وسائد وأغطية ومفارش بنكهة التراث وروح دمشق القديمة

يطرح منها 18 تصميما كل عام.. أشهرها تلك المعتمدة على التراث الشامي

TT

إنها لوحة فنية وليست مجرد وسادة سأنام عليها، أو غطاء سألتحف به وأنا نائم على السرير.. صور كثيرة تتراءى للعين قبل أن يتناهى صوت أحد الزبائن من بلد عربي لسوق الحميدية بدمشق، وهو يقول لصاحب محل يتوسط السوق: «يا أخي أنتم (الشوام) شاطرين بكل شيء حتى في تحويل الأقمشة إلى لوحات فنية». كان ينظر إلى أغطية وسائد وآرائك وأغطية طاولات سفرة تفنن فيها صناعها يدويا وطرزوها بأجمل الرسومات والزخارف حتى غدت بالفعل عملا لافتا. يضحك صاحب المحل وهو يستمع لتعليق الزائر العربي قائلا له: «لمعلوماتك أنا مصري، لكنني قررت استثمار هذا المحل والتعاون مع حرفيين دمشقيين لتصنيع هذه التحف البيتوتية». ويقدم صاحب المحل، محمد فاروق، لـ«الشرق الأوسط» شرحا وافيا لهذه الأعمال التي تلقى إقبالا واسعا من مختلف الشرائح الاجتماعية والمهنية ومن المقبلين على الزواج، على وجه الخصوص؛ حيث تعتبر إحدى مفردات جهاز العروس في تقاليد الزواج السوري. يقول محمد: «هناك عدة نماذج وموديلات للوسائد والأرائك والأغطية حسب نوع القماش والخيط وهي (بريم على مخمل)، والبريم خيط سوري تقوم الحرفية بتطريزه على المخمل ومن ثم تقوم زميلتها بشكه بألوان متعددة تلمع. ويقوم بعد ذلك الحرفي بوضع الشكل المرغوب فيه على القماش وعادة ما يكون هناك أشخاص محترفون في الورش يسهرون على رسم هذه الأشكال والرسومات على الكومبيوتر قبل تنفيذها على القماش. بعدها تقوم الحرفية بزخرفتها يدويا، فتنتج لدينا مربعات وأطقم كاملة، مكونة من قطعة قماش كبيرة لطاولة السفرة و6 قطع صغيرة وأخرى لوضع علبة المحارم فيها وقطعة إضافية توضع على طاولة القهوة، أو على الصينية التي توضع عليها فناجين القهوة وهكذا». ويتابع: «هناك أنواع كثيرة بعضها بألوان زاهية وأخرى كلاسيكية، ومنها ما هو مستمد من أشكال تراثية أو من مناظر طبيعية تم تطريزها ونسجها بالنول اليدوي. ويمكن حصر هذه الأنواع في 18 نموذجا، منها وسائد وأغطية الحارة الشامية والبيت الشامي والغوطة ونهر بردى والنافورة في باحة البيت الدمشقي والجامع الأموي وسوق الحميدية ونواعير حماة وغير ذلك». وهي بالتأكيد، حسب محمد، تناسب جميع طرازات الديكور، سواء أكانت عصرية أم تقليدية، معلقا: «نحن نحرص على أن نقدم كل ما يحتاجه الزبون على شكل طقم كامل ومتجانس؛ فالمرأة التي تطلب مفرش طاولة مثلا يمكنها أن تشتري معه وسائد الكراسي والدواوين في صالونها من الشكل والرسومات والتطريزات نفسها، وكذلك الشيء نفسه بالنسبة لغطاء السرير؛ حيث تكون معه وسائد النوم من الشكل والرسومات والزخارف نفسها». ويتابع محمد أن ارتفاع أسعارها مبرر؛ لأنها أعمال يدوية، مما يجعلها مرتفعة نسبيا مقارنة ببضائع مقبلة من الصين، كذلك يختلف السعر هنا حسب القطعة، فما كان منها مشكوكا بالبرق أثمن من العادي، خصوصا أنه يحافظ على لونه فترة طويلة ولا يتأثر على العكس من الزخرفة الصينية التي تتلف وتفقد توهجها بعد فترة قصيرة من استخدام الأغطية في المنازل كونه مصنعا آليا وليس يدويا.

التصاميم تتغير حسب كل موسم لتلبية أذواق الناس في سوريا والزائرين والسياح، يتابع محمد: «نحن نلبي أذواق كل الناس؛ حيث نقوم بتصدير منتجاتنا إلى بدان كثيرة، خاصة إلى مصر، التي تعتبر كبرى الأسواق المستوردة للأغطية الدمشقية، خاصة الموديل المسمى (بريم على مخمل)». والطريف هنا - يبتسم محمد - أن أذواق الناس في البلدان التي يصدر لها تختلف، ليس فقط في انتقائها للتصميم، بل لعدد قطع الطقم الواحد. يقول: «المصريون والخليجيون يفضلون أن يكون الطقم مؤلفا من 4 قطع، بينما يفضل الكويتيون أن يكون الطقم الرباعي بنموذج محدد، وهو: قطعة مربعة وثانية مستطيلة والباقيتان طويلتان. وتطلب جنسيات أخرى طقما من 7 قطع تكون بنموذج محدد وهو: واحدة مربعة و4 طويلات وواحدة مستطيلة ونموذج لعلبة محارم. وخلال عملي لاحظت أن أهل الخليج لا يرغبون بقماش المخمل للأغطية ويفضلون عليه قماش الأورغنزا».

ويضيف أن طريقة استعمالها أيضا تختلف حسب الذوق الشخصي «فهناك من يعلقها على الجدران بما يتماشى مع ديكور المنزل، في حين أن أصحاب المطاعم والفنادق التراثية الذين يوجدون في دمشق القديمة يفضلون الأغطية المسماة آغباني من نسيج حرير مع قطن، وإضافة إلى شكله الجميل فهو يتحمل الاستخدام المتكرر».

وبالنسبة لمفارش الأسرَّة في غرف النوم يتحدث المختص بها سامر يونس في سوق الأروام المجاورة لسوق الحميدية بدمشق القديمة قائلا: «إنها تصنع يدويا في الغالب؛ حيث يكون الطقم فيها مؤلفا من مفرش كبير مع 4 وسائد، بنقشات وزخارف متنوعة، ومنها زخرفة السجادة والبحرة المذهبة، لكن يبقى أشهرها مفرش (باب الحارة) المستوحى من المسلسل الشامي الشهير، الذي يستغل نجاح المسلسل في تسويقه. وهو هنا عبارة عن مفرش كبير مزدوج مع وسادتين بنقشات تراثية كالصرما وغيرها، وظهرت هذه النقشات على مفرش غرفة نوم أم عصام، بطلة المسلسل، وهو مصنع من قماش الجاكار الجيد والثمين وبعدها صار يصنع من قماش أقل ثمنا كالشانيل والقماش الصيني والكوري».