نعم للكعوب المرتفعة مهما كان الثمن

أرقام المبيعات تقول إن النساء اخترن الأناقة على السلامة

TT

لا ينكر القارئ لأي من روايات الكاتب أوسكار وايلد أن له مقولات مأثورة تثير الإعجاب وتحفز العقل عندما يتعلق الأمر بالأناقة والجمال على وجه الخصوص، لكن معظم محبي الموضة لن يتفقوا مع مقولته إن الموضة تتغير كل موسم لأنها قبيحة وتحتاج لأن تتجمل. والسبب بسيط وهو أنه لولا التغيير لما كانت هناك موضة أساسا. فهذه التغييرات الموسمية ضرورية وتدخل في صلب شخصيتها. وهذا الشتاء جاءت رياح التغيير محملة بكم من البنطلونات والمعاطف والجاكيتات المفصلة وقطع الصوف المترفة والتنورات ذات الأطوال المختلفة. بعبارة أخرى تصميمات مفصلة ومحددة، ترفع شعار «القليل كثير»، الموضة التي ظهرت في التسعينات وتعود من جديد بأسلوب جديد أكثر قوة وجمالا ليناسب امرأة واثقة ومستقلة وتفرض نفسها في كل المجالات من دون أن تحتاج لأي جهد يذكر لإقناع أقرانها بكفاءتها. ومع ذلك، فإن هنا مشكلة صغيرة لكن متعبة جدا في هذه الموضة، وتتمثل في أنها على الرغم من مخاطبتها ذكاء المرأة وجانبها الراقي، لم تنس أنها تحتاج إلى جرعة أنوثة تدخل على هذا المظهر بعض الشقاوة ويخرجه من الرسمية التي يمكن أن تميل إلى الاسترجالي في بعض الأحيان. بعد أن خمن خبراء الموضة في حل لهذا المشكلة، توصلوا إلى أن الإكسسوارات يمكن أن تكون الحل، وعلى رأسها الأحذية ذات الكعوب العالية، وهذا ما حصل بالفعل، فقد تم طرح تصميمات متنوعة تتباين بين الكعوب العريضة، والـ«ويدج» والمدببة التي لا تتعدى الـ4 إنشات. إلى هنا، تبدو المشكلة محلولة والحديث فيها مجرد زوبعة في فنجان، لكنها في الحقيقة ليست بهذه السهولة وأبعد ما تكون عن المحلولة، لأنه على الرغم من تنوعها وتوافرها، تبقى معدودة مقارنة بالأحذية ذات الكعوب المنحوتة بأشكال فنية أو تلك التي تصيب الناظر بفوبيا الارتفاع. وفي كلتا الحالتين تتناقض مع وظيفتها الأساسية وهي المشي فيها بثقة، فضلا عن أنها قد تثير بعض الشكوك والتساؤل حول شخصية صاحبتها أو نيتها: هل هي مجرد واثقة بنفسها وبقدرتها على المشي في هذه الكعوب، أم هي استعراضية أم ماسوشية، خصوصا أن من يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن هذه الأحذية الصاروخية، هن نجمات من مثيلات المغنية لايدي غاغا، والمغنية التي تحولت إلى مصممة أزياء فكتوريا بيكام. الأولى مثلا سقطت من علوها في مطار بريطانيا مؤخرا وكادت تكسر رجليها، ومع ذلك لم ترفع راية الاستسلام وتعلن التوبة، والسبب معروف، إذ أصبحت هذه الأحذية الغريبة جزءا من صورتها. والثانية، تعلن في كل مناسبة أنها لا تستغني عنها، وتعتبر أن حذاء بكعب بـ5 إنشات هو حذاء منخفض، مثل «باليرينا» بالنسبة لامرأة لا تتحمل العلو. وفي مقابلة تلفزيونية أجرتها معها إحدى المحطات البريطانية في عام 2008 اعترفت بأنها لا تستطيع التركيز إذا لم تلبس كعبا عاليا، وأنها لا تميل إلى التمارين الرياضية للسبب نفسه، علما أنها تعاني انحراف أصبع قدمها الأكبر بسبب هذه الأحذية مما دفع الأطباء لنصيحتها بالخضوع لعملية جراحية.

وفكتوريا ليست وحدها في هذا الأمر، فقد أفاد مسح شمل 3000 امرأة بأن من الإصابات التي يتعرضن لها كسر في الكاحل والتواءات في الركبة بسبب علوها، وعلى الرغم من ذلك فإن ستا من بين عشر منهن اعترفن بأنهن يتحملن كل الآلام والإصابات ولا يتخلين عنها ما دامت أنيقة وتجذب الأنظار إليهن. فهن يعتقدن أنها أهم من أي إكسسوار آخر، لما تضفيه على مظهرهن وشكل أجسامهن من أنوثة ورشاقة، ويؤكدن أنها كلما ارتفعت كان التأثير أقوى. من هذا المنطلق، يمكن القول إن زيادة مبيعاتها هو تحصيل حاصل، وهذا ما أفادت به دراسة للسوق تشير إلى أن نسبة مبيعات الأحذية العالية ارتفعت لتناطح ارتفاع الكعوب. ونسبة الزيادة حسب الدراسة تقدر بأربع مرات عما كانت عليه منذ سنوات، والفضل يعود على مثيلات لايدي غاغا، شيريل كول، غوينيث بالترو وغيرهن، فضلا عن الاعتقاد السائد بأن الكعب العالي هو الطريق إلى الأنوثة من جهة، وإلى اكتساب مظهر شاب وحيوي يواكب إيقاع الحياة من جهة ثانية. فعندما أنجبت غوينيث بالترو مولودها الثاني، مثلا، وأرادت أن تعيد البريق إلى صورتها التي أصبحت مرتبطة بالإنجاب والروتينية اختارت أحذية عالية بشكل غير معقول، ولم يكن يهم أنها لم تكن تقدر على المشي بها، حيث كانت تستند على ذراع مرافقين لها للوصول إلى وجهتها، بل المهم أن تلمع صورتها.

محلات «سيلفريدجز» هي الأخرى أكدت زيادة الإقبال على هذه الكعوب العالية وزيادة مبيعاتها منذ افتتاح طابقها الخاص بالأحذية. نفس الأمر بالنسبة لتصميمات كريستيان لوبوتان، التي لم يخف الإقبال عليها أساسا في أي وقت من الأوقات، ومع ذلك شهدت هي الأخرى تناميا ملموسا على الرغم من أسعارها التي قد تصل إلى 2.325 جنيه إسترليني كما هو الحال بالنسبة لحذاء «بريجيت» عالي الرقبة ويغطي الكاحل، كذلك الأمر بالنسبة لحذاء رمادي مرصع يصل كعبه إلى 7 إنشات نفذ من السوق بسرعة بالغة.