العيش وسط عمل فني ومبنى من التاريخ الفرنسي

بناه الكاردينال ريشيليو عام 1629 ولا يزال يتمتع بالكثير من معالمه

TT

منذ زمن ليس بالبعيد، وعندما كان العاملون في مقر المصرف المركزي الفرنسي يحتاجون لرعاية طبية، كان عليهم فقط عبور شارع «رو دي فالو» وصعود سلالم القصر الملكي ليصلوا إلى عيادة طبيب المصرف. فقد كان المصرف يمتلك حصة كبيرة من هذا المبنى التاريخي الذي شيده الكاردينال ريشيليو عام 1629 ويعد من معالم باريس، بما في ذلك نصف مبنى «بوجوليه» ومبنى «فالوا» حيث يقيم ويعمل الطبيب. بعد انتقال الطبيب منذ عدة أعوام إلى مكان آخر، اعتزم المصرف ترميم الغرف المتهدمة المطلة على شجر الزيزفون المصطف بطول الباحة الداخلية.

وهذا ما شجع أماندا سايكس على تشجيع المصرف بالسماح لها بتأجير المبنى والإشراف على عمليات تجديده وترميمه، بل والمساهمة ماديا في ذلك بعد أن شحت إمكانات المصرف، علما أنها خريجة كلية التصميم بجامعة بارسونز في نيويورك، حيث درست فنون الديكور الفرنسي. كما قامت بتمويل بعض الأعمال قبل أن تتصل بالمصرف وتتعامل معه. كان اتفاقها مع المصرف في إطار عقد إيجار مدته ست سنوات تبدأ في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2009، بمبلغ يقدر بـ12 ألف يورو أو ما يعادل 16.520 دولار شهريا. تقول أماندا التي انتقلت إلى المبنى مع ابنها جورج في يونيو (حزيران) 2010: «لا يمكنك شراء مثل هذه الأماكن، حيث يريد المصرف دائما أن يعرف من الذي يقيم بها نظرا لإنتاج سبائك الذهب أسفل المبنى». وتضم لائحة جيرانها شخصيات مهمة مثل، جان لوي دوبريه، الذي تولى منصب رئيس الجمعية الوطنية منذ عام 2002 إلى عام 2007، بالإضافة إلى لوحة الموناليزا التي تقبع في متحف اللوفر في الجهة المقابلة من الشارع.

ويتكون القصر حاليا من غرفتي نوم وثلاثة حمامات كبيرة وحمام صغير، مما يجعل إجمالي مساحة المكان 180 مترا مربعا أو ما يعادل 1900 قدم مربع.

ورغم التغييرات الضرورية التي أجريت فيه، أبقت عملية التجديد على الملامح الرئيسية الأصلية قدر الإمكان. وقالت أماندا العضو في لجنة مقتنيات متحف «كوبر هيويت القومي للتصميم في نيويورك»: «أراد المصرف أن يطمس الكثير من التفاصيل التاريخية به مثل الخزانات ومواقد التدفئة، لكننا أبقينا عليها». وعملت أماندا على المشروع مع مسؤولين في المصرف والمهندس المعماري ألدو زولي، ومصممي الديكور الداخلي مايكل تشامبرز وإدوارد تشيرش.

مكان المقاعد الطويلة التي اعتاد المرضى أن يجلسوا عليها في انتظار دورهم في مقابلة الطبيب، ثبتت سايكس صفا من الخزائن المطلية بالإيريديوم، بلون أزرق لامع من إنتاج شركة سباركل والتي وجدتها في «ليتل شوب» Little Shop في مارياس.

وفي غرفة الطبيب، أصبحت خزائن الأدوية مكانا لبعض الدمى، وفي حمامه الذي كان في السابق غرفة الفحص، يوجد حوض أبيض عميق على شكل ملعقة، يحمل اسم «الحب»، من إنتاج شركة نوفيلو Novello.

وقد تم تقسيم غرفة المعيشة السابقة، التي تطل على الباحة الداخلية، إلى غرفتين طويلتين استخدمتا لأغراض المعيشة والطعام وكمكتب منزلي. أما الغرفة الرئيسية التي لا تزال تحتوي على أرضيات البلوط الأصلي والأسقف المرتفعة فهي مزينة بأريكة من «لو ديكور فرانسيز» Le Décor Français في نيويورك، ومسندة جلوس سوداء من «بوروليك براذرز» وسلسلة من اللوحات الغنية بالألوان التي وضعت فوق المدفأة الرخامية.

وقد تم شحن الأثاث من نيويورك من بيت عائلة سايكس، التي كانت تعيش في مبنى تاريخي آخر، بسان ريمو، على الجانب الغربي من سنترال بارك.

وتقول سايكس، التي يؤدي الباب الخلفي لشقتها إلى أروقة بالايس رويال Palais - Royal ومتاجر الأزياء والمقاهي المنتشرة فيه، ضاحكة: «الاختلاف هنا، هو أنك لن تضطر إلى قطع الشارع للوصول إلى الحديقة». وهي بهذا تشير إلى الأروقة التي أضيفت إلى القصر في ثمانينات القرن الثامن عشر وسرعان ما أصبحت واحدا من أشهر أماكن التجمع في المدينة.

وتشكل الباحة الداخلية وفناء المنزل منطقة لإعادة الإبداع وتحفيزه لدى طفلها جورج البالغ من العمر 9 سنوات. فهو يلعب الكرة حول منحوتات بول بيري، ويمارس التزلج بين الأعمدة المقلمة التي صنعها دانييل بيرن.

وتقول سايكس: «نحن نعيش وسط عمل فني، وقطعة رائعة من التاريخ الفرنسي».

خدمة «نيويورك تايمز»