ناتالي ماسيني لـ«الشرق الأوسط»: مهم جدا لأي شركة أن يكون لها وجود على الإنترنت للحصول على دفعة أقوى

«نت أبورتيه دوت كوم» قصة نجاح ولدت من فكرة بسيطة لتلخص المسافات وتقرب الأذواق

TT

منذ عشر سنوات، وفي عز انفجار فقاعة الدوت كوم، التي أودت بالكثير من الشركات «الإنترنتية» ودفعت بها إلى هاوية النسيان أو الإفلاس، قررت صحافية شابة اسمها ناتالي ماسيني، أن تعوم ضد التيار وتؤسس موقعا للتسوق على الإنترنت أطلقت عليه اسم «نت أبورتيه دوت كوم» Net - a - Porter.com. حجتها في مواجهة الانتقادات والتخويفات، أن الموقع غير مسبوق وليس له مثيل، كونه مخصصا للمنتجات المترفة أولا وأخيرا. فكرة مجنونة ومغامرة لم يتوقع لها البعض النجاح، لكن ناتالي خيبت آمال هؤلاء وأكدت أن الحلم يمكن أن يتحول إلى حقيقة وأن الكثير من النجاحات يمكن أن تولد من فكرة بسيطة جدا على شرط أن تكون مبتكرة وتقدم خدمة جديدة. اليوم تعتبر ناتالي، الأربعينية، مؤسسة الموقع والرئيس التنفيذي له واحدة من أهم المؤثرات على الموضة، فموقعها يضم ما لا يقل عن 300 مصمم وماركة عالمية، وما بدأ بثلاث صديقات في استوديو صغير في منطقة «تشيلسي» اللندنية، أصبح يضم أكثر من 600 موظف في كل من لندن ونيويورك، ويستضيف أكثر من 3 ملايين زائر في الشهر.

ورغم كل هذا النجاح، تعرف ناتالي أن الاستمرارية تتطلب البحث الدائم عن الجديد لمفاجأة زبوناتها، سواء بتقديمهن لماركات جديدة أو بإعطائهن أفكارا عن كيفية تنسيق ما يشترينه من خطوط الموضة حتى يأتي المظهر متكاملا. فالموقع ليس للتسوق فحسب، بل يمكن لأي امرأة تعشق الموضة أن تزوره وترى بالصورة والشرح كيف يمكن تنسيق قطع الموضة «الساخنة» بعضها مع بعض للحصول على إطلالة متألقة. بعبارة أخرى، فإنه مجلة موضة من الطراز الأول سواء بطرق عرضه أو باختياراته وأفكاره. أما من الجانب التجاري والعملي، فإن أي امرأة يمكنها الحصول على آخر صيحات الموضة بضغطة زر، لتصل إلى بابها ملفوفة بشكل أنيق وجذاب وحتى إذا لم ترق لها بعد ذلك فإنها يمكن إعادتها بسهولة ومن دون تكلفة، الأمر الذي تعتبره ماسيني جزءا من الخدمة التي يستحقها الزبون.

في لقاء خاص مع جريدة «الشرق الأوسط» اعترفت ناتالي، بأن البداية لم تكن مفروشة بالورود بل محفوفة بالكثير من التحدي، شارحة أن وصفتها الذهبية بسيطة تستمدها من معرفتها بما تريده المرأة، الذي يتلخص في الحصول على أزياء وإكسسوارات جديدة بمجرد طرحها في الأسواق، سواء كن مقيمات في الرياض أو في بيروت أو أميركا أو جنوب أفريقيا. بيد أن ناتالي وفريقها التحريري المتكامل، لا تقصر المسافات فحسب، بتوفيرها بضاعة جاهزة في أقرب وقت ممكن، بل أيضا تعطي إشارات واضحة عما ستكون عليه الموضة المقبلة، والخطوط الأكثر «سخونة» وكيف يمكن ارتداؤها بشكل مناسب. وقريبا سيكون للرجل أيضا نصيب من هذه الكعكة اللذيذة، إذ أعلنت ناتالي أنها ستفتتح ركنا خاصا به بعد نجاح أقسامها الأخرى من ركن أزياء وإكسسوارات الزفاف وغيرها، ابتداء من بداية العام المقبل. ورغم أن قصة أي نجاح تكون طويلة تتخللها تفاصيل ومطبات كثيرة، فإننا لخصناها في هذا اللقاء الخاص لـ«الشرق الأوسط»:

* كيف كانت القفزة من الصحافة إلى العمل التجاري؟

- لم تكن قفزة كبيرة كما تتصورين، فعندما كنت محررة أزياء كنت أحلم بأن أجد طريقة سهلة تجمع بين ما كنت أراه في مجلات الموضة وما يمكنني شراؤه في الحال، وهذا ما ألهمني بتأسيس موقع «نت أبورتيه دوت كوم». فقد ولدت الفكرة من مفهوم صحافي تحريري، لهذا فالموقع مصمم على شكل مجلة تخول للمرأة شراء آخر صيحات الموضة مباشرة بعد رؤيتها أو القراءة عنها، من دون انتظار أو تعب التجول بين المحلات. وهذا ما يميزنا عن باقي المواقع، بمعنى أننا مزيج مثير ما بين مجلة موضة وبين مجمع تجاري متخصص في المنتجات المترفة.

* لكن كيف ومتى جاءتك الفكرة أساسا، وكيف تطورت ثم ولدت؟

- يمكنك القول إن الصدفة لعبت أيضا دورها، ففي أحد الأيام من عام 1998، اضطررت لدخول أحد مواقع الإنترنت، لأني لم أكن ملمة بشكل كبير بهذا المجال، لكني ما إن بدأت حتى شعرت وكأن قنبلة انفجرت في ذهني. كنت حينها أعمل مع محررة الأزياء الراحلة إيزابيلا بلو، وكنت أحضر لجلسة تصوير خاصة. استعرت جهاز زوجي المحمول، وبمجرد أن بدأت أضغط على الأزرار، ودخلت موقع «ياهو» حتى انفتح أمامي عالم جديد وواسع. اندهشت من حجم المعلومات المتوفرة في مكان واحد وبضغطة زر واحدة، وتفاجأت أكثر أنه بإمكاني تسوق أي شيء أريده والحصول عليه من الإنترنت. فقمت بالمزيد من البحث لتبين لي أن هناك ثغرة كبيرة، تتمثل في عدم توفر أي مواقع متخصصة في المنتجات المترفة بشكل كبير. حينها رأيت الفرصة وانقضضت عليها إن صح القول.

* هل كان من السهل عليك في البداية إقناع المصممين بالتعاون معك، بحكم أن الفكرة كانت جديدة والشركة لم تتأسس بعد؟

- واجهتنا تحفظات كبيرة من بعض الماركات التي تخوفت من بيع منتجاتها على الإنترنت، لكننا قمنا بالكثير من الاتصالات واللقاءات لإقناعهم. وبذلنا جهودا كبيرة لكي نوضح لهم كيف سنتعامل مع ماركتهم، والتطور الذي سنشهده. كما وعدناهم أننا سنحافظ على مبادئ عالية تحافظ على أسمائهم، وبأننا لن نتسرع في أي شيء من دون دراسته، بل لدينا نفس طويل واستعداد للتريث قبل الإقدام على أي خطوة. أعتقد أن الكثير من التحفظات والرفض كانت أسبابها الخوف من المجهول وعدم الدراية بقوة الإنترنت في حياتنا، خصوصا أن بعض الماركات والأسماء ربطتها، أي الإنترنت، بمنتجات الموضة الشعبية وبالأسعار المخفضة، لهذا كان أول ما أقنعناهم به هو العكس وبأننا نريد الاحتفال بالماركة لا ترخيصها. من هذا المنطلق حملنا جزءا كبيرا من المجازفة على عاتقنا، لتشجيعهم على دخول العملية معنا. من جهة أخرى، أسعدنا الحظ، ومنذ البداية أيضا، بالحصول على دعم أسماء كبيرة لا تزال معنا، أذكر منها جيمي شو، وآنيا هيندمارش مما شجع آخرين على الالتحاق بنا.

* بعد سنوات من النجاح وتحقيق خبطة مهمة في سوق المنتجات المترفة وباستقلالية، قررت الانضواء تحت جناح مجموعة «ريتشمون» المعروفة، مع أن الكثير قبلها حاولوا شراء أسهم في الشركة، لماذا قبلت بـ«ريتشمون»؟

- لأن المجموعة عانقت رؤيتنا واستراتيجيتنا بكل تفاصيلها وجوانبها منذ أن التحقوا بنا كمساهمين، ولدي قناعة تامة أننا معا سنكمل المشوار ونقوي الشركة لتصبح علامة مهمة في مجال المنتجات المترفة.

* على المستوى الشخصي ما هو أسلوبك الخاص؟

- كلاسيكي مع لمسة شخصية. أستمتع مثلا بارتداء قطع مخصصة للمساء والسهرة في النهار، كما أحب التناقض الذي أحصل عليه بمزج قطعة ناعمة تلمع مع قطع تتميز بالقوة وبلمسات حداثية.

* هل لديك مصمم مفضل؟

- أنا معجبة بكل المصممين الموجودين في الموقع وأومن بمواهبهم، لكني أميل، بصفة خاصة، إلى «كلوي»، و«ميوميو»، ستيلا ماكارتني، و«بيربيري برورسم» و«آر إم» لرولان موريه، لهذا تجديني في كل موسم، أحرص على أن أشتري قطعا من مجموعاتهم لكي أجدد بها خزانتي ومظهري.

* ما هي القطع التي تحرصين على وجودها في خزانتك، ولا تستطيعين الاستغناء عنها؟

- بعض المجوهرات «الفينتاج» التي حصلت عليها من والدتي.

* كيف تتسوقين على المستوى الشخصي؟ وما هي نصائحك للمرأة في هذا الخصوص بحكم خبرتك؟

- ليست مفاجأة أنني أتسوق على الإنترنت وأعتمد عليها كليا في كل شيء يتعلق بي. من المواقع التي أتسوق منها وأراها مهمة في حياتي «www.okadirect.com» فيما يتعلق بالديكورات الداخلية لبيتي الريفي و«www.tablethotels.com» عندما أريد حجز أي فندق أو لأي أفكار تتعلق بالسفر. ولن أحتاج إلى أن أقول لك إنني أتسوق كل أزيائي وإكسسواراتي من موقعي «www.net - a - porter.com» و«www.theOutnet.com».

* ما هي أهمية الإكسسوارات بالنسبة لك كامرأة وكسيدة أعمال؟

- طبعا مهمة جدا وضرورية، تصوري قطعة مجوهرات رائعة بتصميم لافت، فهي بلا شك ستغير أي زي عادي وتنقله إلى مستوى رفيع من الأناقة، كما أنها قد تغير زيا للنهار إلى زي مناسب للمساء. إنها أساسية خصوصا بالنسبة لامرأة تضطر للسفر كثيرا مثلي.

* هل هناك أي نصيحة لأي واحدة تريد أن تحقق النجاح في المجال التجاري؟

- أن تكون مبدعة ومبتكرة، وأن تبقى صادقة مع نفسها ورؤيتها. من المهم جدا لأي شركة أو عمل حاليا أن يكون له وجود وحضور على الإنترنت بشكل أو بآخر للحصول على دفعة أقوى. لكن من الضروري أيضا عدم تجاهل أهمية الزبون ومن ثم مراعاته، فأنت إذا لم تقدمي له خدمة متميزة تشده وتسهل عليه الحياة، فسيتركك بضغطة زر واحدة.

* هل من نصيحة عن كيف يمكن لأي واحدة منا الحصول على أسلوب أنيق؟

- أنا من المؤمنات بأنك إذا نجحت في التوصل إلى الأساسيات فإن الباقي سيأتي تباعا وبسهولة، مثلا أنا أجدد مظهري ببعض القطع الموسمية للحصول على أناقة متجددة وعلى الموضة، لكن الأساسيات لا تتغير.

* بما تشعرين عندما تسمعين أنك من أكثر النساء المؤثرات على الموضة حاليا؟

- إنه شعور لا يمكن وصفه، أن تكون لك رؤية معينة وتشهدين ولادتها لتصبح حقيقة تعيشينها، ليس هذا فقط، أن يشاطرك أناس مبدعون ومميزون فيها، فهذا أكثر من رائع. أقصد بهؤلاء كل من يعمل في الشركة وكل المصممين الذين يتعاملون معنا وأيضا الزبائن الذين نتعامل معهم.