الفنانة دينا فاضل: أستوحيها من عبق التراث والفلكلور الشعبي للتعبير عن كرم الضيافة

لوحات فنية على مائدتك

أكواب وفناجين وأطباق تتنفس عبق التراث العربي
TT

بما أن المنزل هو مملكة المرأة، فإنها تحتاج إلى أن تجعل هذه المملكة مميزة ومتجددة باستمرار ولو بإضافة بعض قطع الإكسسوارات. ورغم أن البعض ينظر إلى هذه الإكسسوارات على أنها قطع كمالية غير ملحوظة فإنها ما تشكل الانطباع الأول عن منزلك وشخصيتك. من هذا المنطلق، قررت الفنانة التشكيلية دينا فاضل أن تحول الأشكال التقليدية للأواني والأكواب وقواعد الطعام إلى لوحات فنية رائعة تزين الطاولات والمناضد عوض الحوائط والجدران، مطلقة مشروعها «جود» الذي يقدم الإكسسوارات المنزلية من وحي البيئة المصرية والفلكلور الشعبي والتراث العربي.

عملت دينا في مجال الدعاية والإعلان والتسويق لسنوات ولكنها اقتنعت أن لا تهدر طاقتها الفنية في عمل روتيني لعدة ساعات يوميا، فقررت أن تتعمق أكثر في الفن التشكيلي وإقامة أكثر من معرض يضم أعمالها المختلفة وكذلك مشروعها «جود».

تقول دينا عن بداية مشروعها: «بعدما لاحظت أن معظم النساء يتعاملن مع إكسسوارات المائدة بإهمال من حيث اختيار أشكالها وطريقة تنسيقها، بالإضافة للنمطية التي تصنع بها هذه الإكسسوارات، فكرت كيف أمزج خبرتي بالفن التشكيلي في تصميم أدوات مبتكرة لديكور المائدة بعيدا عن الشكل التقليدي تحمل اسم (جود). اخترت هذا الاسم لأنه يعبر عن هويتي العربية ويعني في اللغة العربية (الكرم)، ووجدته أيضا اسما مناسبا لعملي في أدوات الضيافة أو المائدة. فبالرغم من نشأتي ودراستي بإنجلترا وتأثري بالثقافة الغربية فإنني أعتز وأفتخر بهويتي المصرية العربية، لذلك أردت أن تحمل تصميماتي (روح هذه البيئة) بشكل عصري وجذاب لا يقل في جودته وأناقته عن الديكورات الغربية التي يتباهى الجميع بامتلاكها».

وعن ابتكاراتها في تصميم إكسسوارات المائدة تقول: «راعيت في تصميماتي أن أضع قواعد فناجين الشاي مثلا في إطار من الخشب بشكل رأسي وليس بشكل أفقي فوق بعضها البعض كما اعتدنا أن نراها، وذلك رغبة مني في أن تشكل هذه القطع لوحة فنية متكاملة حتى وإن لم تستغل جميعها لوضع الأكواب، وقد لاقت استحسانا كبيرا من الكثيرات حتى أن البعض الآن يعتبرها من الهدايا الرئيسية للعروس وليست جزءا كماليا يمكن الاستغناء عنه. هدفي منذ البداية كان أن يشعر الشخص الذي يمتلك منتجا من (جود) أنه يمتلك قطعة فنية يستمتع برؤيتها واستخدامها على مدار اليوم».

تضيف دينا: «جميعنا نريد أن نرى بيوتنا في أزهى وأرقى شكل، ومنذ قديم الأزل وأجدادنا يحرصون على اقتناء كل ما هو غريب ومميز من إكسسوارات وديكورات، والآن بعد الانفتاح الكبير الذي يشهده العالم على المستوى الفني ازداد وعي الكثيرين بأهمية الديكورات والتغيير حتى في طريقة وضع المفارش على المائدة بشكل عشوائي وليس مستويا كما مضى».

وتشير دينا إلى أن دراستها للتسويق ساهمت بشكل كبير في نجاح تسويق منتجات مشروعها: «فقد تعلمت كيف يفكر المشتري وكيف أصل له، وما هي احتياجاته. في غالب الأحيان، كل ما هو غريب يجذب المشتري، على سبيل المثال رسومات راقص التنورة التي نفذتها على الأكواب وقواعد الشاي في رمضان الماضي، و(الكف) و(الخمسة وخميسة) والـ(ما شاء الله)، المقهى البلدي والرسومات الإسلامية والخط العربي، العبارات والأقوال المأثورة مثل (أهلا وسهلا)، (نورتونا)، جميعها (تيمات) تجذب المستهلكين وتلمس هويتهم وميولهم الداخلية، وقد استوحيتها من ذهابي إلى الأماكن الأثرية والشعبية مثل وكالة البلح والغورية وعروض الفرق الصوفية، بالإضافة لحرصي على التواصل دائما مع عملائي عن طريق موقع الفيس بوك والمعارض».

أيضا تحرص على الاهتمام بكل تفاصيل التسويق، بدءا من صور المنتجات التي تلتقطها بنفسها، وحتى طريقة العرض، حيث تقوم بتنسيق معروضاتها بنفسها، في المعارض والمتاجر المختلفة، كما تقوم بعرض منتجاتها في الأسواق الشبابية والبازارات، بالإضافة للمعارض التي تقام بشكل دوري في الأماكن المفتوحة.

وترى دينا أن هذه الطريقة في التسويق تطورت وتتيح الفرصة لمخاطبة جمهور أكبر، كذلك طرح المنتج في أكثر من مكان، خصوصا أنها أصبحت ملتقى للكثير من الشباب المبدع و«أصبحنا نرى فيها سلعا مميزة يمكن ألا نجدها في المحلات بسهولة. وهذا ما خلق شكلا جديدا للتسوق في مصر. بالطبع أتمنى أن يكون لي متجر خاص بي، وإن كانت هذه خطوة مؤجلة قليلا حتى يصبح لدي منتجات أكبر، يمكن وضعها في كل أركان المنزل، بالإضافة إلى أنني أحتاج إلى المزيد من الوقت لدراسة السوق ومعرفة ذوق عملائي ومن ثم ابتكار تصميمات جديدة».

وعن المواقف الصعبة والطريفة التي واجهت دينا في بداية إطلاقها لمشروع «جود»، تقول: «عندما بدأت عملي كنت أصنع قواعد الشاي ولم يأخذ مني تصنيعها مجهودا ولكنى بذلت مجهودا مضاعفا لإقناع الزبائن بفكرة الشكل العرضي لها وكنت أقف في المعارض لساعات طويلة أشرح فكرتها للعملاء، الذين كانوا يظنون في البداية أنها لوحات أو أطر تعلق على الحائط فكانوا يرفعونها فتسقط القواعد. حتى المتاجر التي أتعامل معها كانوا يرفضون شراءها مني لأن الزبائن لن يقبلوا عليها. ورغم كل هذه الإحباطات صمدت حتى نجحت بفضل الله.