توازن المعدة يساوي توازن النفس

الأنظمة الغذائية غير الصحية قد تزيد من حالات الاكتئاب

TT

أي شخص اتبع نظام حمية غذائية قاسيا للتخسيس يعرف أنها ليست بالمسألة السهلة، وتحتاج إلى إرادة حديدية، وإلا كان مصيرها الفشل والإصابة بالاكتئاب. والسبب بسيط وهو أنه عندما يحرم المرء نفسه من الطعام بدرجة تجعله يتضور جوعا، فإنه لن يفقد الوزن الذي يرغب في التخلص منه، من جهة، كون عملية التمثيل الغذائي التي يقوم بها جسده ترصد أي انخفاض كبير في السعرات الحرارية، يقوم بتكييف نفسه من خلال حرق سعرات حرارية أقل يوميا، ومن جهة ثانية سيصاب بالاكتئاب، حسب بعض الباحثين. وسبب الاكتئاب هنا يعود ليس إلى التجويع بل إلى نوعية الأكل نفسه، والتي تكون غالبا عبارة عن وجبات سريعة ومصنعة. من هذا المنطلق نصحت دراسة استرالية النساء اللاتي يعانين من الاكتئاب والقلق بمراجعة النظام الغذائي الخاص بهن والحد من الأطعمة المصنعة، مشيرين إلى أن الطعام يتحول إلى مشكلة عندما يصبح وسيلة للحصول على شعور يمنح الراحة النفسية، أو التعويض عن فراغ عاطفي. النقطة التي ينطلق منها هؤلاء أن الرغبة في تناول أطعمة معينة تعود إلى عوامل سيكولوجية واجتماعية، كون «الطعام الدسم أو الحلو، يمثل لهم منذ الصغر وسيلة تواصل مع الآخرين ومع الذات أيضا بمحاولة إرضائها واكتساب الشعور بالسعادة ولو مؤقتا». ما يحاول باحثون من جامعة ملبورن لفت الأنظار إليه أن الطعام غير الصحي لا يزيد الوزن وما ينتج عنه من مشكلات فحسب، بل ما يسببه من اضطرابات في المزاج. فهذه الاضطرابات كما يقولون، تنتشر بشكل أكبر بين الذين يتناولون أطعمة مصنعة أوليا أو مكررة أو ذات دهون عالية لأكثر من 10 سنوات، ويكون تناولها للشعور بسعادة ولو مؤقتة.

وقال الدكتور فيليس جاكا في رسالة بالبريد الإلكتروني لوكالة رويترز: «ليس هناك نظام غذائي سحري، ولكن اتباع نظام غذائي مكون في الأساس من الخضراوات والفاكهة والحبوب بشكل عام ومنتجات الألبان منخفضة الدسم واللحوم الخالية من الدهون والابتعاد عن تناول الأغذية المصنعة والحلوى، إلا في أحيان قليلة، سيفيد الصحة البدنية وربما أيضا يساعد الصحة العقلية على أن تكون جيدة».

ودرس فريق جاكا الأنظمة الغذائية والتقييمات النفسية التي جمعت 1046 امرأة على مدار 10 سنوات. وكتب الباحثون في الدورية الأميركية للطب النفسي أن إجمالي 925 امرأة كن لا يعانين من اضطراب المزاج بينما عانت 121 امرأة من اكتئاب أو قلق أو الاثنين معا. وعندما درسوا مدى ارتباط العادات الغذائية بالاضطرابات المزاجية وجدوا أن «النظام الغذائي الغربي» القائم بشكل أساسي على تناول الأطعمة السريعة مثل الهامبورغر والخبز الأبيض والبيتزا والبطاطس المحمرة ومشروبات الحليب المحلاة بنكهات مختلفة والأغذية السكرية - يزيد معه احتمال الإصابة بالاضطرابات الاكتئابية بنسبة تزيد على 50 في المائة. وعلى النقيض تراجع احتمال الإصابة بالاضطرابات المصاحبة للاكتئاب والقلق بنسبة 30 في المائة بين النساء اللاتي يتبعن نظاما غذائيا «تقليديا» أي يشمل في معظمه الخضراوات والفاكهة واللحم البقري ولحم الحملان والأسماك والحبوب بشكل عام.