إيما ويليس.. المرأة التي اخترقت «جيرمين ستريت» معقل الرجال

من بائعة متجولة إلى سيدة أعمال تخاطب الأمراء ورجال الأعمال

إيما ويليس تحرص على الجودة ومتابعة كل التفاصيل
TT

إيما ويليس، اسم يعرفه الرجال أكثر من النساء.. فهي أول امرأة تخترق واحدا من أهم معاقل التفصيل الرجالي «جيرمين ستريت»، وتحقق فيه الكثير من النجاحات. لائحة زبائنها تضم الرئيس الأميركي باراك أوباما بالإضافة إلى أفراد من العائلات المالكة من كل أنحاء العالم ولفيف من رجال الأعمال والنجوم.

أقل ما يمكن أن يقال عن إيما ويليس أنها قصة نجاح بريطانية مثيرة، بدأت من الصفر لتصبح اسما عالميا.. فقد كانت تدور على البيوت والمؤسسات المالية والتجارية وسط لندن لبيع القمصان الجاهزة، وهذا ما يجعل وصولها إلى «جيرمين ستريت» المتخصص في القمصان المفصلة على المقاس أو حسب الطلب بالإضافة إلى وجودها في محلات «سيلفريدجز»، و«هارودز»، ومواقع إلكترونية كثيرة، يستحق وقفة إجلال واحترام.

تعترف إيما أن دخولها هذا المجال كان بمحض الصدفة.. فقد تركت الجامعة قبل أن تحصل على أي شهادة، ثم انخرطت في معهد «ذي سلايد للفنون الجميلة» لمدة عام فقط. لم تكن مشدودة للدراسة بقدر ما كانت مسكونة بحلم قديم وهو أن تصبح في يوم من الأيام مغنية روك آند رول، وبالفعل كونت فريقا باسم «دايل إيما» لم يستمر طويلا، لأن الحلم كان يحتاج إلى دعم مادي لكي يغذيه ويبقيه حيا. كانت الطريقة الوحيدة لكي تمول نفسها أن تعمل مع شركة متخصصة في القمصان الرجالية اسمها «ووركشوب كلوذينغ» كبائعة متجولة على البيوت والمؤسسات المالية. تقول لـ«الشرق الأوسط»: «في اليوم الأول من عملي، توجهت إلى وسط المدينة، حيث تتمركز كل المؤسسات المالية، وفي يوم واحد بعت نحو 100 قميص. عدت بعدها إلى بيتي بالمواصلات العمومية، وأنا أشعر بالسعادة وشيء قوي يلح علي. كان هذا الشيء شعورا بأني توصلت إلى طريقة جدية ومجدية لتحقيق المال». وبالفعل، لم تمر سوى فترة قصيرة، حتى تركت الشركة لتستقل بعملها، خصوصا بعد أن وجدت من يمولها. وتشرح أنه لم يكن باستطاعتها في هذه المرحلة أن تصنع أي قمصان بنفسها، لهذا طلبت من شركة «ترنبل آند آسر» المعروفة، أن تزودها ببعض تصاميمها على أن تبيعها باسمها، وجندت لمساعدتها كل صديقاتها. كانت ردود الفعل الأولية إيجابية، مما شجعها على تصميم قمصان تحمل اسمها، وسنحت لها الفرصة في عام 1989 عندما وجدت معملا صغيرا متخصصا في تفصيل القمصان على المقاس، وتعمل فيه مجموعة من الخياطات الماهرات وخياط متمكن في القص، كل هذا أكد لها أن قدرها يأخذ منحى جديدا وملامح قوية.

الآن ينتج مصنعها قرابة 5000 قميص في العام. وهذا لا يشير إلى مدى نجاحها فحسب بل أيضا إلى رغبتها، منذ البداية، أن يكون كل ما تصنعه بريطانيا محضا، حتى يحمل لقب «صنع في بريطانيا». وتشرح أن هذا اللقب يتطلب دراية عالية بالتقاليد الإنجليزية والتقنيات الخاصة في هذه الصناعة، لهذا تحرص على أن تقضي ثلاثة أيام في الأسبوع في المعمل للإشراف على كل صغيرة وكبيرة من التصميم والتنفيذ إلى التأكد من جودة كل قطعة قبل أن تباع.

بيد أنها لم تفتتح محلها في «جيرمين ستريت» إلا في عام 1999 بعد أن أنجبت أطفالها. تعلق أنها قرأت إعلانا عن محل معروض للإيجار، وبمجرد أن زارته لمعاينته عن قرب، حتى انتابها شعور بأنها يجب أن تغير طريقة العمل بأن يكون لها مقر خاص. تتابع: «في هذه الفترة، كنت بدأت أصنع قمصانا لشخصيات مهمة منها دوق بوفورت، ودوق ويستمنستر، الأمر الذي منحني ثقة بأن آخذ هذه الخطوة. فالمغامرة لا يمكن إلا أن تأتي بثمارها، وهذا ما كان». مباشرة أرسلت إيما طلبا لخمسة من أفضل زبائنها تعرض عليهم مشروعها وتطلب منهم الدعم المالي والدخول معها كشركاء، ولما سمع الأميركي ويليام تاين، صاحب بنك «بيسيمر للاستثمار» بالعرض، اتصل بها وأعرب لها عن رغبته في تمويلها بشرط أن يكون هو الممول الوحيد. وافقت على شرطه وجددت المحل بمنحه ديكورا راقيا من دون أي مغالاة. غطت الجدران بالقماش والأرضية بخشب البلوط وحرصت أن تكون النوافذ كبيرة حتى تعكس الضوء والترف على حد سواء. وهكذا كانت الانطلاقة، فمن المستحيل اليوم أن تمر من شارع «جيرمين ستريت» من دون أن يستوقفك محلها الواقع على ناصية شارع «سانت جيمس» بواجهاته الزجاجية والمعروضات التي تناديك للدخول واستكشاف مئات القمصان المتراصة بشكل أنيق وألوان هادئة. تدخل فيداهمك ديكوره الإنجليزي التقليدي، الذي تشعر فيه بنوع من الراحة النفسية قد يكون مردها رائحة باقات الورد الموزعة في أماكن متفرقة من المحل، كما رائحة الشموع المعطرة، أو فقط ابتسامات العاملين المهذبة المتوثبين للخدمة.

الآن إيما لا تكتفي بالنجاح الذي حققته في بريطانيا، بل صوبت أنظارها نحو الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، وتسافر إلى كل من نيويورك وباريس، لمقابلة زبائن جدد، تعرفهم بشركتها وما يمكن أن تقدمه لهم. لا تعرف الكلل، ولا يبدو أنها ستتوقف عن التوسع. فقد اشترت أخيرا ماكينة قديمة لصنع الجوارب، على أساس أن تطرح مجموعة من الجوارب، إلى جانب أربطة عنق تحمل توقيعها والبقية تأتي. تقول إن وصفتها تكمن في تركيزها على الهدف، وفهم نوعية الزبائن الذين تتوجه إليهم. ولم تتغير هذه الوصفة إلى الآن لأنها أكدت فاعليتها ونجاحها.

* إيما ويليس: التفصيل للمرأة يحتاج إلى إمكانات أكبر مما أتوفر عليه.. لهذا اخترت التركيز على الرجل

* لا تنكر إيما ويليس أن التفصيل على المقاس في بريطانيا كان قبله قصة رجولية محضة، سواء تعلق الأمر بالبدلات أو بربطات العنق أو القمصان أو الأحذية. فالرجل أكثر من أتقن هذا المجال، وأبدع فيه منذ عدة قرون، أو هذا على الأقل ما كان سائدا قبل وصولها. بل وحتى التفصيل الخاص بالمرأة، أو ما يعرف حاليا بالـ«هوت كوتير»، فهو من بنات أفكار رجل اسمه تشارلز فريدريك وورث، في القرن التاسع عشر، ولم تدخل المرأة هذا العالم إلا في بداية القرن العشرين، مع غابرييل شانيل، وسكياباريلي، وجين لانفان، ومدام غري، وغيرهن، ممن أثبتن قدراتهن وعبدن الطريق لبرادا ومثيلاتها من مصممات الجيل الحالي.

إيما ويليس، في المقابل، تختلف عن هؤلاء، فهي تنافس الرجل لنيل رضا الرجل، ولا يزال تفوقها في مجالها هذا يعتبر رائدا وغير مسبوق، ولا سيما أن سعر قميص يتراوح ما بين 150 و400 جنيه إسترليني من معاملها لا يمثل أي مشكلة بالنسبة لزبائنها.

* كيف كانت بدايتك في عالم الأزياء؟ ولماذا القمصان تحديدا؟

- درست في لندن في معهد «ذي سلايد للفنون» وكانت تربطني صداقات مع العديد ممن يعملون في البنوك والمؤسسات الكبيرة في ذلك الوقت بحكم تعاملي معهم في البداية. ولم أبدأ في تصميم قمصان لهم إلا في التسعينات، حين أسعفني الحظ وحصلت على معمل صغير وقديم بجنوب شرقي لندن متخصص في هذا المجال ويتوفر على خياطين مهرة. والحقيقة أني عندما افتتحت محلي في عام 2000، لم تكن النية التخصص الرجالي، لأني طرحت تشكيلة صغيرة للمرأة، لكني سرعان ما اكتشفت أن البحث عن أقمشة وتصميم عدة تشكيلات متنوعة، عملية صعبة تحتاج إلى ميكانيكية وإمكانات أكبر مما كنت أتوفر عليه، لهذا اخترت التركيز على الرجل وعلى هذه القطعة.

* اختراق أحد الشوارع العريقة والمتخصصة التي احتكرها الرجل لمئات السنين ليس بالأمر الهين، كيف نجحت في إقناع جيرانك بوجودك بينهم؟ وكيف تقبلوك؟

- لحسن حظي أن الأمر جاء وتدرج بطريقة طبيعية بحكم تعاملي معهم في السابق. فقبل أن أفتتح محلي في «جرمين ستريت» كانت لدي خبرة عشر سنوات في تصميم وإنتاج القمصان، كما اكتسبت خبرة في التسويق جعلت الكل في الشارع يعرفونني، فضلا عن أني تعاملت مع أغلبهم في فترة من الفترات، وأتمنى أن أكون نلت احترامهم أيضا. وربما أكون محظوظة أكثر من غيري لأن جيراني في ذلك الوقت، مثل «بينك» و«جيمس آند بيتر مالن» ساندوني وقدموا لي الكثير من العون والدعم. فجيمس، كان يقدمني لزبائنه بحكم أنه كان متخصصا في الأزياء الجاهزة، وبالتالي لم ير أن هناك منافسة بيننا. ما سهل علي الأمر وساعدني على تثبيت أقدامي أيضا، انتباه شريحة من الزبائن إلى تصاميمي وإعجابهم بها، وأغلب هؤلاء الزبائن من الطبقات الأرستقراطية البريطانية بالإضافة إلى أفراد من العائلة المالكة ورجال الأعمال والنجوم، وهذا أيضا أعطاني دفعة قوية ومكانة محترمة.

* ما هي النقلة المهمة في حياتك؟

- أعتبر اتصال محلات «سيلفريدجز» بي لتصميم مجموعة خاصة وحصرية، نقلة مهمة في مساري العملي، أثمرت عن تعاون ناجح لعشر سنوات، انتقلت بعده إلى موقع «مستر بورتر» الإلكتروني.

* ما هي الأسباب التي تجعل الزبون يفضل تفصيل قمصانه عوضا عن شرائها جاهزة؟

- هناك أسباب عديدة، منها رغبته في تصميم خاص أو نقوشات معينة تناسب شكل جسمه، إذ ليس كل ما هو جاهز مناسبا لكل المقاسات والمقاييس. كما قد تكون رغبته في قميص محدد على صدره بياقة خاصة، أو فقط لأنه يقدر الأشياء التي تصنع له خصيصا.

* تتمتعين بحس تجاري قوي أكدته تجربتك في هذا المجال، كيف تقرئين أحوال السوق؟

- ما إن أكتشف أن هناك ثغرة في السوق لا أتردد، أخيرا اكتشفت أنه يمكنني مخاطبة الرجل الشاب الذي يريد التميز، بلغة يفهمها جيدا، ألا وهي الإنترنت، لهذا خصصت موقعا خاصا تتوفر فيه تصاميم متنوعة بمقاسات مختلفة تراعي طول الأكمام لكل واحد كذلك عرض الصدر وحجم العنق وطوله وما إلى ذلك من التفاصيل التي يصعب عليه الحصول عليها من المحلات العادية.

* يتكرر مفهوم «صنع في بريطانيا» كثيرا في «سافيل رو» و«جيرمين ستريت»، ما مدى أهميته بالنسبة لك؟

- أنا أفخر بأننا نصنع كل شيء هنا في إنجلترا، ولا نستعمل سوى أجود أنواع القطن والكتان والحرير، على العكس من غيرنا ممن يحاولون رفع مبيعاتهم بتقليص مصاريفهم، وهذا ما شجعني على أن يكون لي معمل خاص هنا في بريطانيا حتى أحافظ على الجودة والثقة. ففي هذه الأيام، يعتبر الحفاظ على التقاليد والحرفية والتقنيات القديمة في صناعة أي شيء من الأمور التي تميزك عن غيرك وعما هو شائع ومتوفر في السوق.. فأنت تقدم شيئا فريدا وخاصا يتمتع بنوع من الترف.

* على ذكر الترف، ماذا يعني لك ولزبونك؟

- إنه الحصول على أفضل شيء يمكن الحصول عليه. ولا بأس أن يكون هذا الشيء من الكماليات على شرط أن يمنحك المتعة ويدخل على نفسك السعادة.

* هناك منافسة شديدة من قبل بيوت الأزياء، وهناك قمصان جاهزة لا تقل جمالا، كيف تنجحين في الحفاظ على تميزك؟

- كل مرة نأخذ فيها مقاس شخص لكي نصنع له قطعة خاصة به، نتعامل مع الأمر على أنه تحد جديد، يتطلب الابتكار والإبداع من كل الجوانب. فكل التفاصيل، من اختيار الألوان والأقمشة إلى النقوشات، تحتاج إلى عين خبيرة وحس مبدع واهتمام خاص، وهذا ما نوفره.

* القميص قطعة أساسية وبسيطة بالنسبة للعديد من الناس، لكن لا بد أنك ترين أن هناك أبجديات وتقنيات لا بد من الانتباه إليها قبل اقتنائه؟

- بالفعل، يجب أن يكون من القطن أو الحرير أو الكتان، وأن يكون بغرزات منفذة بإبرة واحدة صغيرة جدا، وأزرار من اللؤلؤ وياقة مفصلة بشكل جيد على العنق. وأخيرا وليس آخرا، أن تختار ما يناسب مقاس جسمك تماما.

بعد «بايزووتر» و«اليكسا» و«ديل راي»، الحقائب التي أصبحت مرادفة لماركة «مالبوري» ولا تتوقف عن إثارة الرغبة في الحصول عليها، تعود الدار البريطانية إلى تصميم «أليكسا» لتطرح نسخة جديدة وحصرية منها بلون أحمر متوهج ومن جلد النعام. وتؤكد الدار أنها بعدد محدود لا يتعدى الخمس حقائب فقط، تتوفر في مجمع «ويستفيلد» بلندن. تجدر الإشارة إلى أن تصميم «أليكسا» الذي يشتق اسمه من العارضة البريطانية أليكسا تشانغ، يحقق منذ صدوره الكثير من الإقبال، لهذا تعود إليه الدار دائما بخامات وألوان جديدة، وفي كل مرة يحقق نفس النجاح الذي حققه في المرة الأولى. التصميم مزيج من حقيبتين: «البايزووتر» و«إلكينغتون» كانت نتيجتهما شكلا أقرب إلى الحقيبة المدرسية تتميز بماركة الدار المسجلة والمتمثلة في القفل والإبزيم المعروفين. أما إذا كنت تتساءلين عن السعر، فهو 4500 جنيه إسترليني، إذ لا تنسي أنها من جلد النعام.

عطر صيفي منعش من الشركة التي قدمت لنا عطر Azzaro AQUA عام 2009 وعطر Azzaro AQUA Verde عام 2010 و Azzaro AQUA Cèdre Blanc العام الماضي. فـ«أزارو» لا تتوقف عن مخاطبة الرجل بكل ما تقع عليه يديها من خلاصات منعشة تعبؤها في قارورات عملية تتماشى مع روح «سبور» تتبناها الدار في معظم إنتاجاتها. العطر الأخير هو «أكوا فروست» الذي يناسب أجواء الصيف والبحر، حيث تمزج فيه فواكه صيفية خفيفة مع الأخشاب والماء. فأول ما ينبعث من القارورة عند فتحها درجات خفيفة من الفاكهة الحمضية تتخللها برودة تشع من النعناع مع درجات من الكومكوات الشهي. بعدها تظهر الدرجات العلوية فتكشف عن عصارة فاكهة العنب ورائحة البحر، ثم تبرز نغمات تستمد قوة ذكورية من خشب السرو ونجيل الهند.