مجوهرات من زجاج

دانا شماس.. لبنانية تعبر عن مزاجها من خلال الألوان

TT

ما من قطعة لديها تشبه الأخرى، هي مصممة مجوهرات لكن من الزجاج المتكسر.

علاقة فريدة تجمعها بالزجاج، فمنذ ثلاث سنوات وهي تستعمله في مجوهرات فنية، قبل أن تقرر لاحقا السير بها كمهنتها المستقبلية. هذه هي دانا شماس، التي تعتبر الوحيدة في لبنان المتخصصة في هذا النوع من المجوهرات. تقول دانا شماس في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «رغبت بصناعة شيء جديد لم يره أحد في لبنان من قبل، فوجدت عبر الإنترنت مجوهرات مصنوعة من زجاج في لندن وفرنسا وأميركا، أعجبت بها كثيرا واستمررت في البحث، حتى وصلت إلى حرفي عجوز يعتبر الأكثر مهارة في بريطانيا». لم تتردد ابنة الأربعة وعشرين عاما في السفر إلى لندن، للقاء الحرفي الإنجليزي بعد تلقيها موافقته عبر البريد الإلكتروني. مكثت أسبوعين في لندن، وهي مدة كانت كافية لتتعرف فيها على أسرار المهنة، بدءا من كيفية قص الزجاج إلى قطعه واختيار الجهة الأنسب للقيام بذلك، مرورا بالأنواع التي تتآلف مع بعضها البعض أثناء صهرها، وكيفية استعمال التقنيات الخاصة، لا سيما تعديل الحرارة اللازمة داخل الفرن.

صنعت في هذه الفترة عشرين قطعة جاءت بها إلى لبنان. بعد عودة خريجة الجامعة اللبنانية الأميركية بشهادة في تصميم الغرافيك «الغرافيك ديزاين» من لندن، وجدت أن سحر الزجاج لا ينحصر في اختلافه عن الذهب والفضة وحسب، بل في الفرادة التي تتمتع بها كل قطعة عن الأخرى بعد إنجازها. وهكذا، بدعم مادي ومعنوي من الأهل، انطلقت مسيرتها الفعلية في عام 2009، متشجعة بأن شروط الزجاج المطلوبة لا تتوفر إلا في دول بعينها، مما يعني أنها فريدة ويمكن أن تكون غالية الثمن.

واليوم تتحضر شماس لنيل شهادة الماجستير، بعد أربعة أشهر في اختصاص التسويق العام المرتبط بالألوان والأشكال، وذلك كترجمة عملية لشغفها بمهنتها.

اللافت في تصاميم هذه الشابة أن شخصيتها ومشاعرها وحالتها النفسية دائما ملموسة فيها، كما توضح وهي تشير بإصبعها إلى إحدى مجموعاتها داخل محترفها: «هذه المجموعة تذكرني بأنني لم أكن سعيدة أثناء صناعتها، مما يفسر أن ألوانها تتراوح بين الأسود والكحلي والرمادي». وتتابع: «الجنون في ألواني يحضر، عندما أكون سعيدة ومتفائلة، كاللون الأخضر والأصفر، والزهري والفوشيا، وغيرها من الألوان الفاتحة». ساعات طوال تقضيها شماس داخل محترفها قرب المنزل، خاصة أثناء تحضيرها مجوهرات جديدة لأحد معارضها، لتأخذ فترة راحة بعدها راصدة خلالها حركة البيع في المعرض. ويقدر نتاجها حتى اليوم بنحو 1500 قطعة، ومشاركة في 5 معارض في مناطق فاريا، فقرا، البيال، وسط بيروت التجاري. هذا وافتتحت محلا لعرض مجوهراتها، في منطقة الجميزة (بيروت) منذ سنة ونصف. وترى أن زبوناتها ينتمين إلى معظم الطبقات، منهن من يردن الابتعاد عن المجوهرات التقليدية، ومنهن من يبحثن عن كل ما هو فريد وجديد بغض النظر عن السعر. صحيح أن «بعض الزبونات يجدن الأسعار تفوق قدراتهن لكن هناك من يدركن أنهن يشترين فنا» كما تقول، مشيرة إلى أن سعر القطعة الواحدة يتراوح بين 30 و300 دولار، هذا في حال دخل الذهب والفضة أو معادن أخرى غالية الثمن في تركيبتها. وتعلق بأن الشريحة الأخيرة لا تهتم بالسعر، تماما مثل بعض المواكبات للموضة من اللواتي يتمتعن بإصرار عجيب على تنسيق خاتم مع قلادة أو عقد، حتى لو كلفهن الأمر التردد على المعرض أو المحل عدة مرات.

ويبقى للجانب الإنساني مكانته الخاصة عند شماس، إذ تبرعت بـ300 إسوارة تطلبت شهرين من العمل المكثف، إلى مركز سان جود لمرضى السرطان. وكانت حريصة من خلالها على إيصال 3 رسائل إلى أطفال المركز، عبر 3 تصاميم تحملها الأساور. الأول هو قوس قزح والذي يرمز بظهوره بعد سقوط المطر إلى الأمل بحياة جديدة. الثاني يحمل فراشة من زجاج للتذكير بمراحل نموها، فيما الثالث عبارة عن وردة، للدلالة على التفاؤل والحياة والطبيعة.

كان لا بد لشماس أن توسع دائرة الإبداع بصناعة أزرار خاصة بأكمام قمصان الرجال، نالت إعجاب أصدقاء والدها، حيث طلب منها معظمهم صناعة الموديلات والألوان التي تروق لهم. ورغم هذا النجاح، فهي لا تزال تطمح بالمزيد مبدية تفاؤلها بأن يصبح اسمها من بين أسماء كبار مصممي المجوهرات اللبنانية.