«بيتر بيلوتو» يفوز بجائزة منظمة الموضة «فوغ» ويقتحم السوق الأميركية

مبلغها 200 ألف جنيه إسترليني إضافة إلى دعم معنوي ولوجيستي

ساندرا بولوك في لوس أنجليس هذا العام - كايت بلانشيت في تصميم من «بيتر بيلوتو» في مهرجان «دبي» السينمائي لعام 2012 - الممثلة والعارضة الأميركية بروكلين ديكر - من تشكيلتهما لمحلات «تارغيت» الأميركية تتوفر على موقع « NET-A-PORTER»
TT

لم يكن الحفل كبيرا إلى حد يجذب أنظار أو اهتمام السياح المتجولين في منطقة بيكاديلي (وسط لندن). لم يكن هناك سجاد أحمر أو نجوم عالميون وما يترتب على وجودهم من حراسة مشددة وباباراتزي، لكنه كان مهما بالنسبة للمهتمين بصناعة الموضة البريطانية على وجه الخصوص. فالحفل كان لإعلان اسم الفائز بجائزة منظمة الموضة ومجلة «فوغ» لعام 2014. وهي جائزة تأسست في عام 2008 على يد أليكسا شولمان رئيسة تحرير مجلة «فوغ»، ويحصل بموجبها الفائز على مبلغ 200.000 جنيه إسترليني، تقديرا لموهبته في ابتكار الأزياء ومخاطبة الأسواق العالمية. وتجدر الإشارة إلى أن أهمية الجائزة لا تكمن في قيمتها المادية فحسب، بل أيضا في الدعم المعنوي واللوجيستي الذي يحصل عليه الفائز من مصممين مخضرمين مثل بول سميث طوال العام، أو محلات كبيرة مثل «هارودز»، و«ديبنهامز» و«توب شوب»، مما يساعد أي ماركة وأي مصمم على النضج والمزيد من التوسع.

جائزة هذا العام كانت من نصيب الثنائي «بيتر بيلوتو» الذي انتزعها من منافسين أشداء هم: ماريا كاترانتزو، إيميليا ويكستيد، وهنري هولاند. وعلى الرغم مما لهؤلاء المتنافسين الثلاثة من شعبية، فإنه لا أحد ممن تابع مسيرة الثنائي، كريستوف دي فوس، وهو من أب بلجيكي وأم بيروفية، وبيتر بيلوتو، الذي ينحدر من أصول نمساوية إيطالية، ينكر أنهما يتمتعان بقدرات عالية وبرؤية واضحة لا تتسرع النجاح. فهو، بالنسبة لهما، أحلى وألذ عندما يطبخ على نار هادئة.

يشرح بيتر بيلوتو أن البداية كانت متواضعة في استوديو صغير وبموظفين يعدون على أصابع اليد، وبعد أربع سنوات فقط، وصل عددهم إلى الـ40. وتوسع المكان لتصل مساحته إلى 10.000 متر مربع في استوديو يقع شرق لندن. يشرح أنه كان لا بد من هذا التوسع حتى يتمكنا من تلبية طلبات المحلات التي يوجدون فيها ووصل عددها إلى 200 محل في 50 بلدا.

في العام المقبل، يمكن للماركة أن تحتفل بعشر سنوات على تأسيسها. ففي عام 2005، تخرج بيتر بيلوتو في معهد التصميم بأنتوورب، وأظهر منذ البداية حسا تجاريا وقدرة على الابتكار، حيث فازت تشكيلته بجائزة مهمة، جعلت خمسة محلات كبيرة تتهافت عليه وتطرح تشكيلته فيها. لم يرهبه نجاحه السريع بقدر ما جعله يفكر في ضرورة ترسيخ أسلوب خاص يميزه عن غيره. يشرح: «كان النجاح يعني أنه علي أن أفكر في طريقة إنتاج جديدة وأسلوب معين، لهذا قررت أن أركز على الطبعات والرسمات الفنية». بعد هذا النجاح، توجه إلى لندن، حيث التحق به صديقه كريستوف دي فوس بعد تخرجه، وقررا أن يؤسسا ماركتهما في العاصمة البريطانية؛ «لما تتيحه من إمكانات للإبداع والتطور»، حسب قولهما. منظمة الموضة البريطانية عانقتهما بالأحضان، من باب دعمها المصممين الشباب، كما تدخلت بطريقة مباشرة لفرضهم على المجلات وفتح الأبواب أمامهم. ولم يحتج الأمر إلى أي جهد لتسويق «بيتر بيلوتو»، فسرعان ما أثارت تصميماتها أنظار نجمات مثل كايت بلانشيت، وإيما واتسون، وغيرهما ممن ظهرن بها في مناسبات السجاد الأحمر. فهؤلاء كن أفضل من روج لهما، خصوصا أن إمكاناتهما لا تسمح بالدعاية في المجلات البراقة مثل «فوغ» وغيرها، إضافة إلى أن معظم محررات الموضة العالميات اقتنعن بقدراتهما، مما جعل تصاميمهما تظهر في مجلاتهن بشكل دوري.

ورغم كل النجاح الذي حققاه في فترة وجيزة، ورغم أن تصاميمهما تلقى قبولا في العالم بغض النظر عن الجنسيات والأعمار، فإن حصولهما على 200.000 جنيه إسترليني ليس بالأمر الذي يستهان به، فهو مبلغ سيفتح لهما مجالات أخرى للإبداع والتوسع، وهو ما بدأت بوادره تظهر منذ بداية العام.

فـ2014، على ما يبدو، سيكون عام السعد بالنسبة للثنائي، لأن ثمرة تعاونهما مع محلات «تارغيت» تبلورت ووصلت أخيرا، وبعد عام من التحضيرات والتجهيزات، إلى موقع «نيت أبورتيه دوت كوم» (Net - A - Porter.com). وهذا يعني أنها ستتوفر في كل أنحاء العالم وليس فقط في الولايات المتحدة الأميركية، بحكم أن «تارغيت» ليست لديها أي فروع خارج الولايات المتحدة. وكان الثنائي، بيلوتو ودي فوس، قد تلقيا عرضا في شهر مارس (آذار) من العام الماضي، لم يترددا في قبوله لما تتضمنه التجربة من وصول إلى طبقات لم تسمع باسم الماركة من قبل، ما شجعهما أيضا أنه سبق لهذه المحلات أن تعاونت مع باقة من المصممين المهمين. فهي تفخر بأنها كانت سباقة لهذه التعاونات، حتى قبل المحلات السويدية «إيتش آند إم»، منطلقة من نفس الفكرة، أي طرح تصاميم موقعة بأسماء عالمية، لكن بأسعار زهيدة مقارنة بتشكيلاتهم الخاصة، إذ يمكن الحصول على قطعة من «بيتر بيلوتو» مثلا بـ100 جنيه إسترليني مقارنة ب1000ـ جنيه إسترليني لقطعة عادية من خطهم الأساسي.

ومع ذلك، لا يرى أحد من كل المصممين المتعاونين مع هذه المحلات أن العملية ترخيص لقدراتهم وأسمائهم، بل العكس فهي بالنسبة لهم نوع جديد من التسويق والترويج. فشريحة كبيرة من العامة لا تعرفهم، كونهم بعيدي المنال، لكنهم بفضل الضجة الإعلامية التي تقوم بها محلات «تارغيت» والأسعار المقدور عليها، فإن هؤلاء الزبائن يتعرفون على هذه الأسماء بالتدريج فيرتبطون معها بعلاقة شخصية قد تتطور لشراء عطر أو إكسسوارات أو ربما قطعة أساسية يوفرون لها لعدة أشهر. من جهة أخرى، يحصل هؤلاء المصممون على مبالغ مادية تساعدهم في أعمالهم، فضلا عما تتيحهم لهم من فرصة لاستكشاف مجالات أخرى، مثل حقائب اليد والنظارات الشمسية وملابس البحر. لهذا، كانت الفرصة مهمة لا تفوت بالنسبة للثنائي المقيم ببريطانيا.

كريستوف دي فوس علق قائلا: «محلات (تارغيت) تتمتع بسمعة عالية، وتعاملها مع مصممين آخرين شجعنا على خوض التجربة، بل وشعرنا بالفخر أنهم فكروا فينا». وقد انطلق الثنائي من الصفر عوض الاعتماد على أسلوبهما المألوف، بالاعتماد على استنساخه في أقمشة أو طبعات أرخص. كان مهما بالنسبة لهما أن يقدما تصاميم جديدة عوض أن يعودا إلى أرشيفهما وتكرار ما قدماه من قبل، ومع ذلك فإن بصمتها المتمثلة في الطبعات الرقمية، لم تغب وإن جاءت مختلفة بحكم أن السعر أقل. يشرح بيتر بيلوتو: «في تشكيلتنا الخاصة تكون الطبعات دائما خاصة بكل قطعة نرسمها بطريقة محسوبة ودقيقة، أي إننا نصمم الرسمة للقطعة، لكنها هنا جرت بطريقة مركبة فوق بعض لأسباب اقتصادية».

تجدر الإشارة إلى أن لائحة المتعاونين السابقين مع محلات «تارغيت» تضم أسماء مثل «مالبوري»، و«ميسوني»، فيليب ليم، ألكسندر ماكوين، جايسون وو، مارك جايكوبس، بروانزا سكولر، وهلم جرا. ولا شك في أنها تعاونات لم يسمع عنا الكثير منا، لأنها لم تتوفر سوى في السوق الأميركية، عكس هذه التشكيلة التي تتوافر حاليا على موقع «نيت أبورتيه».