المصممة إيما هيل لـ«الشرق الأوسط»: الرجل قد يصمم حقائب رائعة الشكل والتفاصيل لكنها تكون ثقيلة الوزن حتى قبل استعمالها

دار «مالبوري» تزف للعالم «أليكسا» وأخواتها

TT

«يمكنني أن أعرف من بعيد، ما إذا كانت الحقيبة مصممة من قبل رجل أو من قبل امرأة. فهذه الأخيرة تصمم حقائب خفيفة الوزن بالمقارنة، لأنها أكثر من يستعملها، وبالتالي تعرف معنى أن تكون ثقيلة، بينما تكون الحقيبة التي يصممها رجل رائعة الشكل والتفاصيل، لكنها تكون ثقيلة حتى قبل استعمالها». هذا ما قالته إيما هيل، مصممة دار «مالبوري» البريطانية في لقاء خصت به الـ«الشرق الأوسط». لهذا إذا كنت قد لاحظت أن نوعية حقائب هذه الدار قد تغيرت وأصبحت أكثر مرونة وبوزن الريشة مقارنة بالسابق، فأنت تعرفين الآن من له الفضل في ذلك.

إيما هيل تناولت مشعل الدار من المصمم ستيورات فيفرز، بعد التحاقه بدار «لويفي» الإسبانية، ونظرا للنجاحات التي حققها هذا الأخير للدار، ويكفي أن نتذكر حقائبه «روكسان»، «مايبل»، «إيمي» و«ماغي»، فإن التحدي لم يكن سهلا بالنسبة لها. ومما زاد من عبء المسؤولية أنها تناولت زمام الدار المعروفة أكثر في مجال الإكسسوارات وحقائب اليد، في وقت بدأ فيه وهج حقيبة اليد يخف، لكنها سرعان ما أكدت أنها أهل للمهمة وتعرف تماما ما تريده بنات جنسها. كانت بداية النجاح حقيبة كبيرة الحجم تحمل في اليد، استلهمتها من حقيبة الدار الأيقونية «بايزووتر» وأخيرا وليس أخرا حقيبة «أليكسا» التي نفدت من الأسواق بسرعة البرق، ولم تستطع الدار مواكبة حجم الطلب عليها. ومما يحسب لإيما هيل، أنها لا تأخذ نفسها محمل الجد، ولا تضع نفسها في برج عاجي، بل على العكس تعرف أنها تستمد نجاحها واستمراريتها من نجاح أي منتج تطرحه، ومن إقبال الزبون عليه، سواء تعلق الأمر بالإكسسوارات أو الأزياء، التي بدأت تحفر مكانتها في أسبوعي لندن ونيويورك، من خلال عروض جانبية، وخاصة. فتصميماتها تشير إلى أنها لا تميل إلى الغرابة أو الفنية التي تخاطب شريحة محددة، بقدر ما تميل لإرضاء زبوناتها، انطلاقا من قناعتها، كامرأة ومصممة، بأن الموضة متعة يجب أن تدغدغ الحواس وتكون سهلة، بدءا من التصميمات المريحة، إلى الألوان أو النقوشات. الحديث معها يؤكد شخصية متشبعة بالثقافة البريطانية، التي تؤمن بأن الأناقة ليست قطعا موقعة بأسماء عالمية من الرأس إلى أخمص القدمين، بل هي أسلوب خاص ومميز، ولعب على القطعة الواحدة واستعمالها بعدة أساليب، وهذا ما يفسر تصميمها حقيبة واحدة بأشكال متعددة، أي حقيبة يمكن حملها على الكتف في النهار وباليد في المساء لتكون الاستفادة كاملة. الحديث معها كان ممتعا وملونا بألوان تشكيلتها للخريف والشتاء المتوهجة والحية:

* متى أدركت أنك تريدين أن تصبحي مصممة أزياء؟

- كان حلمي أن أصبح مصممة غرافيك، لكن سرعان ما انتابني الملل، وتوجهت إلى الموضة للعمل مع «كالفن كلاين»، ومحلات «غاب»، و«كلوي» و«بيربيري» قبل أن أحصل على وظيفتي الحالية مع دار «مالبوري».

* ما نقطة التحول التي جعلتك تشعرين بأن الموضة هي مستقبلك؟

- والدتي كانت ملهمة كبيرة بالنسبة لي منذ الصغر. فقد كانت فنانة، وبالتالي كان بيتنا مكتظا بالكتب واللوحات الفنية والإكسسوارات الخزفية. لكن إلى جانب حسها الفني، فقد نجحت في أن تغرس في عشق العمل وإتقانه.

* بماذا تلخصين أسلوبك الخاص؟

- أتبع دائما قلبي وإحساسي أكثر من اتباع أي قواعد، فمثلا أميل إلى مزج الراقي بالبسيط، والفينتاج بتصميمات من شوارع الموضة، لكن دائما مع قطعة من «مالبوري». كأي امرأة، أنا أعشق الموضة، وأريد أن ألبسها في كل الأوقات، لكني، قطعا، أريد أن أستمتع بها وأستعملها بسهولة، بعيدا عن التعقيدات. فمعظم النساء اللواتي أعرفهن يردن الشيء نفسه، أن يشعرن بأنهن متميزات بأسلوب يجمع الأنوثة بالبساطة، وترعبهن فكرة أن يقعن ضحيات للموضة.

* التحاقك بـ«مالبوري» مباشرة بعد المصمم ستيورات فيفير، الذي حقق للدار عدة نجاحات لم يكن سهلا بالتأكيد، فكيف كان الأمر بالنسبة لك في البداية؟

- تربطني دائما علاقة خاصة بدار «مالبوري»، حتى قبل أن ألتحق بها، لهذا قبلت الوظيفة من دون تردد، خاصة أنني كنت قد انتقلت إلى بريطانيا على التو بعد 13 عاما قضيتها في نيويورك، ولم يكن هناك الكثير من الوظائف، التي يمكن أن تغريني. فأنا لا يمكن أن أعمل في مكان لا أشعر بأنه يناسبني، أو ماركة لا أشعر بالتقارب معها. صحيح أنني تلقيت عروضا مغرية من ماركات مهمة، لكني لم أقبلها، فقط لأنني لا أشعر بأنها تتماشى مع شخصيتي. فأنا لا أحب الأشياء المزيفة.

* من يلهمك؟

- طفلي، هادسون، أيقونات بريطانية، الناس في الشوارع.. كل شيء تقريبا في تشكيلتي لخريف وشتاء 2010، استلهمت الكثير من فيلم «فالي أوف ذي دولز»، ومن الأميرة البريطانية الراحلة مارغريت والبريق والأدغال. لكن حتى قبل أن أرزق بطفلي، فقد كنت أحب ألعاب الأطفال، وهذا نابع من حبي للأشياء التي تجعلني أبتسم، وربما هذا ما يحفزني على إبداع قطع أنيقة، لكنها أيضا سهلة الاستعمال والتنسيق في الوقت ذاته.

* هل وجودك في لندن، العاصمة المعروفة بالابتكار والجنون، يلهمك؟

- لا أريد أن أتقيد بلندن فحسب، فكل جزء من بريطانيا مهم بالنسبة لـ«مالبوري». فأنا مثلا أعشق فكرة المدرسة البريطانية الكلاسيكية القديمة بكل ما تتضمنه من معاني الغرابة والجاذبية، وهذا ينعكس على منتجات الدار، وكذلك أسماء القطع التي تطرحها.

* هل هذا يعني أن «مالبوري» البريطانية يجب أن تحمل بصمات هذه الثقافة؟

- بلا شك، فأنا عندما أقارن ماركات عالمية بماركات بريطانية، أجد أن هذه الأخيرة هي الأكثر قدرة على الجمع بين المرح والابتكار والدعابة. فالماركات الإيطالية مثلا تحاول ذلك، لكن تفكهها ودعاباتها تميل إلى الجدي أكثر. السبب أن الدعابة البريطانية تتضمن دائما بعضا من الغرابة التي تنظر إلى العالم من منظور مختلف. ربما يكون الطقس المتقلب هو السبب، لكن هذه السمة كانت دائما جزءا من الشخصية البريطانية.

* «مالبوري» دار لها تاريخ، فهل تعودين أحيانا إلى أرشيفها، خصوصا فيما يتعلق بحقائب اليد الناجحة؟

- لست من الأشخاص الذين يميلون للعودة إلى قطع قديمة ونسخها، فأنا أعتقد أن القطعة الناجحة، هي تلك التي عندما تحصلين عليها تشعرين بأنك تعرفينها منذ زمن، وأنها كانت دائما جزءا من حياتك. من هذا المنطلق فهي ليست موضة الموسم بل استثمار، تماما مثلما حدث مع حقيبة «أليكسا»، فبمجرد ما وقعت عيناي على أول نسخة منها شعرت بأنها كانت دائما جزءا من «مالبوري»، وأنها جزء من تاريخ الدار.

* حقيبتك «أليكسا» تيمنا باسم العارضة أليكسا تشانغ حققت نجاحا باهظا ونفدت من الأسواق في وقت وجيز، كيف ولدت؟

- لقد رأيت صورا فوتوغرافية لأليكسا تشانغ وهي تحمل حقيبة «إلكينتونغ» وهي حقيبة كلاسيكية رجالية، لكن أليكسا بأسلوبها الأنيق وقدرتها على التعامل مع الموضة بشكل خاص ومميز، نجحت في أن تجعلها تبدو مثيرة، لا سيما أنها نسقتها مع فستان قصير واسع، وكنزة طويلة مفتوحة وحذاء عالي الرقبة. فجأة بدت هذه الحقيبة الرجالية والقديمة في منتهى الأناقة.. هذه الصورة هي التي أوحت لي بحقيبة أليكسا وأدت إلى ولادتها.

* حسب علمي، فقد طرحت الحقيبة لموسمي الربيع والصيف، ثم أعيد طرحها لموسمي الخريف والشتاء؟

- بالفعل، والفضل في ذلك يعود إلى الخامات المتنوعة، التي استعملت من جلود طبيعية وقد تعوض بقماش الدينم مثلا.

* الملاحظ أن اهتمام «مالبوري» بالأزياء أصبح يوازي تقريبا اهتمامها بالإكسسوارات الجلدية التي تخصصت فيها من قبل؟

- الاهتمام لا يزال منصبا على طرح حقائب يد مميزة، وأحذية لا تقل عنها تميزا، والاهتمام بخط الأزياء جزء لا يتجزأ من الموضة، وعلى الرغم من أنها تتمتع بشخصية مختلفة، فإنها جزء من الإكسسوارات، وأصبحت لها زبونات.

* هل هناك ذوق رفيع وذوق رديء في رأيك؟

- لا أؤمن بما يطلق عليه أخطاء الموضة، لأنني أؤمن بأن الأناقة الحقيقية تنبع من الداخل. فهي لا تعني آخر صيحات الموضة، وما يلبسه معظم الناس، بل هي التعرف على ما يناسب كل واحدة منا وإضفاء لمسة مرح عليها.

* مهما كانت القطعة مميزة، فيجب أن تباع حتى تحقق النجاح لصاحبها، في رأيك ما الفرق بين الفني والتجاري؟

- لا شك أن الكثير من المصممين الناجحين لا يريدون أن يقال عن إبداعاتهم، إنها سهلة التسويق أو تخاطب السوق، لأنهم يرون أنفسهم كفنانين، لكن الحقيقة أن التسويق والفنية لا يتعارضان، لأن الفكرة دائما هي إشعال الرغبة في الحصول على الشيء حتى يباع. هي فكرة قد تبدو بسيطة لكنها مهمة.

* «مالبوري» موجودة حاليا في معظم أنحاء العالم، بما فيها منطقة الشرق الأوسط، فكيف ترين زبون تلك المنطقة؟

- الشرق الأوسط، منطقة مثيرة ورائعة وسوق نامية مهمة، وأعرف أن زبونها يسافر كثيرا، وبالتالي يعرف الكثير عن الموضة، ويريد المتميز دائما، لهذا نقدم له خيارات كثيرة بخامات متنوعة.

* ماذا تعني الموضة بالنسبة لك؟

- هي المرح والمتعة، وهذا ما أحاول عكسه في تشكيلاتي من خلال التصميمات والألوان والنقوشات. وفي تشكيلتي لخريف وشتاء 2010 مثلا كانت الخطوط شبه مسرحية، خاصة من حيث الأكمام المنفوشة والتنورات المخروطية الشكل، فضلا عن نقوشات الحيوانات المنقطة. وربما تكون هذه الخصوصية المطبوعة بالمرح هي التي تجعل «مالبوري» قادرة على عبور أي أزمة قد تمر بها الموضة عموما، لأن الناس لن تتوقف على الشراء، على شرط أن تكون القطعة مترفة بأسلوب هادئ وليس فجا.

* إذا كان هناك شيء واحد يمكنه أن يجعلك تكرهين الموضة وتفكرين في التقاعد، فماذا يكون؟

- لا أستطيع أن أفكر في سبب واحد يجعلني أهجرها، فأنا أعشقها حتى الموت.

* من مصممك المفضل؟

- كوكو شانيل.