كارلا بروني ساركوزي سيدة أولى في بلاط «بولغاري»

للمرة الأولى تتحول فيها زوجة رئيس دولة لوجه يمثل ماركة عالمية

كارلا كما ظهرت في الحملة الإعلانية
TT

من أجمل الفعاليات التي شهدها أسبوع الموضة الباريسي الأخير، حفل دار «بولغاري» التي نفشت ريشها واستعرضت قوتها في قصر قديم تحول إلى غرفة تجارة في أفينيو فريدلاند. حفل سيبقى راسخا في الذاكرة لعدة أسباب؛ أهمها حضور كارلا بروني، سيدة قصر الإليزيه سابقا والمغنية الحالية، وتجولها بين الحضور في حدائق القصر بتايور أسود مفصل وقلادة وأقراط أذن تقدر بالملايين. كان من الطبيعي أن يشعر الحضور بإثارة خاصة وهم يسترقون النظر إليها على بعد خطوات، رغم أنه حضور تعود على لقاء النجوم والنجمات. لكنها نجحت في أن تسرق الأضواء، لأنها أول مرة تتحول فيها زوجة رئيس دولة لوجه يمثل ماركة عالمية. صحيح أنها كانت عارضة سوبر في الثمانينات والتسعينات، إلا أنها لم تعمل في هذا المجال منذ مدة، وباتت شبه معتزلة بعد زواجها بنيكولا ساركوزي، الذي لم يعد في الحكم الآن، مما يعطيها الحق في أن تمارس أي نشاط تريد من دون محاسبة أحد. فهيلاري كلينتون دخلت المجال السياسي بعد خروج زوجها من البيت الأبيض، ومن المتوقع أن تعود ميشال أوباما لممارسة المحاماة بعد انتهاء مدة زوجها، باراك أوباما في الحكم، علما بأن أن علاقة سيدات الإليزيه بالموضة ليست غريبة أو جديدة. مدام برناديت شيراك، مثلا، وجه مألوف في عروض «شانيل»، وعضو في مجلس «إلفي إم آش» أيضا، كما أن فاليري تريرفيلر رفيقة درب الرئيس الحالي فرنسوا هولاند بدأت تظهر في مناسبات مماثلة، وإن بخجل، مما يجعل الفرق بينها وبين غريمتها، كارلا، كبيرا، خصوصا أن هناك إشاعات تفيد بأن السيد ساركوزي ينوي الترشح لمنصب رئيس الدولة مرة أخرى، وأن ظهور زوجته في المجلات البراقة في أجمل حلة وبأرقى المجوهرات لن يضر بحملته على الإطلاق، إن صح الخبر.

ومما يؤكد أهمية ظهور كارلا كوجه ممثل لدار «بولغاري»، أن الخبر تداولته أول مرة وزيرات وليس خبراء موضة أو كتاب مدونات. فقد تسرب عبر تغريدة أرسلتها إيزابيل بلقاني، مساعدة رئيس بلدية ضاحية (لوفالوا) القريبة من باريس، أعادت نشرها الوزيرة السابقة نادين مورانو. وهذا وحده يشير إلى أن كارلا ليست عارضة عادية، وأن عودتها إلى عالم الموضة والمجوهرات له خلفيات وأسباب كثيرة قد تتعدى الجانب المادي. فحتى قبل أن تمثل مجموعة «ديفا» الفخمة من «بولغاري»، روجت في الخريف الماضي لمجموعة من الحلي تحمل اسم «بارو»، من توقيع المصمم والمهندس الفرنسي فيليب ستارك. مجموعة تختلف في الكثير من الجوانب عن مجموعة «بولغاري»، التي كما يدل اسمها «ديفا»، مستوحاة من شخصية معروفة تعيش الحياة المترفة وتشمل قلائد وأقراطا مرصعة بالماس والياقوت والزمرد، صممت لامرأة مرفهة وأنيقة، أيا كان أسلوبها وذوقها والمناسبات التي تظهر فيها. لكن القاسم المشترك بينها دائما هو أنها لافتة ودرامية، وإن بنمط هندسي مستوحى؛ إما من أيقونات هوليوود في العصر الذهبي، وعلى رأسهن إليزابيث تايلور، بماكياجها الدرامي في فيلم «كليوباترا»، وإما من أشكال مراوح يد تتفتح لتكشف كم هي سخية في استعمالها الأحجار الكريمة والألوان المتوهجة. فالمروحة كما اكتشف مصممو الدار، إكسسوار عرفته حضارات مختلفة، إذ استخدم في الصين ابتداء من القرن الثاني قبل الميلاد، كما استعمل في قصور مصر في الاحتفالات الفخمة، قبل أن يصبح من اللوازم اليومية لدى اليونانيين والرومان في القرن الخامس قبل الميلاد، وتنتشر في أوروبا كقطع فنية ابتداء القرن السادس عشر وصاعدا.

ما قام به مصممو الدار، أنهم لعبوا على الأحجام الممتلئة والفارغة، لتتحول المروحات الرقيقة إلى تكتلات أنيقة، بعضها مقلوب وبعضها الآخر معلق على شكل شلالات ملونة وصاخبة بالتناقضات، سواء فيما تعلق بالمواد أو الأحجار.

فاللؤلؤ والجمشت والزبرجد أو الترمالين الأحمر، مثلا، يمكن أن يتزاوجوا مع الماس بسهولة فائقة، فضلا عن سهولة استخدامها، وهو العنصر الذي تحرص عليه الدار دائما، وجاء واضحا في كل القطع الـ 200 التي سافرت بها الدار من «بورتوفينو» إلى باريس، وتشمل مجوهرات راقية وساعات وحقائب يد ونظارات.

سبب اختيار «بولغاري» كارلا بروني ساركوزي لتمثلها له عدة أسباب، حسبما تشرح الدار. فبالإضافة إلى جمالها وأناقتها، فهي أيضا تتقاسم معها جذورها الإيطالية وحبها للفن وتلك الرغبة الملحة في التطور والإبداع. أي إنهما يتقاسمان تلك القدرة على إعادة ترجمة أنفسهما وتنويع صورتهما بشكل دائم. فكما أسست الدار نفسها كرمز إيطالي بأسلوب مميز وجريء، كذلك أصبحت كارلا رمزا للأناقة والجاذبية في شتى مراحل حياتها.

وبينما بدأت أسطورة «بولغاري» عندما وصل الصائغ اليوناني سوتيريو بولغاري إلى روما في نهاية القرن التاسع عشر وورث مهاراته لأجيال كتبت بدورها فصولا جديدة بمزيج غير تقليدي لمواد مختلفة. ومع الوقت، تطورت من شركة عائلية صغيرة إلى مؤسسة عالمية تشمل اليوم الساعات، والعطور، والنظارات والإكسسوارات والفنادق. أعادت كارلا بروني ساركوزي، تجديد نفسها من خلال الموسيقى بعد أن كانت من بين العارضات السوبر في التسعينات. تعلمت عزف القيثارة وحدها، وهي اليوم مغنية باعت أكثر من مليوني نسخة من ألبومها الأول «Quelqu’un m’a Dit» في عام 2002، وفي أبريل (نيسان) 2013. أطلقت ألبومها الرابع بعنوان «Little French Songs»، من دون أن ننسى أنها بعد زواجها في عام 2008 بالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مارست دورا دبلوماسيا، كان جديدا عليها. فأضواء الموضة لا تشبه بأي شكل العلاقات الدولية المتشابكة، ومع ذلك تأقلمت مع دورها وأدته على أحسن وجه، من دون أن تتخلى عن شخصيتها وطموحاتها.