العباءة الشامية تنتظر الربيع والصيف بمهرجان من الورود والألوان

المنافسة وسعت من سوقها وحتمت على المصممين المزيد من الابتكار فيها

TT

اشتهر الدمشقيون ومنذ مئات السنين ببراعتهم في إنتاج المنسوجات من الدامسكو المأخوذ اسمه عن اسم مدينتهم وحتى الحرير الطبيعي والصناعي (الفيسكوز). برعوا أيضا في الزخرفة على هذه المنسوجات، فأنتجوا نماذج من الألبسة النسائية والرجالية، كان من أشهرها الجلابية والعباءة، علما بأنهم ظلوا حتى سنوات قليلة ماضية يعتمدون في تصاميمها على التراث الشامي العريق، ولكن ومع دخول أشكال مختلفة من العباءات والجلابيات القادمة من الهند وباكستان والمغرب ومنافستها للعباءة الشامية التقليدية، اضطر مصمموها إلى دخول المنافسة بابتكار تصاميم سنوية جديدة تتماشى مع العصر وتحاكي الموضة من دون أن تتخلى عن التراث والموروث الشعبي الشامي.

ولأن الجلابية والعباءة النسائية مخصصة عادة للربيع والصيف، نظرا لزيادة الإقبال عليها في هذين الفصلين بالذات، فإن المصممين الدمشقيين بدأوا منذ الآن في إطلاق تصاميم جديدة منها، ويشرح فراس جمعة، الذي يملك والده مشغلا لتصميم وخياطة إنتاج العباءات الشامية منذ أربعين عاما، لـ«الشرق الأوسط» عن التجديد الذي لحق بالعباءة الشامية التقليدية والأفكار الجديدة لتصاميم العام الحالي قائلا: «لقد تطورت تصاميم العباءة والجلابية الشامية منذ عشر سنوات بشكل كبير، فبعد أن كانت تقبل عليها بعض النساء في الأيام العادية وفي البيت فقط، تطورت وصارت تقبل عليها حتى العروس. فهي تحرص على أن يتضمن جهازها نموذجين من العباءات والجلابيات، وكذلك صار بعض النساء يرتدينها لحضور مناسبات الزفاف والخطوبة، بدلا من فساتين السهرة. وهكذا تحولت الجلابيات التراثية الشامية إلى عصرية باعتمادنا على الاكسسوارات. أما من ناحية الأقمشة المعتمدة حاليا، فيوضح فراس أنها تشمل «القطن بشكل أساسي إلى جانب الحرير والتافتا والساتان». أما من ناحية التصاميم التي يقدمها المصممون الدمشقيون كل عام، فتتباين بين 60 موديلا من الجلابيات والعباءات. ولم يخرج الموسم الحالي على هذا النسق، حيث بدأ المصممون في وضعها وتجهيزها مع بداية شهر فبراير (شباط)، لكن يوضح فراس مبتسما: «بالطبع لا نطرح كل التصاميم في شهر واحد، فهي تأتي بالتواتر (عشرين موديلا كل شهر) تعرض في الأسواق، فيأتي شهر يونيو (حزيران) ليتوج تشكيلة واسعة من العباءات. وبالنسبة للأنواع الحالية من الجلابيات، فقد صنفناها على الشكل التالي: جلابيات خاصة بالبيت، وتكون عادة بسيطة ومريحة من القطن بأكمام طويلة أو بنصف أكمام، بينما تكون زخارفها وتطريزاتها ناعمة وهادئة أيضا. وهناك جلابيات رسمية، خاصة بالمناسبات العائلية، وتكون من قماش الأورغنزا مع زخارف وتطريزات أكثر تعقيدا، وأحيانا ترصعها الأحجار أو الشك اليدوي بالخرز والألماس، وهي عمليات تتم باليد، بحيث تظهر العباءة والجلابية وكأنها لوحة فنية تكاد تنطق. فالفكرة من ورائها أن تسمح لصاحبتها بالتألق في المناسبات الاجتماعية. من هذه الجلابيات تصميم يحمل اسم (مباركة) وهي خاصة بالمرأة التي ولدت للتو وتجلس في منزلها لاستقبال المهنئات بقدوم المولود الجديد. وتكون هذه الجلابية بلونين فقط، وهما الأبيض والذهبي. لكن في ما يخص الجلابيات الأخرى، فإنها تأتي بألوان متنوعة، لتلبي جميع الرغبات والأذواق ويمكن وصفها بكرنفال ألوان». ويتابع فراس أن «اللون الذي سيكون موضة العام الحالي 2011 هو البنفسجي، علما بأنها يمكن أن تكون بلون واحد أو بلونين مختلفين، ولكن متجانسين مع بعض، بينما أطلقنا على أكمام العباءة والجلابية اسم الفراشة، لأنها عريضة، وأضفنا إلى الجلابية الأحجار الصناعية، بما فيها اللؤلؤ. وهناك تصاميم بقطعتين أو بثلاث قطع، تتكون من جلابية قصيرة وجاكيت وبنطلون، وتدعى جلابية بنجابي. ويوجد التصميم العرائسي ذو الأربع قطع المؤلف من بنطلون وعباءة قصيرة حتى الركبة وجاكيت (كاب) وطاقية. وكذلك أضفنا لبعض التصاميم من الجلابيات (الشال) ويأتي من نفس نوع القماش، وهو عنصر جمالي فقط، مع أنه لا يمكن تصميم عباءة بشال لكل الأنواع، حيث يفرض نوع القماش نفسه علينا كمصممين. فالجلابية المخمل لا تحتمل أن يضاف إليها شال، على العكس من الحرير والقطن.

إلى جانب التطريز والشك باليد، يلجأ مصممو هذه الجلابيات والعباءات حاليا إلى الرسم على القماش لتزيين الصدر والأكمام. ويوضح فراس: «هذه الرسومات إما نصممها يدويا أو عن طريق الكومبيوتر، ونعطيها عادة الخصوصية الدمشقية، حيث نستفيد هنا من الطبيعة الشامية، حتى أسماءها نستلهمها من هذه الطبيعة، فمثلا هناك الوردة الشامية (الجوري) - الياسمينة - الفلة - اللوزة - الطاووس - قمحة الشام (وهي عبارة عن رسم يشبه سنبلة قمح) - النخلة - الشجرة - وغيرها. وفي العام الحالي هناك تصاميم خاصة بالفتيات الصغيرات، وحرصنا على أن تأتي متطابقة لنموذج الأمهات والشابات، حتى إذا أتت أم مع ابنتها الصغيرة يمكنها أن تحصل على عباءة لها ولابنتها من نفس الموديل واللون من منطلق المحبة ما بين الأم وابنتها وظهورهما بشكل متجانس أمام ضيوفهما.