أسبوع نيويورك لربيع وصيف 2012 ينطلق متحديا

ويستمر العرض رغم ظلال الذكرى العاشرة لهجمات 11 سبتمبر

TT

مسكين هو أسبوع نيويورك للموضة هذا العام. فهو يتزامن مع الذكرى العاشرة لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، التي دمرت برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، وجزءا من مبنى البنتاغون في واشنطن، مما جعل الاهتمام ينصب على هذه الذكرى بكل أحزانها ومرارتها بالنسبة للأميركيين، عوض أن يبقى مركزا على أسبوع يدر الملايين على صناعة الموضة الأميركية كما كان عليه الحال قبل يوم 11 سبتمبر من عام 2001. في ذلك اليوم، كانت الخيام منصوبة في «براينت بارك»، المكان الذي كان يقام فيه أسبوع التفاحة الكبرى قبل أن ينتقل إلى مركز لنكولن في العام الماضي، وكان المكان يعج بالنجوم والمصممين، شبابا ومخضرمين. الكل كان متحفزا لعرس من الألوان والتصاميم، لكن الفرحة وئدت إثر الصدمة، مما جعل العديد من المصممين يكتفون بعرض تشكيلاتهم أمام حفنة من الصحافيين في أجواء قاتمة يشوبها الخوف والغضب والشك. عشر سنوات مرت، والأسبوع النيويوركي لا يزال متأرجحا بين الرغبة في النسيان وعدم القدرة عليه رغم أنه لم ينظم هذا العام، أي حفل خاص بإحياء ذكرى 11/ 9 بالمعنى الكبير، باستثناء برنامج «اكشن أميركا» الذي طلب من أوساط الموضة تحويل يوم الأحد إلى يوم خدمات بدعم من برامج التواصل الاجتماعي، إلى جانب جمع بعض التبرعات، ودقيقة صمت في وقت الحادث. وحسب المتابعين فإن هذا الإصرار على الاستمرار، يحسب للأسبوع، لا سيما وأنه لم يفكر يوما بتغيير تاريخه من قبل، أو تسييس نفسه، هذا العام تحديدا، رغم معرفة المنظمين المسبقة أنه لن يكون كغيره من الأعوام. فالأميركيون، حكومة وشعبا، لا شاغل لهم سوى البرامج والتغطيات التي تحضر للذكرى العاشرة لحادث غير وجه العالم. ومع ذلك فإن نيويورك هذه الأيام شبه مقسمة إلى جزئين: الأول في موقع برج التجارة العالمي الذي كان، والثاني في مركز لنكولن، الذي يشهد عروضا ونجوما وحضورا مكثفا من قبل محبي الموضة.

مين - ها فام، برفسور من جامعة نيويورك قام بدراسة حول العلاقة بين أحداث 11 سبتمبر وعالم الموضة في بحث بعنوان «الحق في الموضة في زمن الإرهاب» جاء فيه أن عدم تغيير الموضة تاريخ أسبوعها ليس مفاجئا، رغم تزامنه مع الهجمات الإرهابية. وشرح: «إن الأمر ليس غريبا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الموضة لها ذاكرة قصيرة. فهي تعني توالي المواسم، وتغير الفصول، كما تعني الإيقاع السريع. ما وقع في العام الماضي أصبح قديما من خبر كان، والموضة لا توجد إذا لم تكن متغيرة».

وربما يفسر هذا الرأي أن عيون عشاق الموضة تتجنب برج التجارة العالمي، وما يجري فوقه وحوله منذ الخميس الماضي، وظلت مسلطة أنظارها إلى مركز لنكولن لا تحيد عنه وكأنها خائفة من تشتيت نفسها وأفكارها. حجتهم هي أن الموضة، كما قال البروفسور مين - ها فام، بالفعل تنظر دائما إلى المستقبل وتدير ظهرها للماضي إلا إذا كانت ستستقي منه كل ما هو جميل. والمستقبل بالنسبة لها طوال هذا الأسبوع يتلخص في ربيع وصيف 2012. إضافة إلى هذا، فإن صناع الموضة، موسومون بالتفاؤل والرغبة في تحدي كل ما هو قبيح أو لا يمت للجمال بصلة، وهذا ما يجعلهم يبررون شرعية أسبوعهم كل ستة أشهر كمضاد ينفسون من خلاله على جام غضبهم. ومع ذلك، فإن الملاحظ هذا الأسبوع، أن البرامج التي تحيي السنوية العاشرة لذكرى الهجمات، كادت تغطي على الأيام الأولى من الأسبوع على الأقل، وجعلته يبدو باهتا من الناحية الإعلامية، كما لو كان مقاما في قرية من قرى بنغلاديش، لم يسمع بها ولا يعرفها إلا قلة قليلة من الناس، رغم أن نسبة المشاركة لم تتأثر.

185 هو عدد المصممين المشاركين، منهم من يجرب حظه لأول مرة، ومنهم من يدخل مجال العرض في أسبوع عالمي أيضا لأول مرة، مثل ماركة «جي كرو»، إلى جانب وجوه مألوفة، مثل دايان فون فورتنسبورغ، تومي هيلفيغر، مايكل كورس، كارولينا هيريرا، رالف لوران، كالفين كلاين، دونا كاران، جايسون وو، سينثيا راولينغ، مارك جايكوبس وغيرهم. ولأن الأيام الأولى هي الأكثر تضررا من كثافة السحابة التي تلقي بظلالها على الأسبوع، خصوصا يوم الأحد، فإن بعض المصممين تجنبوها، مثل مارك جايكوبس، وأوليفييه ثيسكينز، مصمم ماركة «ثيري» اللذين أجلا عرضيهما إلى آخر الأسبوع بحجة أن عاصفة «أيرين» عطلت تنفيذ تشكيلتيهما في الوقت المناسب.

المصمم كارمن مارك فالفو، بدوره، ارتأى أن يغير عرضه من يوم الأحد إلى يوم السبت، لأنه كما قال اعتبر أن «تنظيم عرض أزياء في هذا اليوم، غير لائق، كما أردت أن أمنح فريق العمل فرصة للتأمل فيما حصل واحترام كل الذين فقدوا حياتهم في ذلك اليوم المشؤوم».

على العكس من كارمن، هناك من لا يرى داعيا للخلط بين الأمرين، مثل المصممة ترايسي ريس، التي قالت إن العرض يجب أن يستمر، مضيفة أن «الإيجابي الذي ولد من هذه المأساة أن سكان نيويورك كثفوا جهودهم لإعادة بناء مدينتهم عوض أن يصابوا بالإحباط واليأس.. أعتقد أنه بالإمكان تكريم الموتى بالبقاء إيجابيين وبالحفاظ على معنويات عالية». وشاركها هذا الرأي بعض المصممين من خلال عروض تضج بألوان الربيع والصيف في يوم الجمعة بالذات، حيث قدم كل من تومي هليفيغر، سيثنيا راولينغ، لوكا لوكا، جايسون وو، وغيرهم، عروضا لا تشير إلى ما يجري في أميركا هذه الأيام من عواصف استوائية أو أزمات اقتصادية وغيرها. أما في اليوم الأول من الأسبوع، الخميس الماضي، فعرض ريتشارد تشاي تشكيلة جادة فيها الكثير من المرجان على سترات الرجال، والخطوط المقلمة في فساتين النساء، بالإضافة إلى جاكيتات محددة على الجسم وتنورات قصيرة نسقها فوق بنطلونات. وفي عرض نيكولاس وكريستوفر كونز، صاحبا ماركة «نيكولاس كي» كانت القصات جد «سبور» مع تلاعب بالطبقات المتعددة، كما نسق الجاكيتات مع إيشاربات خفيفة، وكأنه يتوقع ربيعا وصيفا باردا. لكنه قدم أيضا تنورات وفساتين منسدلة للأيام التي تشرق فيها الشمس وتتوهج أشعتها الشمسية. المصمم ماكس أزريا، كالعادة قدم في خطه «بي سي بي جي» نقوشات مستوحاة من فن الآرت ديكو بألوان صيفية تتباين بين الأزرق والمرجاني والأبيض والأصفر والأخضر والبرتقالي إلى جانب الأسود، في أقمشة خفيفة مثل الشيفون والجيرسيه، لم تغب عنها لمسة «ريترو».

أما أمس الأحد، اليوم الذي حاول فيه العديد من المصممين تجنب تقديم عروضهم، حتى لا تذهب جهودهم هباء منثورا ولا يجذبون وسائل الإعلام، فكان يوم فيكتوريا بيكام. هذه الأخيرة لم تلتفت لهذا الأمر، وكأنها تعرف مسبقا أن عرضها سيستقطب ما يكفي ويزيد من الحضور ووسائل الإعلام، حتى وإن كان على هامش الأسبوع ولا يندرج في البرنامج الرسمي. وكانت محقة في ذلك، فقد كان عرضها ساخنا بكل المقاييس، قدمت فيه مجموعة من الفساتين الصيفية تتميز ببعض الشقاوة والحيوية وسهلة في الوقت ذاته، بحيث تحملك من النهار إلى المساء بشكل طبيعي وأنيق.

* عشر سنوات مرت، وشهدت تغير عدة أوجه للموضة، كما شهدت تغير المكان الذي كان يشهد أكثر من مائة عرض طوال ثمانية أيام. ففي العام الماضي لم تعد هناك حاجة إلى نصب خيام في «براينت بارك»، بعد أن أصبح مركز لنكولن هو الحاضن لهذه الفعالية التي تدر الملايين من الأرباح على صناعها وكل من تمسهم رشة منها. فمنذ أن انتقلت الخيام إلى المركز، عرفت المنطقة المجاورة له حركة تجارية وانتعاشا ملحوظا. وأكدت دراسة أجرتها مجموعة من طلبة جامعة «فوردهام» بإيعاز من «مرسيدس بنز» الجهة المنظمة للأسبوع، أن الخير عم على المنطقة المجاورة للمركز في شهر فبراير (شباط) الماضي بنحو 20.902.193 مليون دولار أميركي. وعلى مدى عام، قدرت الدراسة أن يصل الرقم الذي تحصده عدة جهات في نيويورك، بفضل الأسبوع إلى 41 مليون دولار أميركي، تشمل 6 ملايين صرفت على الفنادق، و7 ملايين في المحلات و9 ملايين في المطاعم. هذا العام كانت نسبة 10 في المائة من هذا المبلغ من نصيب المناطق المحيطة بمركز لنكولن وحدها.

- الأسبوع هذا العام ديمقراطي أكثر، حيث يمكن لكل من لم يسعفه الحظ بحضور أي عرض، متابعته، أحيانا بشكل مباشر، على مواقع الإنترنت، مثل موقع: www.mbfashionweek.com.

أو على اليوتيوب http://www.youtube.com/liverunway، كما هو الحال بالنسبة لمارك جايكوبس وأوسكار دي لارونتا و30 مصمما آخر.

- المصمم فيليب أوليفيرا باتيستا سيقدم أول تشكيلة له لدار «لاكوست» بعد أن غادرها كريستوف لومير في العام الماضي ملتحقا بدار «هيرميس»