيقة تمثل مبيعات الشركة في أسواق منطقة الشرق الأوسط ما بين 6 و7 في المائة من مبيعاتنا السنوية العالمية، ولكن من أهداف زيارتي إلى السعودية، كما سبق لي القول، التعرف على الزبائن ورغباتهم ومن ثم العمل على إرسال الطرازات المناسبة لهذه المنطقة بغية زيادة نسبة المبيعات إلى 10 في المائة. وهنا يهمني التشديد على أننا حريصون على أسواق منطقة الشرق الأوسط كونها أسواقا جاذبة لنا.

* بناء على إجابتكم.. هل لي أن أسأل عن أهم الأسواق العالمية بالنسبة لـ«أوديمار بيغيه»، من حيث الترتيب؟

- لدى «أوديمار بيغيه» حضور في عدد كبير من الأسواق، ومن حيث الترتيب تحتل الصدارة سوق هونغ كونغ، وتأتي ثانية سوق الولايات المتحدة، وثالثة سوق منطقة جنوب شرق آسيا، ورابعة إجمالي أسواق دول أميركا اللاتينية، ثم إيطاليا في المرتبة الخامسة، وفي المرتبة السادسة أسواق الشرق الأوسط.

* ظهر في «معرض الساعات الفاخرة الدولي - جنيف 2013» اهتمام لدى «أوديمار بيغيه» في تطوير جعبتكم من الساعات النسائية، هل هذا الاهتمام فلسفة جديدة للشركة؟

- أولا أشكرك على هذا السؤال المهم. نعم، نحن حتى يومنا هذا كنا نركز على الساعات المعقدة لأن الرجال يفضلونها أكثر من النساء، ولكن مع معرض جنيف فإننا نحاول رفع نسبة مبيعات الساعات النسائية من 25 إلى 35 في المائة من إجمالي مبيعاتنا، لأننا لمسنا على مستوى العالم ارتفاع الطلب على الساعات النسائية. وبالتالي، نحن الآن بصدد طرح طرازات جديدة مخصصة للنساء، وبالأخص أنه بات ملاحظا ارتفاع القدرة الشرائية عند النساء على اقتناء الساعات الفاخرة.

* كيف تقيمون حضور «أوديمار بيغيه» في السوق السعودية بوجود بعض معارض الجواهر، أم أنكم ترون أنفسكم أعلى مستوى من المعارض الموجودة؟

- صحيح يوجد عدد كبير من المعارض في السعودية إلا أنها موجهة بشكل خاص للجواهر، ولا يوجد راهنا في المملكة معرض مخصص للساعات مثل المعرض الشهير في البحرين.. حتى المعارض الموجودة في جدة والرياض متخصصة في الجواهر. وفي حال سهلت إجراءات استيراد الساعات الثمينة ووجود معارض متخصصة للساعات.. سيكون في حينه لكل حادث حديث.

* سؤال يتعلق بمستقبل الصناعة، هل ترون أن الشركات المستقلة لصناعة الساعات مثل «أوديمار بيغيه» قادرة على الحفاظ على مكانتها في الأسواق العالمية، على الرغم من وجود مجموعات كبرى لها ميزانيات ضخمة في الأسواق العالمية؟

- في ما يخصنا.. نعم، بالتأكيد، نحن شركة مستقلة متميزة غير مسجلة بالبورصة، تتمتع بالقدرة على اتخاذ قرارات سريعة ودخول الأسواق بطرازات جديدة وبسرعة أكبر من غيرنا. ثم أننا أقرب بكثير إلى الموزعين، وحين نطرح في السوق طرازاتنا فإننا نركز على طراز أو اثنين ولا نطرح سبعة أو ثمانية طرازات. ورئيسة مجلس إدارتنا، جازمين أوديمار وهي حفيدة المؤسس، يهمها السرعة لا الحجم. ودعني أضرب لك مثالا.. إذا أردت أن تقارن فانظر إلى السمك في البحر وكيف أن السمك السريع يأكل السمك البطيء وليس السمك الكبير يأكل السمك الصغير.

* ما العامل الأكثر تأثيرا على رواج ساعة ما؟ هل هو التصميم الهندسي أم الابتكار أم الكفاءة التسويقية؟

- كل هذه العوامل مجتمعة، لأن عملية إنتاج الساعات عملية مترابطة ترابطا كاملا، وهكذا لا يمكن أن يقتصر تفوقك على هندسة منظومة الحركة أو التصميم الخارجي أو التسويق النشط كلا على حدة، بل يجب أن يكون النجاح متكاملا في مختلف هذه النواحي لكي تستمر وتتطور وتحافظ على علاقة طيبة مع الزبون.

* مع توليكم المنصب منذ مايو (أيار) 2012.. ما طموحاتكم لتطوير الشركة على مستوى العالم؟

- أعتقد أن أهم خطة هي تنفيذ الوعود التي نقطعها للزبائن، فمن أساسيات النجاح المحافظة على أهداف الشركة، من مجلس إدارة الشركة إلى أصغر موظف، وأن يكون كل فرد ملتزما بالأهداف ذاتها. الجميع في «أوديمار بيغيه» يدركون، وعليهم أن يدركوا أنهم يوجهون رسالة للعالم تؤكد أن «أوديمار بيغيه» من أفضل صانعي الساعات، وفي صلب الرسالة الجودة العالية لكل منتج نطرحه في الأسواق.

* بالنسبة للمستقبل أيضا.. هل ستواصلون المشاركة في معرض جنيف أم أنكم تفكرون في الابتعاد عنه؟

- (أجاب ضاحكا).. في مؤتمر صحافي قلت إننا شركاء مع «آرت بازل»، وكان حاضرا يوم ذاك صحافي فرنسي فسر كلامي خطأ بأننا سننتقل من معرض جنيف إلى معرض «بازل وورلد». حصل سوء فهم، وبادرنا على الأثر إلى التصويب. وأنا هنا أشير إلى أننا مستمرون مع معرض الساعات الفاخرة الدولي في جنيف.

* كم يقدر حجم سوق الساعات الفاخرة على مستوى العالم؟ وما توقعكم لصناعة الساعات خلال السنوات المقبلة؟

- دعني أكن صريحا معك. صناعة الساعات لها مستقبل قوي، وحتى الأثرياء الذين يملكون القصور والسيارات الفخمة لا يملكون كلهم ساعات فاخرة، وكل يوم نفاجأ بحضور أمثال هؤلاء إلى متاجرنا لشراء ساعات فاخرة. وقصدي هنا القول إن سوق الساعات، ولا سيما في الفئات الأعلى، لم يبلغ بعد مداه.. جزء واسع من العالم يتعرف أكثر فأكثر على سوق الساعات، ومع مرور الوقت أتوقع أن تكبر هذه السوق وتزدهر.

* أظن أنكم تشيرون إلى أسواق مثل سوق روسيا، مع ظهور عدد كبير من الأثرياء؟

- السوق المحلية في روسيا ما زالت صغيرة، إلا أن الروس يشترون من خارج بلادهم بشكل كبير، ولكن الملاحظ أن الصينيين سبقوهم وهم يشترون الآن بكميات أكبر من الروس في أنحاء العالم، والشيء نفسه ينطبق على البرازيليين والهنود.

* بعد زيارتكم للسعودية.. ما انطباعكم الأولي عن السوق؟ وما الكلمة التي تودون توجيهها إلى الزبون السعودي؟

- (ضاحكا) دعني.. سأخبرك بأمر، من هو الرجل الذي قال «هذه مجرد بداية»؟!.

* في الحقيقة لا أعرف.. من قال هذه العبارة؟

- إنه الملاكم العالمي محمد علي كلاي، وهذا هو انطباعي أيضا، ولذا أكرر: «هذه مجرد بداية».