توظيف الموضة العصرية للتراث

ريم شاهين: لا داعي للبحث في ثقافات الغير.. بيئتنا غنية وتكفي

TT

على العكس من مصممي الأزياء الذين يسعون للاقتباس من الموضة العالمية، تحمل مصممة الأزياء المصرية، ريم شاهين، على عاتقها فكرة الإغراق في المحلية لتقديم موضة مناسبة للثقافة والعادات. فهي تقتبس من التراث المصري الغني بمفرداته المتنوعة على اختلاف أشكالها لتقدم أزياء عصرية تناسب طبيعة الحياة اليومية.

تخرجت المصممة شاهين في كلية الاقتصاد المنزلي قسم الملابس الجاهزة، ولأنها تعمل في هذا المجال بسبب حبها له فقد استمرت في دراسته وحصلت على دراسات في «الباترون» في قسم التصميم والموضة، إضافة إلى حصولها على دبلوم من المعهد العالي للفنون الشعبية بأكاديمية الفنون حتى تصقل موهبتها بالدراسة العلمية.

تقول إنها عندما بدأت العمل لم يكن مفهوم تصميم الأزياء منتشرا كما هو الحال الآن، مما دفعها إلى الاتجاه أولا لدراسته، ومن ناحية أخرى إلى العمل في مصانع عدة لتتعرف على عملية الإنتاج واكتساب خبرة تمكنها من افتتاح مشروعها الخاص، والذي بدأته بالتوجه إلى الأطفال.

تشرح: «بعدها التحقت بالمعهد العالي للفنون الشعبية مدفوعة بانبهاري بالفن الشعبي وخاصة في مجال الأزياء، وكنت أرى أن لدينا تراثا غنيا جدا لا بد أن نستغله وأن نجعله جزءا من حياتنا. فهو كنز لا بد أن نسعى لكي نجعل له وجودا في حياتنا، وكنت أتمنى أن يكون لمهنتي دور في الحفاظ على هذا التراث من جهة، وتقديمه بشكل معاصر للأجيال الشابة من جهة ثانية».

بدأت شاهين في تنفيذ تصميماتها الخاصة بشكل محدود حتى تجس نبض السوق، ومدى الإقبال الذي ستلاقيه. وتعلق: «عملت بعدها مع بعض المتخصصين، مما أتاح لي فرصة زيارة الكثير من الأماكن الغنية بالتراث، مثل سيوة والعريش وسيناء، وكان لهذا بالطبع تأثير كبير علي، حيث أصبحت تصميماتي تأخذ شكلا أكثر عمقا سواء في التصميمات أو الموتيفات. كما أصبحت أستعين بسيدات من البدو في التطريز، الأمر الذي يعطي المنتج النهائي جودة وتميزا عدا عن التنوع. فكل منطقة لها تراثها ولها ما يميزها في التصميم والتطريز».

وتتابع: «موتيفات العريش (شمال شرق) مثلا عبارة عن أشكال هندسية ونباتية، تطرز بكل الألوان، بينما التطريز في الواحات مثل سيوة (غرب القاهرة) فتختلف أشكاله ويكون بألوان محددة هي الأصفر والأحمر والأخضر والبرتقالي والأسود. أما في منطقة مثل أخميم (جنوب) فوحدات التطريز تختلف باختلاف المكان لأنها تقتبس من البيئة المحيطة وتعكسها حتى في أشياء أخرى غير الملابس مثل السجاد أو اللوحات. نجد أن البيئة الريفية تعتمد على وحدات نباتية وطيور وأشكال تعكس طبيعة الريف بينما البيئة الصحراوية تعتمد على أشكال مثل الجمال والنخيل. وهذا يؤكد أن البيئة المحلية تنعكس على كل شيء ومنها بالطبع الملابس والتصميمات».

وتضيف: «نحن نعاني من مشكلة عدم وجود موضة تناسبنا وتعكس ثقافتنا وشخصيتنا، فكل ما هو موجود مقتبس من ثقافات أخرى لا تتناسب معنا والكل يقلد تقليدا أعمى دون أن يتكبد عناء الابتكار. لا داعي للبحث في ثقافات الغير فتراثنا فيه كل ما نحتاج. وهذا بالطبع شيء مؤسف لأن البيئة المصرية غنية بتراث حافل يمكننها توظيفه بما يتلاءم مع كل الأذواق. فهناك تراث البدو وتراث النوبة وتراث الواحات وتراث الأماكن الساحلية، وكل منها له خصوصية وتفرد عن الآخرين».

وتتعجب ريم شاهين كيف يترك كل هذا لينساق الناس وراء أزياء وثقافات بعيدة. تقول: «لا بد أن يهتم المصممون باستغلال هذا التراث بشكل حديث ليناسب الأجيال الشابة وليكون عمليا وقابلا للاستخدام في حياتنا العصرية. هذا هو التحدي الصعب الذي أسعى إلى تحقيقه دائما، وأنا الآن أعمل لطرح خط لأزياء السهرة يناسب الموضة الحالية ولكن بالطبع مطعما بلمسات من التراث المصري المتنوع».

ولا تكتفي ريم شاهين بالإشادة بغنى التراث على مستوى الأزياء، بل تقول إنه يمكن أن يكون له مكان في كل بيت مصري حتى من خلال الديكورات: «أتمنى أن تعكس بيوتنا جزءا من ثقافتنا كما أتمنى أن تعود السيدات إلى شغل الإبرة في التطريز أو عمل أشياء ولو صغيرة لها ولأسرتها لأن هذه الأشياء تكون أفضل بكثير في قيمتها وأكثر جمالا إضافة إلى أنها سترتفع بالذوق العام من حولنا».