فنانة معمارية تحول شقة في مبنى الشرطة إلى مقر سكن ينعم بالهدوء والأمان

ترميمها وتحديثها استغرق وقتا ومقايضات لإنجازها

TT

نيفيس ويدوار، فنانة في الـ45 من العمر، تمتلك شقة في إحدى أكثر البنايات أمنا في فيينا. فهي في بناية خاصة بقسم الشرطة، وبالتالي فهي محاطة برجال الأمن في كل الأوقات. لهذا ليس غريبا أن تعلق بكل ثقة: «لا أجد أي ضرورة لإحكام غلق الأبواب». والمثير في هذه الشقة ليس كونها الوحيدة في قسم شرطة المتكون من عدة طوابق فحسب، بل أيضا كون البناية التي كانت في الأصل قصرا من الطوب بنوافذ طويلة يعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر، تعرضت لأحداث كثيرة، جعل تاريخها مضطربا ولا يقل إثارة عن قصتها الحالية. فخلال الحرب العالمية الثانية، صادر النازيون المبنى من اليهود، وعندما تمت إعادة المنزل إلى ملاكه الأصليين عقب انتهاء الحرب، كان أصحابه قد فقدوا الرغبة في العيش في النمسا. وعلى الرغم من أن المنزل لا يزال في حوزة العائلة، حيث يملكها حاليا حفيد وحفيدة الزوجين اللذين رحلا إلى أوروبا، فإنه تم تأجير المبنى لقسم الشرطة باستثناء شقة نيفيس. تعلق نيفيس أنها عثرت على شقتها منذ خمسة عشر عاما عندما انتقلت من سويسرا إلى هنا، وتدفع 2000 يورو أي ما يعادل 2700 دولار إيجارا شهريا للشقة التي تشغل نصف الطابق الثالث. أما النصف الثاني، فتم تحويله إلى مخزن تابع للطب الشرعي. وبعد سنوات من تغيير الديكور ووظيفة الغرف الثمانية في الشقة، التي تبلغ مساحتها 2700 قدم مربع، قررت نيفيس عمل تغيير جذري في المكان. واستعانت لهذا الغرض بزملاء وأصدقاء من الفنانين لخفض التكاليف. واستغرقت عملية إعادة الأرضيات الخشب على هيئة حروف «V» وتجديد الحمام والمطبخ واستبدال أنظمة العزل والأنابيب القديمة، خمسة أشهر. وتقاسمت النفقات التي بلغت نحو 40 ألف يورو أو ما يعادل 54 ألف دولار مع الملاك الذين يعيشون في جنوب أفريقيا. وقالت: «إن الأرضيات رائعة الآن مقارنة بما كانت عليه، ومهما كان الوصف، فمن المستحيل تصور كيف كانت تبدو، على الرغم من أنها، في يونيو (حزيران) (2009) عندما بدأت العمل، لم تعمد إلى إخفاء عيوبها لأنها تعبر عن هوية المنزل». لكنها أشارت إلى أنها قايضت المهندس الذي قام بالعمل، بمنحه عددا من أعمالها الفنية الخاصة مقابل أن يعمل لها بابا عازلا ذا إطار معدني يفصل غرفة المعيشة عن غرفة السفرة ذات الجدران الزجاجية التي كانت تجعل جوها باردا في فصل الشتاء. كذلك اشترت مدفأة «سبيكشتاين» قديمة تشع الدفء في كل أنحاء الشقة وساعد ذلك، إضافة إلى نظام العزل المتطور، في خفض تكلفة التدفئة بنسبة 20 في المائة على حد قولها.

وتقول نيفيس إن الناس أحيانا يسألونها عن شعور العيش بجانب الشرطة، وتجيبهم بأنه لا يتسم بأي صعوبة، فهي على علاقة طيبة بالضباط على الرغم من أنها لا تراهم كثيرا. لكن كان هناك موقف واحد تأثرت فيه طريقة عيشها. تشرح: «منذ ثلاث سنوات حدثت جريمة قتل في الحي وجاء الفاعل ليسلم نفسه للشرطة في الثانية والنصف صباحا». وأضافت: «لقد عدت إلى المنزل تقريبا في التوقيت نفسه. وأنا سعيدة أني لم أقابله». قد يكون هذا مخيفا قليلا، لكن لم يكن هناك أي سبب يدعو إلى غلق الأبواب». شقة نيفيس هي مقر الإقامة الوحيد في المبنى الذي يعود إلى القرن التاسع عشر والذي تمت مصادرته من أصحابه خلال الحرب العالمية الثانية، في حين أن الجزء المتبقي من المبنى قسم شرطة.

جوزيف بوليروس لصحيفة «نيويورك تايمز». انتقلت الفنانة نيفيس من سويسرا إلى فيينا منذ خمسة عشر عاما. وقد قالت إن السكن في قسم شرطة أمر غير مألوف، لكن «لا يتحتم علي أن أغلق الأبواب». ويوجد في الردهة إضاءة من تصميم شركة «زامبتوبل» ومقرها في نيويورك. وتم تجديد الأرضيات المكونة من أشكال بهيئة حرف «V» خلال عملية الترميمات التي قامت بها نيفيس عام 2009. أثناء فصل الشتاء لا تستخدم نيفيس المكان المخصص لتناول الطعام كثيرا لبرودة الجو به وتقول: «تستغرق تدفئة المكان يوما بأكمله». اشترت نيفيس وحدة جدار وأريكة مقابل 2.600 يورو (3500 دولار) في يوم «لم يكن هناك أحد يزايد». وفي رحلة أخيرة إلى شانغهاي، حصلت نيفيس على قطعة فنية من تصميم زانغ إينلي، رسام صيني له لوحات معلقة تزيد على السبع. تخلت نيفيس عن عدد من أعمالها المعمارية مقابل تصميم أبواب عازلة تفصل بين غرفة المعيشة وغرفة السفرة. أثناء عملية تجديد المطبخ، أمرت بوضع خزانات ونضد من «إيكيا». وقامت بتصميم الرف الذي وضع فوقهم. والخزانة الصغيرة على الجهة اليسرى من تصميم أرني جاكوبسن. اللوحة المعلقة فوق مكان الجلوس هاتف جوال دوار صنعته نيفيس من مجموعة ربطات عنق تخص أبيها. كذلك تعود منضدة «نوتشي» إلى والديها.

* خدمة «نيويورك تايمز»