بيت تتداخل فيه الحياة الخاصة بالعمل

كانت النية منه المغامرة والاستثمار.. وتحول إلى مقر دائم لأسباب خارجة عن إرادة أصحابه

حتى باب المدخل طلي بلون أحمر برتقالي مشع
TT

عندما قامت رافييفارن تشوكسومباتشاي، وهي مهندسة وفنانة من أصل تايلاندي، بطلاء غرفة نومها باللون الأخضر ومطبخها باللون البرتقالي الفاتح، لم ينتَبها أي شعور بالقلق حول طول المدة التي ستتمتع فيها بهذه الألوان النابضة بالحياة. وقالت شارحة: «أنا أتبع حدسي دائما عند اختيار الألوان، ولكن هذا لا يمنع من أن هناك أيضا مساحة من الحرية يستمدها المرء من كونه يعيش ويعمل في أماكن ليست لها قيمة عاطفية كبيرة بالنسبة له؛ حيث إنني أخطط لهدم هذا المكان».

اشترت تشوكسومباتشاي، 50 عاما، التي تفضل أن يناديها الناس باسمها المجرد، رافييفارن، وزوجها آنذاك، رالف نيلسون، هذا المبنى الصغير المتداعي عام 1999، علما بأن تاريخ بنائه يعود إلى عام 1907. يقع المبنى في منطقة سوما بمدينة سان فرانسيسكو، وكان ضمن المباني التي سيتم هدمها وإحلالها بمبنى جديد، عندما اشتراه الزوجان بـسعر 345000 دولار. لم يكن هناك جدوى من تجديد المبنى؛ نظرا لأساساته المتداعية، وبالتالي فكر الزوجان، اللذان قاما بتأسيس شركة «لوم» للتصميمات، في إحلاله ببناء معماري يحمل طابع المغامرة ويكون بمثابة منزل واستوديو لهما، ما شجعهما أيضا أن المبنى كان يضم غرفتين في الطابق العلوي السكني كانا يأملان ببيعهما لسكان آخرين، فضلا عن متجر كانا يعتزمان تأجيره.

وقد فاز تصميمهما، المستوحى من فكرة حقيبة مفتوحة جزئيا محشورة في المكان الضيق، بجائزة العمارة التقدمية لعام 2002، لكن تنفيذ ذلك التصميم كان مسألة أخرى. فقد انفصل الزوجان بحلول الوقت الذي تمت الموافقة فيه على تصاريح البناء، كما أصبح من المستحيل الحصول على تمويل؛ نظرا لحالة الركود الاقتصادي التي تمر بها البلاد. وهذا هو السبب في أن رافييفارن، التي اشترت حصة زوجها من المبنى، ما زالت، بعد مرور أكثر من عقد من الزمان، تعيش وتعمل في المساحة الأصلية للمبنى، التي تبلغ 2000 قدم مربع، وهو المبنى الذي تحول من كونه مقرا مؤقتا إلى مقر دائم لها.

وقد اتضح لها، على الرغم من ذلك، أن العيش بهذه الطريقة يناسبها من الناحية الإبداعية؛ حيث تستكشف رافييفارن، التي تقوم بتدريس الهندسة المعمارية في جامعة كاليفورنيا بمدينة بيركلي، والتي أنشأت لنفسها استوديو للتصميمات خاصا بها يحمل اسم «فيف»، من خلال عملها الحدود الفاصلة بين الفن والهندسة المعمارية والمناظر الطبيعية والأثاث. وهذا ما يجعل منزلها في حالة تغيير مستمرة؛ فهي لا تفصل كثيرا بين معيشتها وعملها في المنزل.

للوصول إلى الاستوديو الخاص بها، يجد الزائر نفسه مضطرا للمرور عبر منطقة المعيشة والطعام؛ حيث تم وضع النماذج المعمارية والدراسات الفنية إلى جوار الأثاث والمتعلقات الشخصية. ويوجد بهذا الجزء من المنزل قطع من الأثاث من تصميم أيمز، وبرتويا، وسارينن وفلورنس نول، وقطع فنية من الخزف والسيراميك، يعود تاريخها إلى منتصف القرن الماضي، من أعمال راسل روزفيل وروسيل رايت، إلى جانب مجموعة من الملاءات الملتوية المعلقة من السقف (التي تعتبر نموذجا لملاءات مماثلة كان سيتم تركيبها في عام 2005 في مركز هيدلاند للفنون، الواقع في سوساليتو بولاية كاليفورنيا).

كان المالك السابق للمبنى، فلاديمير نيمكوف، الرسام الذي توفي عام 1998، قد قام بفتح الدور العلوي على الدور السفلى بشكل عمودي، من أجل مضاعفة مساحة استوديو الرسم الخاص به، والذي أصبح الآن استوديو «فيف» الخاص برافييفارن. بدورها أبقت الاستوديو على شكله القديم، كما أبقت على غيره من التدخلات المعمارية التي قام بها نيمكوف قبلها. ولكنها قامت بإضفاء «لمستها الخاصة» على المكان، من خلال إعادة طلاء الجدران المصفرة والزخارف البنية التي كانت تجعل المكان يبدو «أكثر قتامه وأصغر حجما»، بطلاء سقف وجدران كل غرفة بلون واحد، مثل طلاء الدهليز باللون الأحمر، وغرفة النوم باللون الأخضر، والمطبخ باللون البرتقالي، وذلك من أجل خلق سلسلة من الألوان في المكان.

وكانت النتيجة تناغم طلاء جدران غرفة المعيشة الرئيسية الأبيض، الذي أبرزه البلاط المنقوش بالكاروهات وانعكاسات الألوان في غرفة النوم والمطبخ، مع الأرضية من خلال كوى. توضح رافييفارن: «عندما تدخل المكان تبدأ عيناك تلتقطان بعض اللمحات من المساحات الأخرى، ومن تم تقرأ المشهد بالكامل». لكنه مشهد لم يكتمل بعدُ ويسير بوتيرة بطيئة، على الرغم من تطور مخطط تصميم المنزل سنة بعد سنة، فإن رافييفارن لا تزال تأمل في أن تستكمل البناء في يوم من الأيام.