القميص الأبيض.. تغيرت تفاصيله وبقيت أساسياته

رفيق الرجل في الصيف والشتاء

TT

قد يكون مضمونا ومناسبا لكل الأوقات، وقد لا تتغير موضته مهما تغيرت المواسم والأساليب، إلا أن بساطة شكله وصفاء لونه يتطلبان بعض الدراية في التعامل معه. هذا هو القميص الأبيض، الذي لا تخلو خزانة أي رجل أنيق منه، بغض النظر عن العمر والمكانة الاجتماعية والاقتصادية. ورغم أن موضة الربيع والصيف الحالي، تتغنى بألوان الطبيعة المشعة، إلى جانب ألوان النيون، التي تتراقص على الأصفر والأخضر والبرتقالي والأزرق وغيرها من الدرجات، إلا أن هذا لا يعني أن الأبيض تراجع أو تأثرت مكانته، بدليل عروض الأزياء التي تابعناها في كل العواصم لربيع وصيف 2013. كلها، ودون استثناء، تشير إلى أنه لا يزال صامدا بشكل يبدو بسيطا للوهلة الأولى، لكنه يخفي بين ثنياته وتبطينه وأطراف أكمامه وصلابة ياقته الكثير من الإضافات. فالموضة ليست موضة إن هي استكانت للمضمون وقبلت بأن تبقى واقفة محلها سر من دون إبداع، ومن هذا المنطلق، أخضع المصممون القميص لعمليات تجميل خفيفة شملت تفاصيله أكثر من أساسياته، خصوصا منها التصاميم التي تستهدف مناسبات المساء والسهرة، أو تخاطب شابا يتمتع بأسلوب خاص لا يتقيد بالمتعارف عليه. اللافت أيضا أنها ضربت بشعاراتها القائلة سابقا بأنها تهتم بدمقرطة الموضة بهدف مخاطبة كل الشرائح، عرض الحائط من أجل كسب ود الزبون المقتدر. فالأزمة الاقتصادية العالمية فتحت عيون صناع المنتجات المترفة إلى رغبات أثرياء العالم المتزايدة لكل ما هو متميز وفريد، وبأي ثمن، على العكس من ذوي الدخل المحدود أو المتوسط، الذين تأثرت قدراتهم الشرائية ويفضلون الأزياء ذات التصاميم الكلاسيكية بالمعنى التقليدي المضمون. وهكذا أصبح لزاما على المصممين في السنوات الأخيرة، أن يدخلوا سباق التطوير لكي يبرروا سعر قميص قد يتجاوز الـ700 جنيه إسترليني مثلا بسهولة.

تبرير سعر قميص «كارليوني» من أنجيلو غالاسو، الذي يقدر بـ780 جنيه إسترليني، مثلا أنه مصنوع باليد وبياقة مقواة بشكل يضمن أناقتها وثباتها حول العنق، بالإضافة إلى الأكتاف التي تتميز بطية خفيفة جدا لا تراها العين لكن يشعر بها لابسه. بالنسبة لأطراف الأكمام، فهي أيضا مصممة بشكل به فتحة تسمح بارتداء ساعة يد بداخلها حتى يبقى قرصها وحده مكشوفا. وهذا تصميم استلهم من رئيس شركة «فيات» جياني انييلي، الذي كان يعاني من حساسية عند ارتداء الساعة مباشرة على يده مما اضطره لارتدائها فوق كم القميص. ما إن طرح هذا التصميم في عام 1991، حتى لقي قبولا كبيرا من قبل الزبائن ولا تزال الشركة تقدمه إلى اليوم من دون أن يخف الإقبال عليه أو ينخفض سعره.

وهذا ما أشعل فتيل عمليات تطوير وتجديد هذه القطعة الأساسية، من دون أن تنسى بأن الجانب الجمالي والمبتكر يجب أن يتوازى مع الجانب العملي والأنيق.

فالرجل، مهما وصلت درجة جرأته أو ثقته بنفسه وأسلوبه، لا يزال يخضع لطقوس البدلة وما تفرضه من «رزانة» أو رسمية، بل وحتى من أبجديات يجب التقيد بها، وليس أدل على هذا من الياقة. فمهما تغيرت أشكالها، يجب أن تترك مكانا لربطة العنق، مثلا، وما شابه من الاعتبارات المماثلة.

ولا يختلف اثنان أن تصميم القميص الأبيض بالنسبة للمصممين صناعة جادة ومهمة. واحد من هؤلاء، المصمم النيويوركي ثوم براون، المعروف ببدلاته الأنيقة والعصرية، ومع ذلك يحرص على طرح قمصان لا تقل أناقة تدخل ضمن الأسلوب «السبور» الذي تشتهر به نيويورك، حتى يأتي المظهر الذي يتصوره متكاملا. يقول في هذا الصدد: «تصميم أي بدلة من البدلات التي أقدمها، صناعة تخضع لتقنيات وخطوات جادة، وعندما يتعلق الأمر بالقمصان، فأنا أحب استعمال أقمشة عملية مثل قطن اكسفورد وأفضله على باقي الأقمشة التي اضطر لاستعمالها في أحيان أخرى».

ويضيف أن الرجل العارف بدوره، لا يستهين بعملية اقتناء قميص أبيض متميز، فهو بالنسبة له، بأهمية اقتناء ساعة يد كلاسيكية أو محفظة من الجلد الطبيعي. ولا تضاهي متعة البحث عنه سوى متعة الحصول عليه، عندما يحقق له إطلالة ناجحة، سواء نسقه مع بدلة رسمية، أو مع سترة «بلايزر» وبنطلون جينز.

وقد تصل حماسة البعض منهم أنهم يقتنون منه أعدادا كثيرة غير مبالين بالماركة بمجرد أن يتوصلوا إلى التصميم المناسب، بينما هناك في المقابل من يحب تغيير الماركات على أساس أن لكل مصمم بصمته و«نفسه» مثلما لكل طبق نكهته باختلاف طباخيه.

عندما خفض مصمم دار «شانيل» كارل لاغرفيلد وزنه في عام 2001 بنحو 45 كيلوغراما، كافأ نفسه بتغيير تعامله مع الأزياء، وكان من بين أول الأشياء التي غيرها القميص الأبيض العادي الذي كان يختفي تحته، ليظهر فجأة في قميص أبيض مفصل على الجسم بياقة عالية بنحو 4 إنشاءات، أصبحت بمثابة ماركته المسجلة منذ ذلك الحين. تراوح مظهره بين الداندية وبين الذكاء لأن علو الياقة أخفى أيضا تهدل ذقنه نتيجة فقدانه كل هذا الوزن، بالإضافة إلى عامل العمر بالطبع. سرعان ما اكتسب هذا التصميم شعبية، وتم طرحه في الكثير من المحلات المعروفة، لا سيما بعد أن تبين أن هناك طرقا أخرى لارتدائه، وأن طريقة لاغرفيلد «الداندية» لا تروق للجميع. فقد نسقه البعض مع سترة بياقات واسعة عند جانبي الصدر وبنطلون جينز للتخفيف من غلوه ومنحه مظهرا شبابيا، وكانت النتيجة مثيرة استقطبت لهذا التصميم شرائح جديدة.

ولا يمكن الحديث هنا عن القميص الأبيض دون ذكر اسم السير بول سميث، فقد كان أول قطعة صممها في السبعينات، وكان لها الفضل في استعانة الفنان ديفيد بووي آنذاك به لتصميم بعض أزيائه وانطلاقه إلى العالمية. ولأنه مايسترو التفاصيل المبتكرة والجريئة، فلا موسم يمر دون أن يطرحه بشكل متجدد من دون أن يتنازل عن خطوطه البسيطة والرشيقة، ولا عن عنصر المفاجأة الذي يتفنن فيه، أحيانا على شكل أزرار بلون مختلف أو تبطين منقوش أو تفاصيل غريبة لتزيين الياقات والأكمام والحواشي وغيرها. لكن بول سميث ليس وحده من يحاول منذ سنوات التفنن في القميص الأبيض وتفاصيله، فآخرون اعتمدوا هذه الطريقة بدورهم، بعد أن انتبهوا إلى أن شريحة زبائنهم تتسع لتشمل رجلا شابا، يريد أن يفرض نفسه بجدية وفي الوقت ذاته لا يريد أن يكون برسمية أجداده. من هؤلاء المصممين نذكر فيفيان ويستوود التي قدمت في العام الماضي قميص «كرال» الذي يتميز بياقة عالية. لكن أهمية هذا القميص تكمن في أنه مصنوع بقماش البوبلين المطاط حتى إذا تم ارتداؤه مع بدلة مفصلة يضمن للابسه إطلالة مرتبة بخطوط واضحة ورشيقة. وكونه محددا عند الخصر والصدر يجعله مثاليا لذوي الأجسام الرياضية والمفتولة. ورغم أنه يبدو للوهلة الأولى هجينا بين الأسلوب «الداندي» والأسلوب الرسمي إلا أنه يناسب رجل أعمال ولا يتعارض مع مركزه أو مكان عمله.

طبعا ليس مفروضا على الرجل الكلاسيكي أن يعانق هذه التفصيل والقصات المبتكرة، لأن الأساس لم يتغير بشكل جذري، بدليل ما تطرحه دار «برادا» من قمصان كلاسيكية بتصاميم هندسية مميزة وأقمشة مترفة وياقات لا تبدو فيها الخياطة على الإطلاق فضلا عن أزرار قد تكون هي الأكثر بروزا، لأن الدار استقصدت ذلك حتى يتعرف عليها زبائنها بسرعة، أي أنها بمثابة «لوغو» ذكي وغير صارخ.

* رغم بساطة هذه القطعة وكونها مضمونة وأساسية إلا أنها قد تشكل هاجسا بالنسبة للكثير من الرجال، خصوصا عندما يتعلق الأمر بقمصان جاهزة. فبعضهم يتميز بعنق كبير وجسم صغير، أو العكس مثلا، كما يمكن أن يكون المقاس مثاليا لكن الأكمام قصيرة، بحيث لا يمكن تطويلها، وغيرها من المشكلات، التي تستدعي التفصيل.

- في بعض الحالات، وحتى عندما يحاول المصممون والخياطون الحفاظ على الكلاسيكية التي تميز القميص، فإن الرجل يفرض التغيير أحيانا. وليس أدل على هذا من إقباله منذ عام تقريبا على القمصان التي تتمتع بأطراف أكمام عريضة وطويلة حتى يتمكن من ثنيها لاستعمال الكبك. كما تبين من خلال أرقام المبيعات أن 85 في المائة من الرجال في الست سنوات الأخيرة، يميلون إلى الياقات ذات الزوايا المنفرجة والبعيدة عن منطقة الوسط.

* قطعة كل المناسبات

* سواء كنت متوجها للقاء عمل أو إلى دعوة غداء على الشاطئ، فإن القميص الأبيض أسهل قطعة يمكنك اللجوء إليها، لتنقلك من النهار إلى المساء. لكن هناك ثلاثة عناصر لا بد منها للحصول على غرضك منها: أن تكون على مقاسك، وأن تكون بخامة جيدة أي أن تفهم نوع القطن الذي استعمل فيها، وكيف تم نسجه ووزنه وأخيرا، وليس آخرا أن تكون التفاصيل الأخرى مثل شكل الأزرار وأطراف الأكمام والياقة، متميزة وعصرية، كما أشار السيد لورو بيانا. وحتى تتجنب أي مطبات أنت في غنى عنها إليك بعض الأفكار:

- القماش المفضل هو الناعم الملمس لكن بسمك كاف يخفي معالم الصدر في حال اخترت أن تلبس القميص لوحده في الصيف. ويعتبر قطن اكسفورد المفضل لدى الكثير من الخياطين والمصممين لأنه ناعم الملمس من دون أن يكون حريريا أو لامعا، كما أنه على الرغم من أن خيوطه متشابكة بكثافة يمنح الجسم الانتعاش في كل الفصول.

قطن دلتا النيل أيضا يعتبر من أجود الأنواع، لأنه ناعم الملمس وقوي في الوقت ذاته، لا يتعرض للتلف بسرعة. أما من أشهر المعامل المتخصصة في أقمشة القمصان العالية الجودة، فنذكر «كوتونفيشيو ألبيني» Cotonificio Albini الدار الإيطالية المتخصصة في هذا المجال منذ 1876 ويديرها الآن الجيل الخامس من العائلة، ويتعامل معها كبار بيوت الأزياء مثل «زيغنا» وغيرها.

- لتصاميم المساء يفترض أن تكون الأزرار بنوعية جيدة تحاكي اللؤلؤ، لأن الحقيقية يمكن أن تتكسر خلال عملية الغسل، على أن تتجنب تلك المصنوعة من البلاستيك لأنها رخيصة وتبدو رخيصة.

- الياقة يجب أن تكون قوية بحياكة خفية لكن ليست صارمة بشكل يزعجك ويعيق حركة رأسك.

- القميص الأبيض يبدو رائعا مع ألوان الأسود، الأزرق النيلي، وكل درجات الرمادي، لكن عندما يتعلق الأمر بارتدائه مع الأخضر والبني، فيفضل أن يكونا بدرجات هادئة جدا، خصوصا إذا كانت بشرتك بيضاء أو شاحبة.

- تجنب تنسيقه مع الأبيض في باقي الإكسسوارات مثل الربطة والحذاء، إلا إذا كنت عريسا.

- إذا كانت الأزياء تعكس شخصية الرجل وتعبر عن طموحاته، فإن الأبيض يقول بأنه جاد ومرتب وصادق مع نفسه ومع الآخرين، عدا أنه مضمون بمعنى أنه أهل للثقة، لهذا فإن ارتداءه في أماكن ومقابلات العمل أمر جيد. شكله وتصميمه وبياضه أيضا يعكسون مكانة الرجل، فالعاملون في المناجم مثلا لا يمكن أن يلبسوه مما جعله في السابق حكرا على النخبة والأثرياء.

- السيد لورو بيانا ينصح قبل شراء أي قميص مهما كان سعره الأخذ بعين الاعتبار جودة القماش أولا وسمك الأزرار، قبل التصميم، مشيرا إلى ضرورة أن يكون طوق الياقة قابلا للتحرك. في حال كان غير ذلك، فإنه يتعرض للتجعد مع الوقت مما يؤثر على الشكل العام.

* أفضل الماركات المتخصصة

* هناك الكثير من الأسماء وأساليب التصميم وغزل القطن وغيرها، إلا أنه يمكن اختزال القميص الأبيض في ثلاثة أساليب: الإيطالي والفرنسي والإنجليزي.

1 - الإيطالي يتميز بميل للتفاصيل بشكل واضح، ومن بين أفضل المتخصصين فيه نذكر «بوريللي» (Borelli) التي تأسست على يد لويجي في عام 1957 الذي تعلم الحرفة من والدته أنا بوريللي في الأربعينات و«ميكوتشي» (Micocci) بالإضافة إلى «زيغنا» (Zegna) و«ارماني» (Armani) و«روبيناتشي» (Rubinacci) و«برادا» (Prada) غيرهم.

2 - في فرنسا، لا يمكن الحديث عن القميص الأبيض، دون ذكر اسم «شارفي» (Charvet) فهو أسطورة في هذا المجال. عندما أسس السيد شارفي، الذي كان والده مسؤولا على انتقاء ملابس نابليون، الشركة في عام 1838، جاء بفكرة غير مسبوقة. فإلى جانب أخذه مقاس الزبون كأي خياط آخر، فإنه أتاح للزبون فرصة اختيار قماشه من مجموعة متنوعة متوفرة في المحل، في وقت كان باقي الخياطين يطالبون الزبون بإحضار قماشه معه، مما عجل من انتشار اسم شارفي في الأوساط الباريسية والعالمية على حد سواء، لا سيما وأن قمصانه المحددة على الجسم مع انحناءات في الجزء المحيط بالإبط فضلا عن الأكتاف المحددة والياقات الصارمة لمست وترا حساسا لدى الرجل العارف.

3 - الأسلوب الإنجليزي يتمتع بتقاليد عريقة تتمركز في «جيرمين ستريت» ولعل «ترنبل آند أسر» Turnball & Asser الذي يتسوق منه الأمير تشارلز وغيره من الأرستقراطيين واحد من أهم هؤلاء إذا كانت الرغبة هي التصميم الكلاسيكي. أما إذا كانت تصميما أكثر شبابية ورشاقة، فإن شركة «توماس بينك» (Thomas Pink) تقدم قمصانا رشيقة، كذلك «إيما ويليس» (Emma Willis) بالإضافة إلى أسماء بريطانية أخرى مثل «بول سميث» (Paul Smith) و«بيربري» (Burberry) وغيرهم.

* عناوين مهمة

* شارفي Chavret:

28 Place Vendôme 75001 Paris- France رقم الهاتف: 70 30 60 42 1 33+

* إيما ويليس Emma Willis:

* 66 Jermyn Street London SW1Y 6NY United Kingdom رقم الهاتف:

9980 7930 20 (0) 44+

* «ترنبل أند أسر » Turnball & Asser

* 71 - 72 Jermyn St- London- Greater London SW1Y 6PF رقم الهاتف:

3000 7808 207 (0) 44 +

* Luigi Borrelli لويجي بوريللي

* Via Morimondo- 26 - 20143 Milano الهاتف:

76011616 02 39+