الألوان من وجهة نظر المشاهير وعلم النفس

أحمر.. أخضر.. أصفر.. برتقالي.. بين الجمال والراحة والسياسة

TT

علاقة الإنسان بالألوان قديمة جدا، وتعرف عليها عندما فتح عينيه على زرقة السماء والبحر، وخضرة الشجر والعشب، وعندما أشعل النار لأول مرة واكتشف لهبها الأحمر. مع الوقت تطورت هذه العلاقة ودخلت الألوان في نواح كثيرة من حياته، حتى إنها أصبحت تستخدم لعلاج بعض الحالات النفسية، مع الإشارة إلى أن قدماء المصريين، كانوا أول من اكتشف أهمية الألوان، عندما شيدوا معابد للعلاج بالألوان، طلوا أرضياتها بلون العشب الأخضر الذي كان ينمو على ضفاف نهر النيل، وجدرانها وأسقفها بلون البحر الأزرق، وحرصوا على تصميم الغرف بطريقة تسمح بدخول الشمس لتعكس ألوان الطيف. أما في الحياة اليومية، فتربط الإنسان بالألوان علاقة جدلية، فهو يفضل ألوانا ويكره أخرى، بل إنه يمكن أن يحب ويكره اللون نفسه في آن واحد وفق ما يمليه عليه مزاجه وحالته النفسية.

ملكة جمال لبنان السابقة كريستينا صوايا التي تميل إلى الألوان الزاهية والصارخة، ترى أن هناك ارتباطا بين شخصية الإنسان والألوان التي يرتديها، فتقول: «الإنسان الديناميكي يفضل الألوان الفرحة، واللون الأحمر هو المفضل عندي في كل شيء، في الملابس، الأحذية والإكسسوارات، كما في أثاث المنزل والديكور. أما اللون الأسود، فيشعرني بالكآبة، ولا أرى أبدا أنه يعكس نوعا من الوقار، بل إن هذا الأمر يمكن أن يحقق من خلال الحضور والكاريزما، حتى لو كنت أرتدي الأحمر أو الفوشيا.

الممثلة باميلا الكيك تؤكد أن الألوان الزاهية لا تشبهها ولا تعكس شخصيتها، قائلة: «لا أحبها، وأفضل عليها الألوان الداكنة، كالأسود، البني والرمادي، شتاء، واللون الأبيض صيفا». وتضيف: «أعتقد أن الألوان ترتبط بالشخصية، فأنا عندما أقول لأي شخص إنني أحب اللون الأحمر، فإنه سرعان ما يستنتج أنني من مواليد برج الثور». كما توضح الكيك أنها تراعي مسألتين عند اختيار الألوان، الأولى أنها شقراء والثانية الحالة المزاجية التي تكون عليها: «عندما أكون (معصبة) أميل إلى اللون الأسود، ودولابي مزدحم بالملابس السوداء، حتى إنني أتهم بأنني أرتدي ملابس لا تناسب عمري، إلا أنني أجد أن اللونين الأحمر والأسود يناسباني أكثر من غيرهما، فأنا مثلا لا يمكن أن أتحمل اللون الزهري ومشتقاته. مع الإشارة إلى أن الألوان في لبنان أصبحت ترتبط بالأحزاب، فمن يرتدي البرتقالي، يتهم بأنه ينتمي إلى التيار العوني، ومن يرتدي الأزرق يعتبر بأنه من حزب المستقبل، أما من يرتدي الأصفر فيتم التعامل معه على أنه مؤيد لحزب الله، ولذلك يتحاشى الكثيرون ارتداء بعض الألوان عندما يظهرون على شاشات معينة، تفاديا لتعصيب الموجودين في المحطة، وهذا أمر مؤسف للغاية».

أما الفنانة دومينيك، فهي تفضل، كما صوايا، الألوان الزاهية لأنها تنعكس بشكل إيجابي على نفسيتها، قائلة: «أحب الأزرق (التركواز) والألوان الفسفورية الفاقعة، وهي ألوان الموضة، كما أنها تتميز بأنها تلفت النظر. عادة عندما أشعر بالانزعاج، فإنني أتجنب اللونين الأسود والبني الداكن، لأنهما يتسببان في كآبتي، ويمكن أن أرتديهما في بعض المناسبات، ولكن بعد إدخال لون ثان إليهما. فالأسود هو لون الحزن، وأنا أكرهه لأنه يجعلني أبدو هزيلة جدا، لكنني أعتمده عندما أريد أن أتجنب الناس والإزعاج، لأنه لا يلفت الأنظار أبدا، أما عندما أكون موجودة أمام الكاميرا، فإنني أتجنب اللون الأبيض، لأنه يمتص الضوء، ويجعل الوجه يبدو شاحبا».

وترى دومينيك حوراني أن الفنان يميل بطبعه إلى لفت الأنظار، لذلك هو يختار الألوان التي تحقق له هذه الغاية، فتقول: «مهنتي كفنانة فرضت عليّ اعتماد بعض الألوان أكثر من سواها، فأنا مثلا أركز على اللون الأزرق الفاتح، لأنه يجعل الأنظار تتجه إليّ دوما، ولكنني شخصيا أتفاءل باللونين الأخضر والفيروزي».

المذيعة راغدة شلهوب لا تعرف ما إذا كان مزاجها يتدخل في اختيار الألوان التي ترتديها أم لا، قائلة: «أنا أبحث عادة على القصة التي تناسبني أكثر من بحثي عن لون معين، ولأنني بطبعي أميل إلى الألوان الكلاسيكية، فلا أعرف ما إذا كان للاوعي دور في ذلك أم لا. فأنا ضعيفة جدا تجاه اللون الأسود، وهو المفضل عندي على الرغم من أن إطلالتي التلفزيونية تتطلب مني التنويع واختيار الألوان الزاهية، يليه اللونان الأخضر والأبيض. أما الألوان الأخرى، فأختارها بشكل عشوائي، وفي المقابل هناك ألوان لا تمثل لي شيئا، خاصة ما يعرف بـ(مشتقات الألوان)».

ترى المعالجة النفسية، صبحية جعفر، أن الناس يولدون بطبائع مختلفة، وعادة يميل أصحاب الطبع المنبسط أو المنفتح على الآخر، إلى الألوان الباهرة والفاقعة، أما أصحاب الطبع المنطوي، فيفضلون الألوان الهادئة. وتتابع صبحية أن الألوان، بحسب علم النفس، تنعكس على طبائع الناس، كما على تجاربهم الشخصية، قائلة: «عادة ما يميل أصحاب الطبع الحاد إلى الألوان الفاقعة، ويعبرون عن عدوانيتهم من خلال اللون الأحمر، بينما يدل اللون البرتقالي على الحب والغرام، وليس اللون الأحمر كما هو شائع بين الناس. أما اللون الأخضر فيرمز إلى الراحة النفسية والاطمئنان والسلام، على الرغم من أن المتعارف عليه بين الناس أن الأبيض هو لون السلام والتسامح، ولذلك يلقب الممرضون بالملائكة البيضاء، بينما يرمز الأزرق الفاتح إلى الصفاء والتأمل، واللون الأصفر إلى الموت والمرض، مع أن هناك أشخاصا يشعرون براحة كبيرة عندما يرتدون هذا اللون ويرون فيه لون الشفاء».

وتؤكد جعفر أن العلاقة الجدلية التي تربط بين الألوان والإنسان: «فكما أن الألوان تؤثر على شخصيتنا، كذلك تتأثر شخصيتنا بها، مما يفسر تقبلنا للون معين في بعض الأحيان ورفضنا له في أحيان أخرى. فقد نرغب في ارتداء اللون الأزرق مثلا، ولكن سرعان ما نستبدل به اللون الأحمر، للشعور بنوع من عدم الراحة والانسجام مع الذات، بسبب الانعكاس السلبي لهذا اللون على الشخصية، ويفسر ذلك من الناحية النفسية، بحصول نوع من التناقض والاختلاف بين ما يريده في الحقيقة وبين ما أرغم نفسه عليه، لأنه اختار اللون الأزرق في أعماق نفسه، ولكنه وبشكل إرادي أجبر نفسه على ارتداء اللون الأحمر».

كما تشير جعفر إلى لجوء بعض علماء النفس إلى علاج المرضى عن طريق الألوان: «روشاخ مثلا، يستعمل 10 بطاقات بأشكال معينة تتوسطها بقعة حبر، خمس من بينها ملونة والخمس الأخرى بالأسود، يعرضها على المريض، وثم يطلب منه أن يعلق على البقعة الحبر والأفكار والخواطر التي تتوارد إلى ذهنه عند النظر إليها، ليتمكن من تحديد مرضه من خلال تحليل شخصيته ونمط سلوكه.