مفهوم النحافة.. بين الشمال والجنوب

البدانة عنوان الجمال في أفريقيا

TT

صدق من قال: إن الجمال في عين الناظر، فبينما يرى الغرب أن الجمال يكمن في النحافة التي تكاد تقترب من الأنوركسيا، فإن الوضع يختلف في القارة السمراء، حيث يقاس جمال المرأة باكتنازها وامتلائها، وهو أمر يعتبره الغرب بدانة، بل ربما بدانة مرضية تحتاج إلى علاج وعمليات، لكنه «عز الطلب» بالنسبة للأفارقة، إلى حد أنه يجري «تسمين» العروس في بعض المناطق بتشجيعها على عدم الحركة وأكل كل ما ارتفعت سعراته الحرارية حتى يزيد وزنها وتكتسب بشرتها لمعانا.

جوزيف جيتنجا رجل أعمال في العاصمة الكينية نيروبي، وافق مضطرا على دعوة لحضور مسابقة لاختيار عارضات أزياء تنظمها وكالة أمريكية. لكن عدم تحمسه يعود إلى معرفته المسبقة بنوعية العارضات اللواتي سيفزن، وهن «القبيحات» حسب قوله لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).

القبيحات اللواتي يقصدهن جيتنجا بقوله: هن أفريقيات جميلات فارعات الطول ورقيقات الملامح، وهن من اللواتي نراهن في عروض الأزياء العالمية في كل من الولايات المتحدة ودول أوروبا، أو يطالعننا على صفحات المجلات البراقة. جمالهن هذا لا يروق سوى لأقلية في معظم البلدان الأفريقية، فحسبما يقول جيتنجا بحماس: «لا ينبغي أن تبدو المرأة كصبي، بل يجب أن تتمتع بتضاريس في الجسم». وأضاف «الأهم من ذلك أنه ينبغي أن يكون لديها أرداف كبيرة!».

وهذا أيضا ما تفخر به النساء في معظم البلدان الأفريقية، ويحرصن على إبرازه من خلال الفساتين والتنانير الضيقة، طويلة كانت أم قصيرة، مع الألوان الزاهية والنقوشات المتضاربة. كل هذا وهن يتفكهن على المرأة الأوروبية وعودها الضامر ومقاييسها الأنوركسية إلى حد المرض، وقد لا يفقهن إطلاقا نظرتها إلى الأرداف الكبيرة على أنها نقص أو عيب. وغني عن القول أن التمويه على هذا الجزء وإخفاءه لا يدخل قاموسهن ولا يخطر ببالهن، وهو ما عرفه المصممون العالميون، وباتوا يلبونه، ولو من دون قصد. فقد توجه معظمهم في المواسم الأخيرة إلى القارة السمراء يغرفون منها نقوشات وألوانا تستحضر حيوانات الغابة وشمس ورمال الصحراء الذهبية وغيرها. كل شيء غرفوا منه بنهم باستثناء الأحجام الكبيرة، فهم لا يزالون ينظرون إليها بنظرات شك رغم تغير طفيف في ثقافة السمنة والنحافة بعد تعالي الأصوات المنددة باستعمال عارضات أنوركسيات وموت بعضهن.