عندما يتحول التناقض إلى تناغم

الحياة اللذيذة بالأبيض والأسود

TT

رغم كل ما يقال عن تراجع أسلوب الديكور الحديث، الذي ساد في التسعينات من القرن الماضي، وكان يرفع شعار «القليل كثير» لحساب الأسلوب الحميم، بألوانه الدافئة وقطعه المريحة التي تعطي الإحساس بأنك في بيت وليس في معرض، إلا ان الأمر الذي لم يتراجع إلى حد الآن هو استمرار حضور اللونين الأسود والأبيض في كلا الأسلوبين. ونظرة سريعة إلى أي مجلة ديكور متخصصة، أو زيارة إلى أي من المحلات الكبيرة ستؤكد هذه الحقيقة. ليس هذا فحسب، بل وستؤكد بأنهما في هذا الموسم أقوى من أي وقت مضى، خصوصا فيما يتعلق بالمطابخ وقطع اثاث غرف النوم، إلى جانب الاكسسوارات التي يمكن استعمالها في أي ركن من أركان البيت. ولأن العديد منا يميل في هذا الشهر إلى تغيير ديكور بيوتهم، متشجعين بموسم التنزيلات، وإغراءات التخفيضات الهائلة التي يشهدها سوق الأثاث، بما فيه المطابخ واكسسوارات الحمامات، فإن تجربة التسوق بنية الشراء والتغيير تتحول إلى متعة بحد ذاتها. صحيــح ان الاسود أو الأبيض، عندما يستعملان، سواء لوحدهما أو عند مزجهما، يضفيان على أي مكان مظهرا دراميا، إلا انه يفضل إدخال جرعات من ألوان أخرى مثل الأحمر أو البنفسجي أو الأخضر أو ألوان أخرى لكسر حدتهما ودراميتهما، خصوصا إذا لم يكن الأسلوب الحديث هو المطلوب. تقول مصممة الديكور ليزا ريتيرودت بأن «قوة اللونين وتناقضهما يخلق نوعا من الأناقة والتميز العصري». وتضيف أن بعض اصحاب البيوت يخافون التورط، إن صح القول، أو الارتباط بلون بعينه، ولهذا يمكنهما في هذه الحالة استعمال اللونين بمزجهما مع بعض للحصول على أسلوب عصري من جهة، ولخلق أرضية يمكن البناء عليها حسبما يشاء صاحب البيت، من جهة ثانية، خصوصا أن كل الألوان تتناغم معهما، كونهما لونان حياديان. وتضيف ليزا: «لكن يجب التحلي ببعض الحيطة عندما تكون هناك نقوشات أو رسومات عليهما، ففي هذه الحالة يجب ان يكون هناك توازن في حجم الأشكال المنقوشة وعددها». ويؤكد خبراء الديكور بأن الاعتقاد الذي كان سائدا في التسعينات، ولا يزال مترسخا لدى البعض، بأن الاسود والأبيض هما لونان عصريان وبالتالي لا يناسبان سوى الأسلوب الحديث، اعتقاد خاطئ، لأنه بالإمكان استعمالهما في الديكورات الكلاسيكية بل وحتى الريفية على شرط التركيز على نقوشات معينة وأقمشة مناسبة، إذ ليس من المعقول استعمال جلد الشامواه في بيت ريفي مثلا، أو استعمال الأشكال المرقطة أو الخطوط العمودية المستوحاة من جلد الحمار الوحشي في بيت كلاسيكي. فهذه الأشكال تناسب البيوت العصرية في المقام الأول، ويقبل عليها الشباب اكثر. ويشير دالتون باترسون، من محلات «غوافا» للأثاث الى أن للنقوشات المستوحاة من الحيوانات البرية جاذبيتها، لكنه يؤكد على ضرورة استعمالها بجرعات خفيفة. فقطعة واحدة منها، حسب رأيه، سواء كانت عبارة عن سجادة صغيرة أو مفرش تغطى به الكنبة، تكفي، وإلا جاءت النتيجة عكسية ومبالغ فيها. الجميل عند استعمال هذين اللونين، أنهما رغم دراميتهما واحتياجهما إلى بعض الشجاعة والحنكة عند الاختيار، إلا انهما، حسب الخبراء، يمكن ان يشكلان أرضية سهلة للبناء عليها حسب الفصول، وذلك بإضافة اكسسوارات بألوان ودرجات مختلفة. في الربيع والصيف مثلا، يمكن إدخال ألوان متوهجة مثل الأخضر والأصفر والليلكي وما شابهها. وفي الخريف والشتاء، يمكن إدخال نفس الألوان لكن بدرجات دافئة ومطفية، وبهذا يتحولان من الحداثة إلى الكلاسيكية التي لا تتأثر بالصرعات أو بتغير اتجاهات الموضة الموسمية. أما إذا كانت دراميتهما تخيفك أو لا تروق لك، فإن الاكسسوارات تبقى الوسيلة الأضمن للحصول على مظهر أنيق وخفيف في الوقت ذاته. قد تكون هذه الاكسسوارات على شكل وسائد أو اباجورات أو مزهريات أو ثريا. هذا فيما يتعلق بغرف الجلوس، أما فيما يتعلق بالمطابخ، فإن هذين اللونين لا يحتاجان إلى تخفيف بل كلما كانا مركزين كلما كان المظهر لافتا ورائعا، إلى حد أنهما يمكن ان يصبغا على المكان شخصية جديدة وقوية. فمطبخ بخزانات باللون الاسود يكون سطحها من الحجر الأبيض أو خزانات باللون الأبيض يكون سطحها من حجر الغرانيت الأسود، يمكن ان تكتسب شخصية عصرية للغاية أو دافئة حسب التفاصيل الأخرى، مثل لون طلاء الجدران أو الأرضية. فهذه الأخيرة عندما تكون من البلاط يمكن ان تعطي الإحساس بالبرودة على عكس ما إذا كانت من الخشب.