الأحجار الكريمة تنافس الذهب الأصفر على خطف القلوب

لمعان الماس والياقوت واللآلئ في أول أسبوع الموضة والمجوهرات الهندي

TT

كانت الهند - ولا تزال - أرض الحلي والمجوهرات الساحرة، التي طالما كانت تصاميمها مطلبا لأمراء وأميرات الهند وسيدات البلاط الملكي ومرافقيهم الذين يتبارون في اقتنائها والظهور بها في مجتمعهم الراقي. ونظرا إلى ولع الأمراء الهنود وحواشيهم بالحلي والمجوهرات والأحجار الثمينة، سارع خيرة بائعي المجوهرات في أوروبا إلى الهند لبيع منتجاتهم فيها.

مؤخرا، استضافت الهند عرضا ضخما للمجوهرات الهندية تحت مظلة أسبوع الموضة والمجوهرات الدولي، أثار اهتمام الكثيرين إذ أضيفت اللمسات العصرية إلى التصاميم التقليدية، حيث استخدمت قطع ذهبية كبيرة في تزيين القطع الأخاذة، إلى جانب عقود من اللؤلؤ وقلادات الماس وقطع الزمرد الموضوعة على سلاسل الماس. وكان من الطبيعي أن تتدفق حشود من الزوار على مقاعد أشبه بالمدرجات على جانبي منصة العرض، يحركون أعناقهم يمنة ويسرة ليتمتعوا بمنظر المجوهرات المعروضة، تماما كما لو كانوا في عرض أزياء عالمي. وجلس أبرز الحضور، مثل المصمم الإنجليزي ستيفن ويبستر والشخصيات الرفيعة في المجتمع الهندي، على المقاعد الأمامية والوسطى ليحصلوا على أفضل رؤية. وأعطت مشاركة مشاهير بوليوود والموسيقيين الهنود والشخصيات الهندية البارزة مادة وفيرة للمصورين والصحافيين. شارك في المعرض الذي يقام للمرة الأولى في الهند ثلاثون مصمما جاءوا من أرجاء الهند كافة ليكون لهم دور في خلق ما يمكن أن يعرف في المستقبل بـ«صنع في الهند».

لهذا شهدت الفعالية منافسة كبيرة بينهم لتقديم أفكار مبتكرة خلال أيام الأسبوع المنظم من قبل مجلس ترويج صادرات الأحجار الكريمة والمجوهرات، تم فيها مزج رائع بين التقاليد والاتجاهات المعاصرة، من خلال المزج غير العادي بين الماس والأحجار الكريمة الملونة والحفريات المزينة بالذهب الأصفر والذهب الأبيض.

من المصممين المشاركين نذكر فرح خان علي، وفارون جاني، وبينا جونكا، وريا ناستا، ولاكاش باهوجا، وميراري وشركاه وبيوت المجوهرات الشهيرة «بريدتشند غانشايمادس» و«أمربالي» و«تنشق» و«انتغرم أكسبورتس» وأكثر من 30 مصمما هنديا، من ضمنهم أمربالي وزويا، التي كانت عامل الجذب الرئيسي للمهرجان. وقد كان للسينما الهندية (بوليوود) حضورها في هذا الحدث حيث حضره فنانون وفنانات مثل ديبيكا بادوكون، وكونكنا سين شارما، وسوناكشي سينه، وموغدا غوديس، وعائشة تاكيا، وشارميلا طاغور، وإيشا كوبيكار.

وأظهرت التشكيلات الخاصة «سي في إم إكسبورتس» التي ضمت ثلاث مجموعات من قطع المجوهرات، الجمال التقليدي للمجوهرات الهندية، في حين أظهرت تشكيلة «هاي ستريت» سحر بوليوود وقدمت مجموعة دار «فاين جيولري رنغ» دراما مثيرة للإعجاب على منصة العرض. صاحبت العرض ملابس عصرية للمصمم الياباني «تاماي هيروكاوا» كان من بينها أزياء ضيقة وأخرى متعددة الطبقات، مزينة بأقراط ماسية بيضاوية أو على شكل قلب، وقلادات بها سلاسل من الزهور وأقراط على شكل مشكاة وقلادات مزينة بحبات من اللؤلؤ والماس.

كانت المجموعات الثلاث الخاصة بدار «غيتانجالي» للمجوهرات الفاخرة - «غينتي» للمصممة كويني و«إسينتيا» للمصممة ميراري ومجموعة «نكشترا» - مثالية في روعتها. أظهرت مجموعة «غينتي» قوة المرأة عبر العصور من عهد كليوباترا إلى عصرنا. كما برزت إبداعات كويني في أساور الأذرع والقلادات الغنية ذات المعلقات الفخمة وصفوف اللؤلؤ الموجودة في المعلقات المصنوعة من الماس والياقوت والزمرد التي كانت تتلألأ خلال سير العارضات على منصة العرض. وقد بدت بعض التصاميم القبلية للقطع التي توضع في اليد غريبة وذكرت الحاضرين بعصر كليوباترا، بينما جاءت بعض قطع الفيروز متماشية مع العصر.

وكانت تشكيلة «إسينتيا» التي صممتها ميراري تركز على الحب الأبدي وعرضت هذه التشكيلة تحت عنوان «وعود الزواج»، وضمت قلادات ثقيلة احتوت على مزيج من الذهب والياقوت والكثير من اللؤلؤ والماس. ومزجت التصميمات بين الكثير من التقاليد القديمة المليئة بالزخارف واللمسات العصرية.

افتتح عرض لكاش باهوجا الذي حمل عنوان «عبق زهور الزينة» بمجموعة من الأقراط الأنيقة المصنوعة من الذهب والماس في أشكال مختلفة مثل الزهور والمراوح وأغصان النباتات والعناكب. وقد اكتسب لكاش زخما كبيرا في المعرض بمجموعات قليلة من الذهب المصبوب المتلألئ في قلادات بها قطع ذهبية معلقة لافتة للنظر.

وكان الجمع بين تشكيلة «الساحرة» للمرأة العصرية، والفساتين البيضاء المصنوعة من الحرير الأبيض للمصمم وندل رودريك باهرا بكل المقاييس.

وعندما جاء الدور على منتجات «غانجام نغابا» فإن عرض «الحديقة المسحورة» شمل قطعا كلاسيكية من أكثر مجموعات الدار رواجا، حيث امتزجت المجوهرات بصورة رائعة مع الأزياء التي صممها خصيصا المصمم أوجاوا.

وكانت مجموعة فرح خان علي احتفالا بأعلى مستوى للحرفية في صناعة المجوهرات الهندية، مستخدمة الماس والياقوت والزمرد، مع مزيج بديع من ألوان الأحمر والأزرق والأخضر والوردي والأصفر.

الأساليب التقليدية للبولكي تحولت إلى تنويعات رائعة من المجوهرات التي ترضي أذواق الأسر الثرية، تراقصت فيها اللآلئ مع الزمرد والماس في عقود وأساور عريضة. ويؤكد المصمم الهندي، المقيم في مومباي لاكاش باهوجا، الذي قدم تصميمات مبتكرة، منها قطعة «هاوا ماهال باجوبانذ»، وهو سوار للذراع من الذهب المطعم بالماس.

وكانت العروس على بال الكثير من هؤلاء المصممين الذين قدموا لها كل ما تحلم به في ليلة العمر من مجوهرات وأزياء. فارونا، مثلا قدمت مجموعة «إسنتيلي» العصرية، ومجموعة «إليغانزا» للزي الرسمي، ومجموعة «بوتنزا» لأزياء الشركات، ومجموعة «سنسازيوني» للعرائس. تكشف تصميمات «فارونا» المسجلة باسمها، بينها مجموعة «فاو»، التصميمات الأخرى عن الأوجه المختلفة لإبداعها من الأزياء المفصلة على المقاس أو الكلاسيكية، فضلا عن الأطقم الكاملة التي تشبع حاجة السيدات تنوعا كبيرا. كما عرضت دار «لاكسمي جولرز»، مجموعة خاصة بالأعراس غلب عليها الماس خصوصا.

وجذبت دار «أمرابالي» الانتباه بمجموعة تقليدية أكدت الإرث الثري للهند وأعادت الحاضرين إلى حقبة أجانتا وإليورا. وقد شاركت نجمة بوليوود كونكانا سين شارما، في عرض بعض قطع مجموعات أمرابالي للأعراس، مثل قلادة ميناكاري كوندان المرصعة بالزمرد وإسورة الذراع وحزام للخصر وأقراط طويلة. المدهش أن راجيف أرورا المصمم ومؤسس دار أمرابالي لم يتلق تعليما رسميا في مجال المجوهرات لكنه يملك موهبة كبيرة في مجال التصميم.

من جهتها، كشفت دار «تانكيش» المملوكة لشركة «تاتا»، عن مجموعتها الجديدة «زويا»، بينما كان العرض النهائي الذي قدمته دار «بينا جيونكا»، تحت عنوان «إهداء إلى غايا» أول إلهة يونانية، نوعا من الخيال البصري والفانتازيا. فالأزياء السوداء التي ارتدتها العارضات جعلتهن أشبه بعمال المناجم، لكنها أسهمت في زيادة تألق المجوهرات سواء عقود الماس والزمرد أو الحلي الضخمة والقلائد الماسية والذهبية.

كانت القطعة الرئيسة التي جذبت انتباه الحاضرين في هذا العرض عبارة عن قلادة من الماس تخطت العنق لتصل إلى الخصر وانتشرت على الأكتاف بكل فخامتها.

أما دار «أورا» لصناعة الماس التي تأسست في عام 2003 لمواجهة الطلب المتزايد على مجوهرات الماس الهندية في جميع أنحاء العالم، فقدمت عرضا لا يقل إبهارا وبريقا. فالدار تحظى بشعبية كبيرة في أوساط النجوم العالميين من أمثال جوليان مور ونيكول كيدمان وجوان ريفرز، مما يشير إلى أن سمعتها وصلت إلى العالم. يقول روبام سنغال، نائب رئيس قسم التسويق في «أورا»: «كمصمم، يجب أن أكون مواكبا لأحدث التغيرات في محيط الحياة وخيارات العملاء». لكن الحداثة وحدها لا تكفي، فالابتكار والتميز مطلوبان أيضا. ولذا؛ فإن المعاصرة تعني ترجمتها إلى ضرب مختلف. هناك المزيد من التجريب في شكل التصميم والمعادن والأحجار الكريمة لتلبية رغبات العملاء. وهذا ما يؤكده راهول فيرا، المدير التنفيذي لدار «جيلي إنديا»، أيضا بقوله: «تغيرت البيئة الهندية بدرجة كبيرة. فالأشخاص يطلبون أشياء بالصورة التي يرونها. فقد أصبحت التصميمات المعاصرة المفتاح للنجاح».

كان ذلك أحد الأسباب في كون صناع المجوهرات التقليدية يشعرون بالحاجة لمواكبة التطور. فدار «بوبلي إتيرنال»، التي تأسست عام 1927، تسعى إلى المزيد من التصميمات العبقرية المتنوعة. ويقول سوراج بوبلي، المدير الإداري لـ«بوبلي إتيرنال»: «مع تغير الزمن يجب على المرء أن يساير التطور. في البداية كان الطلب يزداد على المجوهرات التقليدية، لكن الأمر تغير في الوقت الحالي، وأصبح الناس يميلون إلى المجوهرات المبتكرة، لذا نقوم بعرض المجوهرات مع تشكيلات من العقيق والزمرد مع الماس، والماسات الكبيرة أيضا. وقريبا سنمزج السفير بالماس».

ويشير كيران ناير، رئيس قسم التسويق في شركة «دي داماس جوليري»، الشركة المشتركة بين «جيتانجالي جيمز» ومجموعة «داماس» ومقرها دبي: «يستغرق التصميم القطعة ما بين 3 إلى 15 يوما اعتمادا على مستوى الدقة. وقد اعتادت الهند على سوق حلي الذهب فقط في السابق، لكن اليوم شهد استخدام الأحجار الكريمة والماس والأحجار الملونة. وبات من الشائع اليوم وجود مصممين لهذا النوع من الحلي في الشركات الكبرى أو حتى بصورة مستقلة».

نجاح المعرض تمثل في حضور ما يقرب من 1500 شخص من 23 دولة إلى جانب ما يزيد على 150 صحافيا بعضهم من روسيا واليابان، ومشترون من بولندا والولايات المتحدة.