«ديور» تحتفل بمؤسسها بحفلات راقصة

معرض في مسقط رأسه بغرانفيل يكشف الجانب الإبداعي والشخصي فيه

TT

«ديور» منهمكة هذه الأيام في تجميع فساتين فخمة لعرضها في متحفها بغرانفيل في ما بين 13 مايو (أيار) و26 سبتمبر (أيلول). فعلى الرغم من أن فيلا «لي رومب» Les Rhumbs، التي شهدت طفولة السيد كريستيان ديور وصباه وشبابه، تتحول في هذا التاريخ من كل عام إلى متحف مفتوح تحتفي به الدار بفنيته وإبداعه وأسلوبه في الحياة والأزياء على حد سواء، فإنها هذه المرة ستكشف عن وجه آخر من وجوه هذا المبدع. الصورة التي تكونت عنه لدى المتابعين لتاريخ الدار هي لرجل جاد ورزين ببذلاته الرمادية المفصلة وجسمه المدور، لكن المعرض سيسلط الضوء على وجهه الإنساني الخفي الذي يعشق الحياة والمرح، كما يحب الفن والإبداع. فهو على ما يبدو يعشق الحفلات التنكرية الراقصة الكبيرة، الأمر الذي يتجلى في مساهماته فيها على الصعيدين الشخصي والإبداعي. الزائر إلى المعرض سيلمس أيضا مدى اهتمامه بكل ما هو مترف، وسبب ميله لاستعمال كميات هائلة من الأقمشة في الفستان الواحد. فهو أول من استعملها بسخاء مفرط ومثير للإعجاب بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبالذات في عام 1947 حين قدم للعالم ما أصبح يعرف بـ«ذي نيو لوك»، وهو اللوك المتميز بالخصر النحيل والتنورة المستديرة والطويلة التي تمسح الأرض. أسلوب أثار كثيرا من الإعجاب، لكنه أيضا أثار عليه حنق المطالبين بالحفاظ على حالة التقشف وعدم رفع الحداد عن أناقة المرأة بعد الحرب العالمية الثانية.

طبعا كان للسيد ديور رأي مخالف، ترجمه في أزياء لم تعد لها خصرها النحيل فحسب، بل أيضا فن العيش وحب الحياة، من خلال مساهمته في إحياء هذه الحفلات الراقصة لما تستحضره من فخامة القصور والبلاطات، ومشاركاته فيها، كمصمم وضيف خفيف الظل.

حضر حفل الملوك والملكات Kings and Queens Ball عام 1949 مثلا متنكرا بزي «ملك الحيوانات»، وفي حفل الفنانين Bal des Artistes عام 1956 اختار لباس «الداندي» أي الرجل المتأنق بشكل لافت، وغيرها من الصور التي ستمكن الزائر من الغوص في تاريخ الدار وشخصيتها أكثر من خلال التعرف على مؤسسها. الجزء الأول من المعرض سيسلط الضوء على مصادر الوحي التي غذت مخيلته في فترة شبابه وفي مسقط رأسه، ثم انبهاره في باريس بمسرحيات الباليه «أوبيرا باليه» والباليه الروسي، فضلا عن ذكرياته مع الموسيقى «أنري سوغي» ومصمم الديكور «كريستيان بيرار» وشغفه المطلق بالابتكارات الفنية وفناني عصره، وكيف تأثر بهم في تصميماته.

أما الجزء الثاني من المعرض فيغطي الفترة الممتدة من الثمانينات إلى وقتنا الحالي، أي إبداعات دار «ديور» ما بعد السيد كريستيان، مع لمحة عن مبادراتها إعادة إحياء الحفلات الرسمية الراقصة كـ«حفل المبتدئات» Debutante Ball، أو الاحتفال بالفنانين كما هو الحال بالنسبة للعرض الذي قدمه جون غاليانو في 2007، العام الذي احتفلت فيه الدار بعيدها الستين، في قصر فرساي. كل قطعة في التشكيلة كانت عبارة عن لوحة فنية متحركة، إذ أن كل واحدة منها كانت تحمل اسم رسام مشهور من أمثال «غويا» و«فيلاسكيز» و«رامبرانت» و«فرنير» وغيرهم.

حتى يوم الافتتاح، 13 مايو، فإن الدار تحضر ما يزيد عن 50 فستان حفلات رسمية راقصة سيتمكن الزائر من رؤيتها لأول مرة، إلى جانب الإكسسوارات وعطور الدار، ولوحات وصور وأفلام أرشيفية، كلها تحكي تاريخ الحفلات الرسمية الراقصة، منذ القرن الثامن عشر حتى اليوم. ولكي يعيش الضيوف أجواء هذه الحفلات، فإن الإضاءة والجو الموسيقي إضافة إلى المواد الصوتية والصورية المستعملة ستمنحهم الشعور، ولو لحظات، أنهم فعلا في حفل صاخب وليس فقط في معرض يحن إلى الماضي.