كلودين إيفاري.. أزياء جاهزة لكل المناسبات

من المدرسة الانطباعية أبدعت مجموعة واقعية

TT

بعد شهر طويل من الموضة، انطلق من نيويورك وانتهى في باريس مؤخرا، بعد أن مر بلندن وميلانو، وشمل عروضا تقدر بأكثر من 100 عرض، نتجت عنها آلاف القطع والاكسسوارات، كان العرض الذي قدمته الباريسية الشابة، كلودين إيفاري، بمثابة استراحة استرجع فيه من حظي بدعوة منها أنفاسه، وثقته في الموضة التي تخاطب الفن الواقعي.

في قاعة تستحضر فخامة البلاطات الفرنسية في القرن الثامن عشر، بسقفها العالي وجدرانها المطلية بالذهب ولوحاتها الباروكية، بالقرب من جادة الشانزليزيه، قدمت المصممة تشكيلة تعبق بالأناقة والأنوثة والعملية في الوقت ذاته، على الرغم من ما يبدو فيها من تأثر واضح بلوحات فنانين ينتمون إلى الحركة الانطباعية. فالمصممة، كما تعترف، تأثرت بهذه الحركة حتى من دون أن تعرف ما معناه: «فمنذ نعومة أظافري، كنت أميل إلى المدرسة الانطباعية من دون أن أدرك حينها أنها عبارة عن مدرسة شاملة. كنت أنبهر لا شعوريا بأعمال فان كوغ، ومونيه وديغاس، ولا تزال هذه المدرسة هي التي تلهمني حاليا وتأخذني إلى نقاط في التاريخ تحفزني وتوقظ الحلم بداخلي».

وهذا الحلم تجلى واضحا في مجموعتها لخريف وشتاء 2011، على الأقل من ناحيتي الإخراج والألوان، حيث كانت تطل علينا العارضة وكأنها في حالة استكشاف للعالم الذي حولها. تعيش حالة من الاستغراب لما يجري حولها، تنظر إلى مرايا كبيرة، وكأنها تبحث عن شيء ضائع منها. حتما هذا الشيء ليس الأناقة أو الأزياء التي كانت تظهر بها، والتي يمكن القول إنها تنتمي إلى المدرسة الواقعية. فكل ما فيها موجه لامرأة عصرية، وسيجعل أي واحدة، بغض النظر عن جنسيتها وعمرها، ترى نفسها في كل قطعة تم عرضها، الأمر الذي أكدته ردود أفعال الحاضرات، اللواتي كن يستقبلن كل إطلالة بالتصفيق الحار وشهقات الإعجاب العالية التي تغطي على النغمات الموسيقية الهادئة التي كانت تصدح في الخلفية، ونظرة خاطفة إلى هؤلاء الحاضرات كانت تبين أن غالبيتهن ينتمين إلى المجتمع المخملي أو مجال المال والأعمال، إلى جانب شريحة لا يستهان بها من الشابات الصغيرات.

وعلى الرغم من أنه من الصعب القول إن ما قدمته كلودين، يحمل جديدا ومبتكرا يجنح إلى الإبداع المجنون، إلا أنه يمكن القول، بكل ثقة، إن كل قطعة كانت تتضمن جمالية فنية تخاطب العصر وكل مناسباته، بترجمة تشير إلى مخيلة تميل إلى الرومانسية والحلم. وهذا ما اعترفت به المصممة بقولها: «أترك خيالي يأخذني نحو حالة من الحلم والحرية ونحو حركة مستوحاة من لحظة من لحظات الحياة». أما ترجمة هذا الحلم في تشكيلتها لخريف وشتاء 2011، فكان واضحا في لعبها على الواقع والحلم، سواء من خلال المرايا والضوء والظلال، أو من خلال اللعب على السميك والشفاف والناعم في الأقمشة لخلق حركة مثيرة، بل وحتى من خلال التصاميم. ففي الوقت الذي تميز فيه بعضها بالنحت الذي يعانق الجسد، تميز الآخر بالانسياب بشكل خفيف يتيح حرية الحركة ويستحضر في الوقت ذاته صور أميرات الأساطير، أو البلاطات الأوروبية، لا سيما أن الألوان المتأثرة بالحركة الانطباعية التي غلبت عليها درجات باستيلية ناعمة مثل الوردي الهادئ أو الأبيض العاجي إلى جانب الرمادي والأسود، كانت هي السائدة. فقد غلبت على المجموعة الأولى ألوان الرمادي والأسود والأزرق النيلي، وكانت عبارة عن فساتين ومعاطف من التويد والكشمير، تميزت بالتفصيل وثنيات خفيفة. وفي حين كانت الجاكيتات المفصلة تتوجه للمرأة الناضجة، فإن الفساتين القصيرة والخصور المشدودة ببليسيهات، كانت تخاطب شريحة الشابات أكثر. بعدها أرسلت المصممة مجموعة أخرى بألوان الباستيل، وتحديدا الوردي الخفيف، في فساتين بعضها بتنورات منفوخة وياقات مفتوحة عند الصدر وأشرطة عند الخصر، وبعضها الآخر ناعم بتطريزات أو ترصيعات، لكن المجموعة التي تم فيها مزج الجلد بالتويد، كانت الأكثر إثارة، ربما لأنها تجمع الأناقة بالعملية.

تجدر الإشارة إلى أن هذه ثالث تشكيلة لكلودين إيفاري منذ تأسيسها لماركتها في عام 2008، بعد تخرجها في معهد «إسمود» للموضة، حيث تعلمت فن المزج بين الأقمشة المتناقضة، مثل التويد والكشمير والجلد مع الأورغنزا والشيفون والتول والحرير في أزياء تتكلم لغة أنيقة وهادئة. وهذه القدرة على مزج التناقضات لخلق التناغم والأنوثة هو ما بات يميزها موسما بعد موسم مع زيادة ثقتها بنفسها.