صيحة جديدة للـ«تي شيرت» في مصر

شباب يجددون هويته «بالعربي»

TT

أثار «تي شيرت» جديد يرتديه الشاب «أحمد» انتباه زملائه بالجامعة، لتضمنه عبارة مكتوبة باللغة العربية، تتردد على ألسنة المصريين كثيرا هي «إتفضل شاي» وبجوارها رسم لمنزل ريفي.

وأمام أسئلة الزملاء وفضولهم لمعرفة مصدر هذا الـ«تي شيرت» أجاب أنه أحد منتجات فريق «القميص.. خليها بالعربي».

وما هي إلا أيام، وانتشرت هذه النوعية من الـ«تي شيرتات» القطنية بين الكثير من طلاب الجامعة، تتضمن عبارات طريفة يمكنك أن تقرأها بسهولة مثل «عود درة وحداني في بلد كمون»، «الشاي ع النار»، «يا 300 مرحبة»، «كلمني عربي»، «افتح الباب واقفله تاني». ولم تتوقف هذه الموضة الجديدة على تلك العبارات، بل إن منها ما يتضمن رسومات ورموزا مستلهمة من البيئة المصرية والعربية كرسم لشخصية الفلاح والصعيدي، وصينية الشاي، وبرج الحمام، وعربة الفول، جميعها تقدم بشكل فني جميل وبسيط.

وسرعان ما لاقت هذه النوعية من الـ«تي شيرتات» ترحيبا في أوساط الشباب والفتيات في مصر، بفضل تصميماتها المبتكرة وغير التقليدية، التي قام بها فريق «القميص.. خليها بالعربي». وهو فريق أغلب أعضائه من خريجي كلية الفنون الجميلة بالقاهرة، أرادوا تغيير الشكل الغربي السائد في تصميمات الـ«تي شيرتات» إلى شكل نابع من المجتمع المصري، ووضع رؤية فنية جديدة لهذه القطعة من الملابس التي يفضل الشباب موضة ارتدائها لما تدل عليه من شخصية وهوية مصرية عربية أصيلة، لا سيما أنها مستوحاة من الخط العربي ونابعة من ثقافتنا العربية.

بدأت الفكرة منذ سنة 2005 باتفاق شباب من خريجي وطلاب كليات الفنون الجميلة والتربية الفنية ضمتهم جماعة «اللقطة الواحدة»، التي تقوم بالرسم في يوم الجمعة من كل أسبوع في مناطق مختلفة من القاهرة. لفت نظرهم بعض الإيحاءات الجنسية المسيئة التي تكون على بعض الـ«تي شيرتات» ويرتديها الشباب والفتيات دون أن يعلموا معناها لأنها تكون بلغة أجنبية، وهنا كان التفكير: لماذا لا يكون لهم طابعهم الخاص والمميز من خلال ملابس يقومون بإنتاجها؟

مشرف الفريق الدكتور عبد العزيز الجندي، أستاذ الفنون الجميلة بجامعة حلوان، يوضح أن أهم أهداف فريق «القميص.. خليها بالعربي» التي يعملون من خلالها هي «إعادة الهوية العربية لشبابنا بشكل معاصر يفخرون بها من خلال ملابسهم، وفي الوقت ذاته، وضع رؤية معاصرة للفن العربي والإسلامي من خلال تصميمات متماشية مع العصر تربط الشباب بفن يعبر عن مجتمعه بدلا من ارتباطه برموز فنية أجنبية قد تكون خادشة للحياء».

عندما بدأت الفكرة عمليا قام أعضاء الفريق بإنتاج مجموعة كبيرة من «التي شيرتات» القطنية بيضاء اللون بتصميمات وطباعة بسيطة وجديدة بأسلوب طباعة الـ«سيلك سكرين»، ولتسويق منتجاتهم لجأوا للمعارض المختلفة التي تقام داخل كلية الفنون الجميلة أو تلك التي تستضيفها «ساقية الصاوي» الثقافية بالقاهرة، مما جعل الكثير من المصريين والأجانب يلتفتون إليها. فهي من ناحية عصرية تقدم بشكل يناسب روح الشباب، ومن ناحية أخرى تحتوي على عنصر الجذب بما تضمه من تصميمات فنية مبتكرة تجعلها لافتة». يكمل د.عبد العزيز: «لكي نستطيع الوصول لعدد أكبر من الشباب نظمنا معارض في عدد من الجامعات مثل الجامعة الأميركية والفرنسية، ووجدنا لديهم تجاوبا إيجابيا لمنتجاتنا، وهو ما جعل أعضاء الفريق يكتسبون خبرة في تسويق منتجاتهم التي تُنتج حسب الطلب، من حيث اختيار الكلمات أو الرسم المطلوب. وبمرور الأيام لم يقتصر إنتاجنا على القمصان بل تم إنتاج حقائب يد، وملابس خاصة بالأطفال».

وفي رأي مشرف الفريق أنه حاليا وبعد 5 سنوات من ولادة الفكرة «أصبح القميص الذي ننتجه مطلوبا، خاصة من جانب من الواعين والمثقفين ممن لديهم علم بالهوية ومخاطر العولمة، بمعنى أن إنتاجنا يتقبله المواطن المثقف الذي لديه حد أدنى من الثقافة ويشعر بالهوية والانتماء والوعي». ولا يخفي د.عبد العزيز أنه على الجانب الآخر تجد منتجات الفريق أحيانا انطباعات سلبية ولا مبالاة من جانب البعض ممن لا يزالون يفضلون تقليد الغرب.

ويبين مشرف الفريق أن أي فرد يمكنه أن يعرض تصميماته بما لا يخرج عن أهداف الفريق، قائلا: «نعمل دائما على تطوير أفكارنا وتصميماتنا، ولا نتقيد بشيء، فلدينا تراثنا وحضارتنا التي نستطيع أن نستلهم منها الكثير حتى نتميز بها وننافس غيرنا، إلى جانب جودة المنتج والسعر الذي لا يقارن بالمنتج المستورد».

ويوضح أن آخر ابتكاراتهم عبارة عن «أكياس الوسائد» التي تحتوي على نفس الرسومات، وأن هناك طلبات ترد للفريق بإنتاج قمصان ترتبط بمناسبات معينة كشهر رمضان على سبيل المثال، إلى جانب أفكار أخرى تتعلق بإنتاج «الكوفيات» و«الكابات» وهو ما سوف يحاولون إنتاجه مستقبلا.

وبهدف الوصول والتواصل مع جمهور أكبر قام أعضاء الفريق بإنشاء مجموعة على موقع «فيس بوك» الاجتماعي على شبكة الإنترنت، يقومون فيها بعرض التصميمات وعمل استطلاعات رأي لمعرفة العبارات والتصميمات التي يريد الشباب طباعتها، وهو ما وجد صدى كبير من جانب زوار الموقع أتى بثماره على نسبة الإقبال على معارض الفريق. فمعظم زوارها يعرفون بها من خلال الـ«فيس بوك».

وبحسب د.عبد العزيز فإن مشروع «القميص.. خليها بالعربي» ليس تجاريا، والربح المادي ليس هدفا في المقام الأول، كما أن أعضاء الفريق غير متفرغين له، وهو ما يعوق تنفيذ الأفكار الكثيرة التي ترد إليهم. لكنه لا يخفي أمنيته بتنظيم معارض خارج مصر، حتى لو كانت برعاية مؤسسات حكومية وأهلية.