جون بورتمان.. أسلوبه المعماري يتميز بحالة من التوافق بين النفس والضوء

قال: يجب أن يتوجه الفن المعماري لكل شخص لا أن يقتصر على فئة بعينها

TT

في ستينات القرن العشرين، بدأ المهندس المعماري جون بورتمان في إدخال تغييرات على مشهد البناء في أتلانتا. بدأ أولا بـ«ميرشانديز مارت»، ثم في عام 1967، بفندق «حياة ريجنسي» الشهير. ويشتمل الفندق الذي يعد أول فندق حديث على طراز «الأتريوم»، وهذا طراز معماري يهدف إلى إرساء مفهوم الأجواء المفتوحة، على مصاعد زجاجية وأعمدة مضيئة ونوافير انسيابية ولدت مشهدا خلابا يمتزج فيه عنصرا المكان والضوء بشكل بديع، أو ما أطلق عليه ناقد الفن المعماري السابق بصحيفة «نيويورك تايمز»، هربرت موستشامب، اسم «الفن المعماري في ساعة سعيدة». واتجه بورتمان إلى بناء المزيد والمزيد من الفنادق والبنايات التجارية في العقود التالية، ومن بينها «ذي ويستين بونافينتور» في لوس أنجليس، و«ماريوت ماركيز» في نيويورك، ومركز «بيتش تري سنتر» الشاهق في أتلانتا. ولم تكن هذه المنشآت موفقة دائما؛ فبعض النقاد قالوا إنها كانت بمثابة جزر إسمنتية مقتطعة من المدينة. لكن من خلال عمله كمهندس معماري وتاجر عقارات في العديد من مشاريعه، بنى بورتمان مسيرة حياة مهنية مميزة على نحو استثنائي بين معاصريه من أنصاف الفنانين وأنصاف رجال الأعمال الحاذقين. بورتمان، البالغ من العمر الآن 86 عاما، لا يزال يدير شركته «جون بورتمان آند أسوشييتس»، الكائنة في أتلانتا بنفسه، وهو الآن محور فيلم وثائقي جديد يحمل عنوان «جون بورتمان: حياة من البناء»، الذي سيعرض لأول مرة في مهرجان أفلام الفن المعماري والتصميم في مانهاتن. تحدث بورتمان مؤخرا مع أحد الصحافيين عن مسيرة حياته المهنية وكانت هذه الحصيلة:

* بناياتك معروفة بسمات مسرحية مثل الفناءات الكبيرة المكشوفة والمصاعد الزجاجية شاهقة الارتفاع. لماذا تعمد إلى التصميم بهذا النمط المسرحي؟ - بمقدور أي شخص أن يشيد بناء به غرف، لكن يجب أن تضع البشر على أولوية تفكيرك، فأنت ترغب في أن تلهب حماستهم. عندما يركب الناس مصعدا كهربائيا زجاجيا يتحدثون ويتفاعلون مع بعض، بينما إذا استقلوا مصعدا مغلقا، فسينظر الجميع للأسفل إلى أحذيتهم. وكون المصعد زجاجيا يوسع مدارك البشر، يجب أن يحقق الفن المعماري حالة من الانسجام.

* ما رأيك في فنادق «البوتيك»؟ هل تمثل النقيض لأسلوبك؟

- ليس لدي اعتراض عليها. لكنهم يحاولون تخصيص أجواء لأنواع معينة من الأشخاص. أعتقد أن الفن المعماري يجب أن يتوجه لكل شخص لا أن يقتصر على فئة بعينها. إن فني موجه لكل إنسان.

* استغرق بناء فندقك «ماريوت ماركيز» في ساحة «تايمز سكوير» أكثر من عشر سنوات. هل البناء في نيويورك أصعب منه في مدن أخرى؟ - البناء في نيويورك عملية أكثر صعوبة، على المستويين المادي والمعنوي. كانت هناك المزيد من العقبات التي يتعين علينا اجتيازها، والمزيد من الأفراد الذين يجب إرضاؤهم، ولم يكن الوقت مثاليا من ناحية الظروف الاقتصادية. كنا نتعامل مع كل ذلك ونحاول البناء في «تايمز سكوير». احتاج الأمر وقتا طويلا لتحقيق الحلم على أرض الواقع. وعرضنا الأمر على ثلاثة محافظين هناك.

* لقد تعرضت بعض المباني التي أنشأتها، مثل فندق «ماريوت»، لانتقادات بسبب اقتطاعها من مساحات الشوارع. فماذا تقول بشأن ذلك؟ - لم يكن هناك مهرب من الأمر، فقد كانت الفكرة بأكملها في نيويورك هي بناء رئة داخلية، أي أن أنتشل الناس من ذلك الشارع المختنق، إلى هذه الحديقة الموجودة بالطابق الثامن، بكل ضوء النهار القادم من الأفق. كان الفندق مصمما بحيث يكون نقلة من حالة الاختناق والقلق إلى الرحابة والراحة.

* ما أبرز العوامل التي أثرت فيك في البداية؟ - تيفولي غاردنز كان أحدها. إنه مكان ترفيهي، ولكنه ينطوي على جوانب أعمق من ذلك. كما هناك ملاحظة الناس وهم يسيرون في شارع الشانزليزيه. حينما تجلس في أحد المقاهي، تكون من بين الجمهور، وحينما تسير في الشارع، تكون على خشبة المسرح. والناس يشعرون بالسعادة في لعب كلا الدورين.

* هل زرت قصر الحمراء في إسبانيا؟

- كلا، لم أزره.

* يا للأسف! في أوساط الفن المعماري، هناك قول شائع وهو أنه إذا ذهبت إلى قصر الحمراء، لن يبرح ذاكرتك. - لكل شيء تأثيره.

* أنت معروف ببناياتك التجارية، لكن مثلما يشير الفيلم الوثائقي، فقد بنيت أيضا منزلين رائعين لأسرتك، «إنتليتشي 1» و«إنتليتشي 2».

- معظم المهندسين المعماريين لا يبنون منازلهم. فأنت لا تجد من تلقي عليه باللوم إذا لم ينجح التصميم. لقد سألت نفسي: «ماذا كانت بداية الفن المعماري؟». في رأيي، كان ذلك حينما بنى الإنسان أول عمود وشكل أول مساحة. وقد نشأ مبنى «إنتيليتشي 1» من هذا التفكير.

وحينما اتجهت للشاطئ لبناء «إنتليتشي 2»، كانت أول صورة تخطر ببالي هي صورة الشمسية المغروسة في الرمال، والناس يجلسون أسفلها ويقرءون كتبا. أردت بناء يمتزج فيه الفن المعماري والطبيعة معا، وليس مجرد مبنى مغروس حوله عدد قليل من الأشجار.

* عندما يبني مهندس معماري منزلا لأسرته، هل يجب أن يعطي وزنا كبيرا لرأي زوجته؟

- هل تمزح؟ بكل تأكيد. طالما تفي بالمتطلبات الأساسية وبفلسفتك، فإذا كان أفراد أسرتك جزءا من العمل من البداية، فسيكلل بالنجاح.

* هل ما زلت تذهب إلى مكتبك؟

- الأسماك يجب أن تسبح والطيور يجب أن تطير. إنني أذهب إلى مكتبي ستة أيام في الأسبوع، وكنت سأذهب إليه سبعة أيام، ما لم أكن قد وعدت زوجتي بأخذ يوم إجازة.

* خدمة «نيويورك تايمز»