روعة الـ«آرت ديكو» في شقة بشنغهاي

عاين صاحبها 80 بيتا بهذا الطراز قبل أن يجد بغيته

TT

إذا قلنا إن سبينسير دودينغتون شغوف بطراز الـ«آرت ديكو» فإن هذا سيكون تقليلا من الأمر، لأن الرجل أفنى سنوات في دراسة هذا الطراز وجمع قطع أثاث تعود إلى عصور مختلفة، خصوصا بعد أن بدأ في تجديد شقق للمغتربين يعود تاريخها إلى ما قبل الحرب. وعندما شرع في شراء وتجهيز منزله الخاص في شنغهاي، كان من الطبيعي أن يتبنى طراز «آرت ديكو» وأن لم يقبل سوى بالكمال. وبعد عامين من البحث عن البيت المناسب، والذي بدأ عام 2007، وجد أخيرا مكانا كان من ضمن مخصصات فرنسا في شنغهاي، تتوفر فيه كافة المواصفات المطلوبة، فهي شقة في طابق مرتفع بمبنى ما زال يحتفظ بالتفاصيل الأصلية وكذلك بشرفة.

يقول دودينغتون الذي يقطن في تكساس ويبلغ من العمر 42 عاما ويدير شركة «لاغجيري كونسيرج تشاينا» التي تنظم رحلات خاصة في شنغهاي وتقدم خدمات فندقية: «هناك فقط 80 شقة على طراز ال(آرت ديكو) في شانغهاي، لذا توجهت إليهم كلهم. عندما وجدت هذا البيت، كان علي أن أحدد موقفي في غضون خمس عشرة دقيقة. فقد كان هناك وكيلان للعقارات في الخارج وإذا لم أجب بنعم فمعنى هذا أنها لن تكون من نصيبي».

هدف دودينغتون بعد شراء الشقة التي تبلغ مساحتها 1420 قدما مربعا في صيف 2009، كان إعادتها إلى الهيئة التي كانت عليها بعد الانتهاء من تشييد المبنى عام 1928. وقد تطلب هذا قدرا كبيرا من البحث والتقصي. أولا عثر دودينغتون على المهندس الذي صمم البناية، ألكسندر يارون، وهو معماري هاجر من روسيا إلى الصين في أوائل القرن العشرين، ثم زار كنيستين روسيتين من كنائس الأرثوذكس من تصميم يارون للتعرف على أسلوبه في التصميم المعماري.

إضافة إلى ذلك أراد تفتيش شقق أخرى في بنايته أملا في العثور على واحدة ما زالت تحتفظ ببعض تفاصيل طراز «آرت ديكو». وتجول في كل الشقق وأخيرا أقنع إحدى جاراته بالسماح له بتفحص شقتها. وقد ساعدته قدرته على تحدث اللهجة المحلية التي اكتسبها من إقامته في مدينة شنغهاي لمدة 16 عاما على التواصل مع الناس هناك والوصول إلى مبتغاه. وقال: «لهجة شنغهاي تفيد دائما. إنهم يحبونها».

وعلى عكس مكانه الجديد الذي أصبح يبعث على الكآبة بعد تجديده بأثاث خشبي داكن وثريات «تيفاني» المقلدة، لم يدخل أي تغيير على شقة جارته منذ 1949 عندما استولى الشيوعيون على المدينة وهرب العديد من سكان البناية. كانت أكثر تفاصيل طراز «آرت ديكو» لا تزال باقية مثل إطارات الصور ومقابض الأبواب وإزارات الحائط التي قاسها دودينغتون وصورها لإعادة تصميم شقته على هذا الطراز.

ومن أجل خفض التكاليف والالتزام في الوقت نفسه بطراز ذلك العصر، استخدم مواد وتقنيات بناء تعود إلى حقبة العشرينات في شنغهاي. فعلى سبيل المثال، استأجر أجهزة لحام في غرفة المعيشة والمطبخ من شركة بناء سفن من أجل بناء وتركيب الأبواب الفرنسية التي تتكون من زجاج ومعدن تحاكي الشبابيك الخارجية الأصلية. وفي المدخل الذي قام بتوسيعه استخدم خليطا من الطين والقش والجصّ لإعادة بناء الإطار المنحني العلوي الذي يوجد في باقي أجزاء الشقة وهو يعد من التفاصيل القليلة التي ما زالت صامدة.

وقال: «إن هذا أهم بناء، لا يشوبه شرخ واحد. إذا صنعته من الجصّ اليوم، تحدث به شروخ بمجرد تغير درجة الحرارة بمقدار عشر درجات». لكن المشكلة الوحيدة كانت في الحمام، حيث أراد دودينغتون عمل حوائط وأرضيات من الحصى والرخام لا لأسباب تاريخية بل لعشقه للون الفيروزي. وكان من المستحيل القيام بذلك إلا من خلال استخدام أساس من الأسمنت لأنه يمكن صقله. وجمع دودينغتون 36 زجاجة على مدار أربعة شهور ثم أخذا إجازة في توقيت غير مناسب وعندما عاد وجد العمال استخدموا الجصّ الباريسي بدلا من الأسمنت وهو أملس جدا بحيث لا يمكن صقله.

وقال: «كان علي الاتصال بفريق عمل وبكل من أعرفه. وخلال أسبوعين، جمع كل من في شنغهاي 51 زجاجة من مشروب بومباي سفاير. وأعدنا الأمر لكن هذه المرة بالأسمنت».

وبعد الانتهاء من عملية التجديد التي استغرقت ستة أشهر وتكلفت 15 ألف دولار، كانت الخطوة الأخيرة هي أثاث من طراز «آرت ديكو» وتركيبات الإضاءة الأصلية والتي تم شراؤها من متاجر بيع التحف القديمة وأسواق الخردة من أنحاء المدينة المختلفة.

وقال دودينغتون: «لديك مبنى تشعر أن كل اللمسات الديكورية والمعمارية في مكانها الصحيح مما يمنح إحساسا بالأصالة. لكنني أردت أن أشعر بالتفاصيل في كل قطعة أثاث». وأضاف: «لم أفكر يوما أنني أملك طاقة للقيام بذلك مرة أخرى. لذا أردت أن أقوم بهذا على النحو الصحيح».

* سبينسير دودينغتون هو أميركي يعيش في شنغهاي منذ ستة عشر عاما واكتشف من خلال البحث أن من قام بتصميم البناية التي يقطن بها مهاجر روسي يسمى ألكسندر يارون استعان به لإعادة الأساسيات إلى شقته.

* خدمة «نيويورك تايمز»